الرياض – أعلن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن المملكة ستبدأ في 2018 بناء مدينة ترفيهية ضخمة قرب الرياض باستثمارات محلية وخارجية على أمل جذب السياح ودعم خطط تنويع الاقتصاد.
ويعكس هذا المشروع الضخم، وفق متابعين للشأن السعودي، رغبة في توسيع دائرة الإصلاح من بعده الاقتصادي الصرف ليشمل البعد الاجتماعي ويقود نحو انفتاح تدريجي باتجاه الثقافة والترفيه والسياحة.
وقال ولي ولي العهد إن هذه المدينة ستصبح معلما حضاريا بارزا ومركزا مهما لتلبية رغبات واحتياجات جيل المستقبل الترفيهية والثقافية والاجتماعية في المملكة.
وأوضح أن هذا المشروع الرائد والأكثر طموحا في المملكة يأتي ضمن الخطط الهادفة إلى دعم “رؤية المملكة العربية السعودية 2030” بابتكار استثمارات نوعية ومتميّزة داخل المملكة تصب في خدمة الوطن والمواطن وتسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني ودفع مسيرة الاقتصاد السعودي وإيجاد المزيد من الفرص الوظيفية للشباب.
وقال الأمير محمد بن سلمان، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء السعودية الرسمية، إن منطقة القدية جنوب غرب العاصمة ستكون موقع “أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية نوعية في المملكة (…) حيث تعدّ الأولى من نوعها في العالم بمساحة تبلغ 334 كيلومترا مربعا”.
وأوضح أن المدينة ستضم “أنشطة نوعية تم اختيارها بدقة” وبينها منطقة سفاري كبرى ومجمع ألعاب ضخم ومسابقات رياضية ومغامرات مائية وسباقات سيارات. كما أنها تضم مطاعم وفنادق فخمة أملا بجذب الزائرين في “عاصمة المغامرات المستقبلية”.
وقال المتابعون إن قيمة المدينة الترفيهية الكبرى لا تتوقف عند البعد الاستثماري المباشر، لافتين إلى أنها خطوة جادة نحو إصلاح أشمل تضمنته رؤية المملكة 2030 ولم يحظ بالاهتمام الكامل وهو الانفتاح على الثقافة والترفيه والسياحة كعناصر ضرورية في أيّ تنمية.
وأشاروا إلى أن وجود مشروع ترفيهي ضخم سيعني ربط السعوديين بالحياة بدل التفكير المتشدد الذي يضيق على الناس في معيشتهم ويلزمهم بإخفاء مشاعرهم وطاقاتهم وتذكيرهم دائما بالموت وكأن الدّين مناقض للحياة.
ومن الواضح أن المشروع السعودي الضخم جاء متحديا لهذه الرؤية المتشددة فقد أكد الأمير محمد بن سلمان أن “المشروع يمثل دعما قويا وحافزا مهما لجذب الزائرين بوصفه عاصمة المغامرات المستقبلية وسيصبح خيارهم الأول والوجهة المفضلة لتقديمه العديد من الأنشطة النوعية التي تم اختيارها بعناية فائقة وصممت بأحدث المواصفات العالمية المتطورة لتحقيق حياة صحية وعامرة وإضفاء المزيد من الترفيه والبهجة والمرح.
ويعتقد المتابعون أن السعودية خطت خطوة هامة في تفكيك سيطرة المتشددين على الحياة العامة من خلال تحديد دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجعلها مجرد هيئة استشارية بعد أن كانت شرطة دينية وقضائية نافذة.
ولن يجد هؤلاء المتشددون أيّ منفذ لتعطيل مشاريع الإصلاح الجديدة. وعلى العكس سيمثل وجود أنشطة ثقافية متعددة آلية فعالة في قطع طريق الاستقطاب عليهم لدى الشباب السعودي وسيعتبر مكسبا حقيقيا في تجفيف منابع التطرف.
وبدأت السعودية مؤخرا تنظيم فعاليات ترفيهية وثقافية ولو بشكل محدود في سياق الإصلاح المتدرج. وكسرت الرياض نفوذ المتشددين وعداءهم لدور المرأة السعودية في أعقاب فوز 17 امرأة في الانتخابات البلدية التي أقيمت في ديسمبر 2015 وهي أول مرة تُشارك فيها المرأة في الانتخابات.
وقال الأمير محمد بن سلمان إن مشروع المدينة الترفيهية المقرر وضع حجر الأساس له في 2018 وإطلاقه رسميا في 2020 يعتبر “مشروعا رائدا والأكثر طموحاً في المملكة”.
ومن المقرر أن يضم مشروع “القِدِيّة” أربعة أقسام هي: الترفيه ورياضة السيارات والرياضة والإسكان والضيافة.
ولم يكشف ولي ولي العهد السعودي عن تكلفة المشروع لكنه قال إن المستثمر الرئيسي فيه هو صندوق الاستثمارات العامة الذي يرأسه إلى جانب “نخبة من كبار المستثمرين المحليين والعالميين”.
ويعد المشروع أحد سلسلة من المشاريع الكبرى لدعم وتنمية القطاعات الكبيرة والجديدة في المملكة وتحقيق عائد استثماري لصندوق الاستثمارات العامة.
وجاءت رؤية 2030 التي أعلن عنها الأمير محمد بن سلمان منذ عام معبّرة عن رغبة السعوديين في الإصلاح وخاصة كسر حاجز التردد في إثارة النقاش حول بعض القضايا التي يتحدث عنها الناس بالهمس مثل مكافحة الفساد واعتماد الشفافية.
واعترف ولي ولي العهد السعودي في حوار مع قناة العربية في 25 أبريل 2016 أن “الفساد موجود في كل المجتمعات وفي كل الحكومات وبنسب متفاوتة. الذي يهمّنا اليوم أن نكون في مقدمة الدول في مكافحة الفساد”.
وقال إنه من الصعب أن تخفي أيّ شيء عن المجتمع في ظل التطورات وأن “الشفافية مطلوبة جدا لأنها داعم قوي جدا كرقابة وكدعم لقرارات الحكومة وإجراءاتها”.
البعرب اللندنية