يعيش أقباط سيناء فترة هي الأسوأ في تاريخهم، بعد إقدام المتشددين على قتل سبعة من أهالي سيناء من الأقباط، بذريعة عدم الانتماء للإسلام ومناصرة النظام المصري.
وأرغم أكثر من مئة أسرة على الهجرة من حي العريش، إلى محافظة الإسماعيلية المجاورة لقناة السويس، إلى حين استقرار الوضع الأمني والعودة إلى ديارهم.
وردت الرئاسة المصرية على نزوح الأسر المسيحية باجتماع رفيع المستوى برئاسة عبدالفتاح السيسي، أكدت فيه رفضها ما يحدث، وأعلنت عن تحرك وزاري لدعم من أسمتهم بـ”الوافدين” من سيناء.
وكانت هذه الهجرة من الأسباب الرئيسية التي دفعت بالجيش إلى تكثيف ضرباته على معاقل الإرهاب في سيناء، والكشف عن البعض من تفاصيل الحرب الدائرة في جبل الحلال.
ولفت المفكر المصري القبطي، جمال أسعد في تصريحات صحافية أن “هذا النزوح لم يكن الأول بل سبقته أعمال إرهابية ضد المسيحيين، ولم تستطع أن تؤثر على العلاقة بين النظام والمسيحيين”.
ورأى أن الرأي العام سواء كان مسيحيا أو مسلما يعلم أن الهدف من هذه التهديدات الصادرة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية هو ضرب العلاقة بين نظام 30 يونيو وبين المسيحيين.
ويتفق معه الناشط المسيحي، إسحق فرانسيس، في أن النزوح الأخير لن يساهم في تراجع شعبية السيسي لدى المسيحيين.
ويقول فرانسيس إن “الهدف من الأحداث الأخيرة إذكاء الصراع الطائفي بالبلاد، وإحداث التفرقة بين النظام والمسيحيين، متوقعا “عدم خروجهم من عباءة النظام حاليا”.
واتفق أسعد وفرانسيس على أن “النظام السياسي المصري استجاب لبعض مطالب الكنيسة، وأقر قانون بناء الكنائس (بموافقة برلمانية في 30 أغسطس) بعد مماطلة واسعة في العهود التي سبقته”.
وأكد مختار غباشي، نائب مدير المركز العربي للدراسات الإستراتيجية (غير حكومي) أن “ما يحدث لمسيحيي سيناء لن يغير من دعمهم للسيسي”.
وذهب الخبراء إلى أن السبب الثالث في عدم تراجع شعبية الرئيس بين المسيحيين إقراره عرفا جديدا بزيارته للكنيسة كل عام في احتفالات عيد الميلاد، إضافة إلى العلاقة الوطيدة بينه وبين البابا تواضروس.
وحول ما يتردد عن وجود اختلاف بين الرؤية الرسمية للكنيسة والنظام، لفت المفكر جمال أسعد، إلى أن “هناك كتلة صامتة هي الأكبر بين الأقباط (تقدر الكنسية مسيحيي مصر بـ15 مليون نسمة من بين نحو 93 مليونا هم سكان البلاد)، يمكن تسميتها بحزب الكنبة (غير المؤدلجين) غالبيتهم يرون رأي الكنيسة”.
وأضاف أن “التقارب بين الكنيسة والنظام السياسي، يعود إلى هؤلاء غير المؤدلجين سياسيا، وبالتالي يتبعون وجهة نظر الكنيسة السياسية دائما”.
لكن لا تتفق جميع آراء الخبراء في تناول تأثير الأحداث الأخيرة التي تعرّض لها المسيحيون والنظام المصري حيث اعتبر حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن “رؤية الكنيسة المصرية، لا تنطبق على غالبية الأقباط في مصر، فالكنيسة أرثوذكسية، وهي طائفة قبطية واحدة، ضمن طوائف أخري للأقباط كالكاثوليك، والبروتستانت، وبالتالي الرأي الكنسي لا يعبّر عن الجميع”.
وفيما تشير التقديرات الكنسية إلى أن عدد المسيحيين بمصر يبلغ 15 مليون نسمة، تعترف بمصر بثلاثة طوائف وهي الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية، وتتقدم الطائفة الأولى بشكل كبير على مستوى الأتباع، بنحو 75 في المئة، وفق تقديرات غير موثقة.
وأوضح حسن نافعة أن “الكنيسة المصرية رغم أنها مؤسسة دينية، إلا أنها منخرطة في العمل السياسي، فعندما يكون هناك نقص في حماية الدولة للأقباط تدخل الكنيسة تبعا لذلك”.
ويفسر ذلك “بعدم وجود حزب سياسي يعبّر عن الأقباط المصريين وبالتالي يكون صوت الكنيسة هو الأعلى”.
وأقر نافعة، بوجود “حالة غضب كبيرة حاليا في الشارع المصري، ليست في صفوف المسيحيين وحدهم، إلا أنه لا يوجد سبيل لحدوث هبة شعبية، أو ثورة جديدة”.
صحيفة العرب اللندنية