تصاعدت حدة الخلافات بين الأحزاب الكردية العراقية بعد سلسلة أحداث تسببت في تدهور العلاقة بينها خلال الأيام الماضية. وتأزمت تلك العلاقة أكثر بعد اقتحام قوات تابعة للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة رئيس الجمهورية السابق جلال الطالباني الخميس الماضي مصفاة كركوك (شمال بغداد) وإيقاف تصدير النفط عبر الأنبوب التركي.
وقد اعتبر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني تلك الخطوة محاولة للتمرد على اتفاق أبرمه مع رئيس الحكومة حيدر العبادي في سبتمبر/أيلول الماضي خلال زيارة البارزاني بغداد وصفها مراقبون بـ”التاريخية”.
رسائل حزب الطالباني
ويرى النائب عن حركة تغيير مسعود حيدر في سيطرة الاتحاد الكردستاني على شركة نفط الشمال في كركوك خطوة تحمل الكثير من الرسائل لا سيما إلى بغداد بأن عليها التعامل مع القوى الرئيسية التي بيدها السلاح ومنها الاتحاد الكردستاني في أي اتفاق نفطي، وفق تعبيره.
ويضيف حيدر أن “الرسالة الأخرى موجهة إلى حزب البارزاني بأن حزب الاتحاد الكردستاني يمكنه السيطرة على منابع النفط في كركوك، ورسالة ثالثة لتركيا التي يفترض فيها إيقاف الهجوم على القوات الكردية في أي مكان، سواء داخل الحدود العراقية أو خارجها”، في إشارة لأكراد سوريا وتركيا.
ورفض حيدر التعليق على الاتهامات الموجهة إلى نوري المالكي نائب رئيس الجمهورية بالوقوف وراء وقف ضخ النفط وتحويله لإيران، وقال “رغم صعوبة تنفيذه، فإن قرار تصدير نفط كركوك لإيران قيد الدراسة”، مؤكدا أن “النفوذ الإيراني موجود سواء في الإقليم أو بغداد وفق معادلة المصالح الإقليمية حيث تحاول تركيا أيضا الحفاظ على عمقها الإستراتيجي في المنطقة”.
وسبق للنائبة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بيريوان خيلاني أن اتهمت المالكي بالوقوف خلف الأزمة السياسية في كركوك، والدفع لإشعال حرب أهلية بين الأحزاب الكردية في كركوك للسيطرة على تصدير نفط المحافظة (الغنية بالنفط) لمصلحة دولة إقليمية جارة.
ويرجع النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محسن سعدون الخلافات الكردية إلى عدم تشريع القوانين المهمة وخاصة ما يتعلق بتنظيم الموارد النفطية في البلاد، مستغربا اعتراض باقي الأحزاب الكردية على الاتفاق الأخير بين البارزاني والعبادي مع أنه كان معلنا وواضحا للجميع في الإقليم.
وأشار إلى أن الاتفاق نصّ على تصدير خمسمئة ألف برميل يوميا (300 ألف برميل من آبار كركوك و250 ألفا من آبار الإقليم الأخرى)، وأيضا على إشراف شركة “سومو” الاتحادية على عملية التصدير مقابل التزام بغداد بدفع رواتب موظفي الإقليم ضمن الموازنة العامة.
الحل في الحوار
ويؤكد المتحدث باسم إقليم كردستان طارق جوهر أن مطالب مدينة كركوك تتطلب من الحكومة الاتحادية استجابة سريعة واهتماما أكبر لوجود “مشاكل حقيقية، وعلى بغداد أن تدرك أهمية هذه المدينة التي أعطت للجميع من وارداتها النفطية بالجلوس والحوار من أجل حل مشاكلها”.
وكشف جوهر أن بغداد طلبت مهلة أسبوع لإيجاد حل، والالتزام بالاتفاق المبرم مع محافظها، ويقضي بفتح مشاريع إستراتيجية وأن يكون لها قرار في مواردها النفطية، فضلا عن توفير فرص عمل لمواطنيها باختلاف قومياتهم.
ورفض عضو ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي الذي يتزعمه المالكي التعليق على الموضوع.
إعادة تموضع
ويرى رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري أنه بسبب أزمتها السياسية تسعى الأحزاب الكردية لإعادة تموضعها ليس على أساس البعد القومي، وإنما على أساس اصطفافات عابرة لجغرافية العراق، ويقول إن “رائحة البارود عادت من جديد بين الأطراف الكردية، واحتمال الصراع واستخدام السلاح أصبح واردا مع حجم التدخلات الإقليمية”.
ويوضح الشمري أن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها إقليم كردستان، والإخفاق في حل أزمة رواتب الموظفين أدت لتلاشي صورة حزب الاتحاد الكردستاني لدى جمهوره، مشيرا إلى أن حزب الطالباني توجه إلى نفط كركوك التي هي ضمن مساحة نفوذه، لأنه يرفض هيمنة الحزب الديمقراطي الكردستاني على مقدرات نفط الإقليم.
الجزيرة