سيطر عناصر من قوات البيشمركة الكردية لفترة وجيزة على منشأة نفطية في محافظة كركوك الغنية بالنفط ومنعوا تدفّق الخام في أحدث مظهر على سياسة لي الذراع التي باتت سلطات إقليم كردستان العراق تنتهجها ضدّ الحكومة المركزية في بغداد لتحصيل مكاسب يتجاوز بعضها المطالب المادية الآنية، إلى تقرير مصير الإقليم بشكل مستقلّ عن الدولة العراقية.
واستفادت سلطات الإقليم وقوّاته المسلّحة من واقع الحرب على تنظيم داعش في العراق، وأيضا من تراجع هيبة الدولة العراقية وفوضى السلاح التي تجسّدها ظاهرة الميليشيات الموازية للقوات النظامية، لتصعيد مطالبها من بغداد مستخدمة المكاسب الميدانية التي حققتها القوات الكردية من خلال مشاركتها في قتال تنظيم الدولة الإسلامية، ورقة للمساومة في عدّة قضايا بما في ذلك قضيّة استقلال الإقليم.
وقضية تقاسم عوائد النفط والأحقية بتولّي عملية تصديره من القضايا الخلافية الشائكة بين حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة المركزية، وهي قضية متصلة أيضا ما يعرف بقضية المناطق المتنازع عليها، وأكثرها أهمية على الإطلاق كركوك الغنية بالنفط والتي ما ينفكّ أكراد العراق يطالبون بها، وقد تمكّنوا من توسيع سيطرتهم على أجزاء منها خلال حرب داعش.
وقال مسؤول تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في محافظة كركوك آسو مامند، إنّ “دخول قوة عسكرية إلى شركة نفط الشمال جاء لإيصال رسالة إنذار إلى بغداد مفادها وجوب التوقف عن قرار إرسال نفط كركوك إلى المحافظات العراقية الأخرى في حين أن المحافظة في أمسّ الحاجة إلى ذلك النفط”.
وأمهل بغداد مدة أسبوع للبدء بإنشاء مصفاة نفطية في كركوك، مهددا بالسيطرة على الشركة بالكامل في حال عدم تنفيذ بغداد لهذا المطلب.
ويسجّل متابعون للشأن العراقي وجود مخاوف جدية لدى الحكومة العراقية من أن يعمد الأكراد إلى الاستيلاء على جزء من مدينة كركوك النفطية وضمه إلى الإقليم الكردي.
ويرى هؤلاء أن ما أقدمت عليه القوّة الكردي يبدو أمرا طبيعيا في ظل امتداد سلطة الميليشيات إلى الشارع ومنه إلى مراكز القوى التي تتنازع في ما بينها على سلطة القرار في بغداد.
ويتوقّعون أن لا يكون التصرف الكردي سوى محاولة لجس النبض في ما يتعلق بقدرة بغداد على حماية المنشآت النفطية، وخطوة أولى للتمهيد لأسلوب جديد سيعتمده الزعماء الأكراد في التعامل مع مسألة كركوك التي سبق لجلال الطالباني يوم كان رئيسا للعراق أن اعتبرها “قدس الأقداس”.
واقتحام المنشأة النفطية جزء من خيار القوّة الذي بدأ أكراد العراق يلوّحون به لضمّ مناطق عراقية يعتبرونها جزءا من إقليمهم.
وأكّد رئيس أركان البيشمركة الكردية الفريق جمال محمد أنّ قواته لن تنسحب من المناطق التي استعادتها من تنظيم داعش.
وأضاف محمد في تصريح صحافي “قوات البيشمركة قدمت نحو ألفي شهيد و12 ألف جريح في الحرب ضد تنظيم داعش.. وانسحابها من تلك المناطق ليس قابلا للتفاوض”.
وتعليقا على نفس الموضوع انتقد النائب بالبرلمان العراقي عن محافظة نينوى عبدالرحمن اللويزي ما سمّاه سكوت حكومة العبادي على تمدد حدود إقليم كردستان على 5 أقضية من مجموع 9 في المحافظة المذكورة بالإضافة إلى نواح في أقضية أخرى، وفيما أكد أن عودة الأراضي إلى المحافظة ستكون من أكبر العقبات التي ستواجه الحكومة بعد استكمال الحرب على داعش.
صحيفة العرب اللندنية