القاهرة – حسم الأزهر خلافه مع من يطالبونه بالتجديد بعبارات قاسية وقال إن مناهج التعليم الأزهري وحدها الكفيلة بتعليم الفكر الإسلامي الصحيح الذي ينشر السلام والاستقرار بين المسلمين وغيرهم.
وقالت هيئة كبار العلماء بالأزهر في بيان صحافي إن المناهج الأزهرية تعتمد على القرآن والسنة والتراث، والحديث عن التلويح بوجود نصوص ودروس تحضّ على التطرف والإرهاب هو نوع من التدليس وتزييف وعي الناس وخيانة الموروث.
ولوّح الأزهر عبر بيان هيئة كبار العلماء بأنه “مستعد للدخول في معارك ضارية مع كل من يحاولون النيل منه”، حينما ذكر أنه “قائم ومستمر في أداء رسالته بطريقته الحالية دون تغيير في الخطاب أو المناهج”.
وفي تصعيد غير مسبوق وصفت هيئة العلماء منتقدي الأزهر بأنهم يضاهون “أعداء الإسلام”، ما يوحي بأنه أعلن الحرب على الجميع دون هوادة، لا سيما وأن هذه اللغة في الرد على المعارضين لسياساته التعليمية ومواقفه قد تتصاعد خلال الفترة المقبلة.
ويرى مراقبون أن تصعيد الأزهر يأتي بعدما أيقن أن تيار الغضب المتصاعد ضده قد يقضي على ما تبقى لديه من نفوذ.
ويقول المراقبون إن دفاع الأزهر عن مناهجه بالرغم من تيار الغضب المتصاعد ضدها، يعني أن الأمل في إقدامه على اتخاذ أيّ خطوات ملموسة في تجديد الخطاب الديني أصبح أمرا ميؤوسًا منه.
وكان لافتًا مساندة وسائل الإعلام المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين لبيان هيئة كبار العلماء وقالت إن “النظام المصري يشنّ حربًا على الأزهر لإقصائه عن المشهد ليتفرغ للحرب على الدين للانتصار لطائفة العلمانيين، باعتبار أن الأزهر هو الوارث لرسالة الدين”.
وقال باحثون في الشؤون الدينية لـ“العرب” إن تمسك الأزهر بمناهجه دون التطرق من قريب أو بعيد لإمكانية إعادة النظر فيها بذريعة الحفاظ على التراث يعني أنه لا تغيير في هذه المناهج قبل تغيير القائمين على إدارة المؤسسة الأزهرية حاليا.
وتوقع هؤلاء أن تشتد المعركة بين المفكرين والمثقفين والبرلمان من جانب والأزهر من جانب ثان خلال الفترة المقبلة في ظل توجه الكثير من النواب، لما يلقونه من دعم من شخصيات أكثر انفتاحًا، نحو تبنّي رؤية شاملة لتنقيح المناهج الأزهرية.
ومن الواضح أن الأزهر تفرّغ للدفاع باستماتة عن مناهجه بعدما تجاهل اشتعال الأحداث على الساحة الدينية والمجتمعية منذ تفجير كنيستين في طنطا والإسكندرية شمال القاهرة، واجتمع بكامل هيئة كبار علمائه للرد على منتقدي المناهج دون التطرق لأيّ قضية دينية أخرى مثارة حاليا أو يعلن عن آرائه في ما يخص الموضوعات المطروحة بشأن أولويات تجديد الخطاب الديني.
واشتد الهجوم على الأزهر لتغيير خطابه التعليمي بتحديث مناهجه منذ إعلان وزارة الداخلية مسؤولية 4 من الطلاب الأزهريين عن اغتيال النائب العام السابق هشام بركات في يونيو 2015، وتزايدت الاتهامات بأن مناهجه أصبحت راعية للتطرف والإرهاب والحضّ على العنف.
ولم تقف الأصوات المطالبة بذلك عند حدّ فئات مجتمعية من خارج الأزهر، بل إن مجموعات من المؤسسة الأزهرية ذاتها هاجمت المناهج ووصفتها بالمتطرفة، حيث قالت حركة “أزهريون مع الدولة المدنية” إن “كتب التراث ومناهج الأزهر هي منبع الإرهاب”.
ودلّل هؤلاء على ذلك بأن هناك دروسًا في كتب الفقه بالثانوية الأزهرية تدعو إلى قتل المخالفين كتارك الصلاة والزاني والمرتد كما في كتاب “الاختيار لتعليل المختار”.
واستنكر كمال مغيث الباحث والخبير بالمركز القومي للبحوث التربوية بالقاهرة دفاع الأزهر المستميت عن المناهج الأزهرية في العموم دون الاعتراف بأنها تحتوي على دروس ونصوص “خطيرة فكريا” لا تفرّق بين العلم ومناهج العلم، وترسخ لدى الطلاب أن كلّ التّاريخ إسلامي بحت. وأضاف لـ”العرب” أن تجديد الخطاب الديني يبدأ من تنقيح الخطاب التعليمي من دروس التطرف، وهناك مناهج أزهرية تحض على القتل صراحة ويستغلها بعض المتطرفين لإضفاء صبغة الشرعية على أعمالهم.
العرب اللندنية