أوفيدو (إسبانيا) – انطلقت السبت في مدينة أوفيدو الإسبانية فعاليات الدورة الحادية عشرة لمؤتمر المغتربين العراقيين بزخم جديد وعزم على انتظام عقده سنويا بعد انقطاعات كثيرة منذ انطلاق أول مؤتمر في بداية تسعينات القرن العشرين.
وكشف جدول أعمال المؤتمر الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام عن طموحات كبيرة جدا يدور حولها عدد كبير من الفعاليات وجلست الحوار التي تتواصل على مدى أكثر من ثماني ساعات يوميا.
وشهدت جلسة الافتتاح حضور نحو 300 شخصية بينها نحو 50 من ممثلي المنظمات الإسبانية والأوروبية والدولية المعنية بالقضايا الإنسانية، إضافة إلى ممثلي عدد من وسائل الإعلام العربية والعالمية.
وتحدث رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر عبدالمنعم الملا في افتتاح المؤتمر عن طموحات كبيرة لتوحيد جهود المغتربين العراقيين في وقت تم فيه التركيز على رفض الوضع السياسي الحالي في العراق بالمطلق.
وذهبت جلسات اليوم الأول بعيدا في الأهداف الكبيرة دون أن تقدم سيناريوهات عملية يمكن أن تستقطب الأعداد الكبيرة من المغتربين في ظل غلبة فصيل واحد من المتحمسين لنظام حزب البعث العربي الاشتراكي الذي حظي ذكره بأعلى درجات التصفيق.
وبدا حضور حزب البعث واضحا في الجلسة الافتتاحية من خلال الأناشيد الوطنية المرتبطة بتلك المرحلة واستخدام علم العراق السابق وعزف النشيد الوطني السابق ووضع صورة الرئيس الراحل صدام حسين على شاشة كبيرة في خلفية جلسات المؤتمر، رغم الحديث عن الانتماء للوطن دون حدود أو قيود.
وحفلت كلمات ممثلي المشاركين العرب والأجانب بحماس أكبر من كلمات المشاركين العراقيين في ذكر ما تصفه بإنجازات حزب البعث والرئيس صدام حسين والأمين العام لحزب البعث عزت الدوري.
وتحدث في المؤتمر عدد كبير من ممثلي منظمات أجنبية من إسبانيا وألمانيا والبرتغال وبلجيكا ودول أخرى إضافة إلى مشاركين من دول عربية عديدة إضافة إلى الأحواز.
وغلب على كلمات المشاركين الأجانب التنديد بسياسات البلدان الغربية وخاصة الولايات المتحدة ومسؤوليتها عن الدمار الذي لحق بالعراق والمنطقة العربية وخاصة بسبب غزوها للعراق في عام 2003.
وانتقد عدد من المشاركين المستقلين في تصريحات لـ”العرب” طالبين عدم ذكر أسمائهم قلة انفتاح منظمي المؤتمر على الشرائح الكبيرة للمغتربين المستقلين بسبب هيمنة حزب البعث والإغراق في تمجيد النظام السابق.
وتمنى بعضهم لو تم تخفيف تلك النبرة للسماح بضم جهود الشرائح الأوسع من المغتربين وفتح نوافذ للتواصل مع الشرائح المعارضة والرافضة للنظام الطائفي في الداخل.
وعقد المؤتمر تحت شعار “حبنا للعراق وجذورنا فيه أينما نكون” لكن جلسات اليوم الأول فتحت نافذة لمناقشة الأوضاع في بلدان عربية أخرى مثل اليمن وسوريا وليبيا والأحواز.
مشاركون مستقلون يؤكدون في تصريحات لـ”العرب” طالبين عدم ذكر أسمائهم قلة انفتاح منظمي المؤتمر على الشرائح الكبيرة للمغتربين المستقلين بسبب هيمنة حزب البعث والإغراق في تمجيد النظام السابق
كما كانت هناك مساحة واسعة للأناشيد والقصائد الحماسية التي ركزت على أمجاد العراق، إضافة إلى فيلم وثائقي عن حضارات العراق من السومريين والبابليين والأشوريين وصولا إلى ما تصفه من إنجازات ثورة حزب البعث في يوليو 1968.
وركز الفيلم على استمرار النضال لاجتثاث النظام الطائفي الحالي دون تحديد آليات عملية لتحقيق ذلك الهدف. وتضمن انتقادات لمعظم الدول المجاورة ومسؤوليتها عن دمار العراق.
ولاحظت “العرب” أن الأغلبية الساحقة من المشاركين كانوا من كبار السن ممن عملوا في الدولة العراقية قبل الغزو الأميركي للعراق وغياب الأجيال اللاحقة من المغربين الشباب.
وبعد نبرة الافتتاح الحماسية بدأت جلسات المؤتمر بتناول البرامج والطموحات الكبيرة بحثا عن خطوات عملية للانفتاح على الفئات الأخرى.
وتجرأ منذر مأخوس على الخروج على الانغلاق الحزبي ونقد أخطاء الماضي وأكد ضرورة الانفتاح على الأطراف الوطنية من الشباب في داخل العراق لكي لا تبقى الأطراف المشاركة منغلقة على الماضي.
وقال صباح المختار رئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا لـ”العرب” إن الاجتماع خطوة مهمة لجمع عدد كبير من المغتربين العراقيين رغم عدم ضمه للكثير من الفئات.
وقال إن هناك تمترسا حادا بين الأطراف العراقية ومعظمها غير مستعد للحوار مع الأطراف الأخرى. وأضاف أن اللوم لا يقع فقط على حزب البعث بل على الأطراف الأخرى الرافضة للتحاور معه.
وقال خضير المرشدي إن الفساد وبرنامج التجهيل والإفقار المتعمد في العراق الذي تقوده إيران والمرجعيات الدينية المرتبطة بها والتي تقوم بدور حاسم في رسم السياسات هي التي أدت إلى انهيار البلد.
وأكد أن استمرار غياب أيّ حلول عملية لإنقاذ العراق وإعادة بنائه على أسس وطنية يهدد بظهور ما هو أخطر من تنظيم داعش.
وقال إن هناك اليوم جيلا من الشباب لديه وعي وحماس وطني يفوق حماسنا جميعا وأن ثورتهم قادمة لا محالة رغم جميع أساليب القمع التي يتعرضون لها داخل العراق.
وذهب عدد من المتحدثين العرب ومنهم الكاتبة اللبنانية حميدة نعنع إلى نقد استمرار انغلاق الأحزاب القومية المأزومة وقالت إننا يجب أن ننسجم مع العالم المتحضر الذي أصبح ينظر إلى الأحزاب القومية على أنها أحزاب عنصرية وإقصائية وانعزالية.
وقال عبدالأمير الانباري ممثل العراق الأسبق في الأمم المتحدة إن المتحدثين عن ضرورة إجراء المصالحة هم جوهر أسباب الصراع الحالي في العراق. وأكد أن الشعب العراقي متضامن ولا يحتاج إلى مصالحة إذا زالت تلك القوى الطائفية.
وحظي المؤتمر بدعم كبير من سلطات إقليم أستورياس الإسباني التي حضر كبار مسؤوليها جلسة الافتتاح والتي لديها سجل طويل في علاقات الصداقة والدفاع عن القضايا العربية وسبق أن استضافت الكثير من النشاطات المرتبطة بالعالم العربي.
وركزت كلمات مسؤولي الإقليم ولجنة دعم القضايا العربية في إسبانيا التي تأسست في ثمانينات القرن الماضي على دعمها الكبير لجميع الجهود الإنسانية التي تدعم ثقافة إرساء السلام والاستقرار والحقوق المدنية في جميع أنحاء العالم.
وكان حجم الدعم الذي قدمه الإقليم واضحا في ترتيبات انعقاد المؤتمر في أفخم وأكبر مركز للمؤتمرات في الإقليم والعدد الكبير من الموظفين الذين وفروا جميع التسهيلات الممكنة للمؤتمر.
ومن المقرر أن تدخل جلسات الأحد والاثنين في وضع سيناريوهات عملية لتشكيل أُطر جديدة تضم أوسع شرائح المغتربين وخاصة المهنيين والمتخصصين والتحرك على المجتمع الدولي لإيجاد حلّ للأزمات العراقية وإزالة النفوذ الأجنبي وخاصة الإيراني.
العرب اللندنية