البنوك الرقمية تهدد مستقبل المؤسسات المصرفية التقليدية

البنوك الرقمية تهدد مستقبل المؤسسات المصرفية التقليدية


لندن- تسارعت مفاجآت الصيرفة الرقمية بعد أن أضاف البنك المركزي الأيرلندي في أكتوبر الماضي، شركة غير متوقعة لقائمة مقدمي خدمات الدفع الرقمي هي “فيسبوك الدولية المحدودة”. وحصل عملاق التواصل الاجتماعي بموجب الترخيص على حق تقديم الخدمات المالية الأساسية مثل التحويلات المالية الإلكترونية لجميع مواطني الاتحاد الأوروبي.

ومكنت فيسبوك بالفعل مستخدميها من إرسال الأموال إلى بعضهم البعض في تطبيق “ماسنجر”، وبحسب المعلومات الأولية ستضيف الشركة الأميركية قريبا التحويلات المالية للشركات. وتشير الدلائل إلى أن الشركات التكنولوجية الكبرى تعمل على منافسة البنوك وتقديم نفسها كوسطاء ماليين يحلون محل البنوك التقليدية، مهددا بتحويل المؤسسات المالية الى مجرد إرث من خلال توفير البنية التحتية البديلة للبنوك عبر مواقع تكنولوجية مثل أمازون وغوغل أو فيسبوك.
ديفيد باركر: زمن سيطرة البنوك على الخدمات المالية لوحدها يوشك على النهاية

ويقول ديفيد باركر، رئيس الخدمات المصرفية في شركة أكسنتشر في المملكة المتحدة وأيرلندا إن “الزمن الذي كنا نعيشه عندما كانت كل الخدمات المالية تقدم من قبل البنوك يوشك على النهاية”. وأوضح أن شركات مثل غوغل وأمازون وفيسبوك والعديد من شركات التكنولوجيا التي لديها الكثير من الحميمية والعلاقة الطيبة مع عملائها سوف تكون بإمكانها المطالبة من البنوك المركزية للحصول على رخص لإنشاء خدمات مالية ستكون أفضل من البنوك الحالية.

ويعتقد باركر أن تلك المنافسة من هذه الشركات في المدى القصير لن يكون لها تأثير كبير، ولكن على المدى الطويل، فإن حصة شركات التكنولوجيا ستكون عملاقة لدرجة أن معظم البنوك قلقة من الخطر المحدق بها. ويتوقع أن تصبح الخدمات المالية جذابة لشركات التكنولوجيا لتقوم بانتزاع وظيفة البنوك قطعة وراء قطعة. وقال إن “أمازون تقدم الإقراض لصغار التجار، وغوغل وضعت زر شراء في إعلاناتها، وفيسبوك توفر التحويلات المالية، كل هذا يذكرنا كيف تطورت خدمات موقع ‘باي بال’ تدريجيا حتى أصبح بنكا إلكترونيا”.

وهناك تحد آخر آت من الشرق، حيث قامت الشركة الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية “علي بابا” عبر ذراعها المالية المتخصصة بالمدفوعات عبر الإنترنت بطلب الحصول على ترخيص للمعاملات المالية الإلكترونية في بريطانيا، في مسعى لتوسيع نشاطها المالي عالميا انطلاقا من أوروبا. وفي حال حصلت “علي بابا” على ترخيص في بريطانيا بخصوص السماح لها بتقديم الخدمات المالية والتي تشمل إصدار النقود الإلكترونية أو منح القروض في ظل ظروف معينة، فإنها ستتمكن من تقديم خدماتها المالية لزبائنها في جميع أنحاء أوروبا.

وإلى جانب فيسبوك، حققت خدمة الدفع عبر شركة أمازون تقدما مطردا، فحاليا تسمح هذه الشركة للبائعين على الإنترنت على موقع سوقها الإلكتروني أخذ المدفوعات في الولايات المتحدة وأوروبا. وتقدم الشركة أيضا القروض الصغيرة للتجار في الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان من خلال ذراعها المالية المتخصصة بالشركات التجارية “أمازون للإقراض”، والتي قدمت قروضا بلغ مجموعها أكثر من 1.5 مليار دولار مع إجمالي رصيد 400 مليون دولار قيد الإقراض.

وفي العام الماضي، طرحت شركة التجارة الإلكترونية أمازون ميزة “الدفع مع أمازون” في فـرنسا وإيطـاليا وإسبـانيا خـدمة مشـابهة لـ“باي بال” تتيح للمستخدمين دفع ثمن المشتريات في مواقع أخرى غير أمازون، بما في ذلك الخدمات الحكومية والتأمين والسفر. ويقول عملاق التكنولوجيا الأميركية إن حجم المبلغ على هذه الخـدمة تضـاعف تقريبا، واستخدم من قبل 33 مليون زبون في عام واحد.

وهناك الكثير ما يبرر للبنوك الشعور بالقلق بسبب نجاحات شركات التكنولوجيا، ففي يناير الماضي أظهر مسح لمؤسسة أكسنتشر في 18 بلدا، أن واحدا من ثلاثة زبائن للبنوك وشركات التأمين العالمية مستعد لتغيير حساباته البنكية إلى غوغل وأمازون وفيسبوك. وما يزيد قلق البنوك ليس فقط خيبة الأمل لدى زبائنها، بل إعداد تشريعات للاتحاد الأوروبي التي ستصدر العام المقبل، إذ تعزز المنافسة تحت اسم “المصرفية المفتوحة” وذلك عن طريق إجبار البنوك على السماح لطرف ثالث، مثل أمازون أو فيسبوك، للوصول إلى بيانات العملاء الذين تأذن لهم.

ويقول كريس ماكميلان، الشريك في شركة الاستشارات الإدارية أوليفر وايمان، والتي تتخصص في مجال الخدمات المالية إن “القانون الجديد سيسمح لشركات التكنولوجيا التعامل مع المدفوعات للأفراد والتجار مباشرة من الحسابات الجارية بطريقة تتجاوز البطاقة البنكية”. وأشار إلى أن هذه الشركات قادرة على تجميع بيانات من عدة بنوك في مكان واحد وتحت هذه التشريعات الجديدة ستكون البنوك مضطرة للرد وتسليم شركات التكنولوجيا هذه المعلومات.

العرب اللندنية