في إطار التحالف الدولي في محاربة تنظيم داعش بالعراق وفي إطار تعزيز العلاقات الأمريكية العراقية في عهد إدارة دونالد ترمب، تسلمت الحكومة العراقية 24 آذار/مارس الحالي من الإدارة الأمريكية أربع طائرات قتالية من نوع “F16”. حيث تتميز هذه المقاتلات بوجود معدات ليزرية لا توجد في مقاتلات “F16” الموجودة في منطقة الشرق الأوسط باستثناء المقاتلات التي حصلj عليها الحكومة العراقية. كما أن صواريخها التي تطلقها تلك المقاتلات تتميز بفعل معداتها الليزرية بدقة متناهية في إصابة أهدافها، وأن نسبة الخطأ فيها معدومة تماماً بمعنى آخر نسبة الخطأ صفر مئوي.
ومن المفيد الإشارة هنا، أن هذا الإستلام جاء ضمن صفقة سلاح يتم بموجبها قيام الولايات المتحدة الأمريكية ببيع الحكومة العراقية مقاتلات من نوع”F16″، ويعود تاريخ هذه الصفقة إلى 17 تموز/يوليو عام 2015م، حيث استلمت الحكومة العراقية مقاتلتين كأول وجبة من تلك الصفقة. وكانت أول طلعة قتالية لهما ضد تنظيم داعش في تاريخ 2 أيلول/سبتمبر من ذلك العام، واستطاعت تلك الطلعة أن تحقق أهدافها العسكرية حيث دمرت معامل التفخيخ في الحويجة ومقرات قيادة تنظيم داعش في بيجي. ومن ثم وصلت الوجبة الثانية والثالثة والرابعة من مقاتلات “F16” وتتكون من أربع مقاتلات في كل وجبة. وتستمر هذه الوجبات من مقاتلات “F16” في الوصول إلى العراق حتى تصل 24 مقاتلة في نهاية هذا العام. بينما ستصل إلى 30 مقاتلة في بداية عام 2018م. وحاليًا يوجد في مدينة توسان في ولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية مجموعة من الطيارين الحربيين العراقيين الأبطال للتدريب على تلك المقاتلات. فهذه المقاتلات تعتبر مهمة جدا في الدفاع عن سيادة العراق وعدم انتهاكها، وخطوة مهمة جدا لكي يعزز العراق من قوته المادية حيث تشكل القوة الجوية إحدى أركانها الأساسية.
ولتقديم الدعم اللوجستي للعراق في حربه ضد الإرهاب والمتمثل بتنظيم داعش، يوجد في قاعدة “بلد” العسكرية شركة “لوكهيد مارتن” وهي الشركة المُصنعة لمقاتلات”F16″. حيث استفاد العراق من هذا التواجد، فالعراق والتحالف الدولي يخوضا حربًا شرسة ضد إرهاب داعش، وهذه الحرب تعتمد بشكل كبير جداً على القوة الجوية، حيث استطاعت القوة الجوية العراقية بما تمتلكه من مهارة عسكرية وتقنية وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية أن تحل مشكلة شُح صواريخ “هيلفاير” الموجهة في منطقة الشرق الأوسط، من خلال إمتلاك خزين كبير من هذه الصواريخ.
يأتي هذا الاستلام ليؤكد أن العراق يشكل منظور صانع القرار الأمريكي مكانة مهمة في المدرك الاستراتيجي الأمريكي، وأن هناك علاقة طردية موجبة بين مكانة العراق في المدرك الاستراتيجي الأمريكي وبين توجهات الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، أي أنه كلما نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في إدراك هذه المكانة ومقوماتها بشكل ملائم والتعامل معها بشكل إيجابي نجحت في تحقيق أهدافها الاستراتيجيه في الشرق الأوسط، في حين أنه كلما كان هناك قصور في التعامل معها أو سوء فهم أهميتها انعكس القصور سلبا على إمكانية تحقيق أهدافها المحورية فيه.
كما يأتي ذلك الإستلام ليؤكد على أن الحكومة العراقية وقواتها الجوية التي استعادت عافيتها العسكرية والقتالية تحظى بثقة إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترمب، ومرد هذه الثقة الإنجازات العسكرية التي حققتها الحكومة العراقية وقواتها الجوية في حرب تطهير العراق من تنظيم داعش. فالعراق على الرغم من كل الظروف الصعبة التي مر بها منذ عام 2003م، وحتى يومنا هذا، يبقى دولة محورية في المعادلات الإقليمية والتوازنات الإستراتيجية -من الصعوبة بمكان تجاهلها- في منطقة الشرق الأوسط.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية