تعاني القضية الفلسطينية راهنا كما في الماضي القريب والبعيد من :
■ ازمة قيادة فاشلة حتى النخاع ، فنصف قرن من ،، الابداعات والانتصارات ،، يكفي !!
■ ازمة برنامج ، فاشل وساقط ، فاربعون عاما من الامتحانات السنوية تكفي .
■ ازمة نظام يقوم على المحاصصة والكوتا لفصائل لم تنجح في حياتها بتحقيق اي هدف . ■ ازمة وجود السلطة التي لم تعد سلطة بل اداة ، وعبئا ثقيلا جدا على القضية والوطن.■ ازمة سياسية شاملة بعد ان وصلت سياساتهم وبرامجهم الخانعةالى طريق مسدود .
■ ازمة اداء شاملة في كل الميادين الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسية والمصداقية.
■ ازمة فساد مالي واداري والأخطر منهما الفساد السياسي ، وأوجه الفساد الاخرى .
يؤلمني القول بان كل هذه الموضوعات والتحديات المركزية التي تواجه النظام السياسي والنضال الوطني الفلسطيني غائبة ومغيبة ، بوعي تام ومقصود عن جدول اعمال المجلس المركزي الفلسطيني ، الذي سيعقد دورته ال 27 غدا الاربعاء ، يومي 4 ، 5 من هذا الشهر ، بعد انقطاع استمر حوالي العام ، والاصل ان تكون اجتماعاته دورية كل شهرين مرة ، ويشارك بهذا التغييب كافة مكونات وافراد هذه المؤسسة التي يفترض ان تكون الاهم في غياب المجلس الوطني الفلسطيني ،، المميت ،، . فقد حدد رئيس المجلس سليم الزعنون أن المجلس المركزي سيناقش ،، قضايا بالغة الأهمية تتعلق بمتابعة التحرك السياسي، والتطورات الراهنة وسبل مواجهة السياسات الإسرائيلية خاصة في مجال الاستيطان والتهويد المستمر في مدينة القدس ،، ولم يذكر اي شيء عن الازمات سالفة الذكر .
باختصار شديد وبعد الاطلاع على جدول اعمال المجلس فانه سيبحث في قضايا نوقش عشرات المرات طيلة السنوات الماضية ، وسيكرر المكرر ، ويبتعد عن الجوهر . وواضح كل الوضوح بانه سيناقش موضوع التنسيق الامني مع العدو من باب رد العتب والاستجابة الشكلية لمطلب شعبي ، بعيدا عن الجدية والمسؤولية ، وبعيدا عن اتخاذ القرارات الواضحة والحاسمة ، واكاد اجزم بان المجلس لن يتخذ قرارا واضحا وصريحا بوقف التنسيق الامني ولو لساعة واحدة ، وانما سيميع ويضيع الموضوع مجددا باحالته الى المجهول من الهيئات والاوقات .
ويؤسفني القول كذلك ، بانه سيناقش آليات المصالحة الفلسطينية بما في ذلك التحضير للانتخابات العامة وبحث ملف إعادة الاعمار في قطاع غزة وتفعيل المقاومة الشعبية. من باب رد العتب ، ومن باب الروتين الاداري ليس الا ، فلا يلوح بالافق اي امل بتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية ، ولا باعمار غزة ولا بتصعيد اكذوبة المقاومة الشعبية التي باتت شغل من لا شغل لهم ، ولعبة ممجوجة ، مع احترامي وتقديري العالي لاصحاب النوايا الحسنه وللاصدق والاكثر مني حرصا ووطنية .
ومن وجهة نظري فان توقيت الدعوة لم تكن لاسباب تنظيمية تتعلق بالحفاظ على دورية اجتماعاته ، او لاسباب استراتيجية جوهرية كسابقة الذكر وغيرها ، وانما لاثبات الوجود والذات حتى لو كان هذا الوجود ثقيلا على الشعب ، ولاسباب سياسية تكتيكية فارغة من اي مضمون سياسي ، وللقيام بمناورات لا تنطلي على احد ، ومحاولة لتسويق وبيع اوهام جديدة ، وفي محاولة لشراء الوقت كي تستمر القيادة في غيها وضلالها .وليس ببعيد انهم يتوهمون ويحلمون بانهم بعنترياتهم التافهة ضد نتنياهو الذي خذلهم سيكونون لاعبين هامين في الانتخابات الاسرائيلية ، بوهم التاثير فيها واسقاط تحالف ننتنياهو ، وهذا ليس عيبا ولا حراما ابدا ، ولكن العيب كل العيب ان تركز وتهتم مؤسسة بحجم وثقل المجلس المركزي بالقضايا التكتيكية العابرة على حساب القضايا الاستراتيجية الكبرى ، ويتم تغييبها وتجاهلها مع سبق الاصرار ، اما لعجز عن الاجابة والاستجابة لاستحقاقات المرحلة ، واما بهدف الاستمرار في ذات النهج وذات السياسة التي كان حصادها المزيد من الذل والعار وخربان البيوت والاوطان .
ستشهد الساحة السياسية تصعيدا بالشعارات والبيانات الثورية النارية ضد الحكومة والسياسة الاسرائيلية الراهنة ، والعين على الانتخابات الاسرائيلية ليس الا ، وليس جراء مراجعة لتلك السياسة المدمرة وبهدف الخروج من مستنقعها ، وعلى حساب اتخاذ القرارات المطلوبة للخروج من المآزق الكبرى التي نمر بها ، فتوقيت انعقاد المجلس ليس صدفة ، فهذه فرصة للجعجعة بدون ازعاج الامريكي المنزعج من غطرسة وانتهاك نتنياهو لسيادة وحرمات امريكيا و ،، كونغرسها ،، ، وعدم ازعاج حلفاء اسرائيل الذين يرون بان تغيير نتنياهو في هذه المرحلة لمصلحة اسرائيل اولا وقبل كل شيء .
ليس مطلوبا بيانات وبلاغات انشائية ، بل قرارات نحن بامس الحاجة لها حتى نعيد الحياة مجددا لقضيتنا التي اصبحت في خبر كان ، ولان المجلس المركزي لم يعد حيا ، وهو ليس كذلك ، فالاحرى بنا كشعب العمل على اتخاذ القرارات والسياسات التالية :
● اجراء مراجعة نقدية شاملة للمسار السياسي ولتجربة السلطة وادائها واجهزتها كافة.
● المراجعة الصادقة لا بد وان تتوج بازالة وانهاء معوقات النضال الوطني ، وفي مقدمتها ما يسمى بالسلطة التي يجب حلها باعتبارها افشل واعجز خيار فلسطيني ، ولفتح الآفاق امام الخيارات والبدائل الوطنية الأخرى . وبهذا نتخلص من كافة التزاماتها اللاوطنية ، ومن كافة امراضها وادرانها السرطانية التي نخرت ودمرت قيم ومبادئ مجتمعنا التي كنا نتباهى ونتفاخر بها امام العالم كله .
● فتح الطريق والآفاق لتبني وصياغة استراتيجية وطنية جديدة قادرة على تحقيق وتامين الحقوق الوطنية الثابتة والكاملة للشعب . عبر حوار وطني صريح وشامل ، لا يشارك به الفاشلون العجزة العاجزون .
● فتح الطريق امام وضع وصياغة نظام سياسي فلسطيني بديل للنظام الحالي الذي حصر النضال الوطني ، بعدد من الفصائل والتنظيمات التي ينطبق عليها مقولة القتل في الميت حرام ، واللهم ابعدنا عن الحرام …نظام تشاركي واسع وشفاف يحارب العجز والفساد ويقوم على مبادئ التجديد والتطوير الدائمين .
● العمل والنضال لوقف ووأد المفاوضات ، والتنسيق الامني مع العدو ، ووقف اي ملاحقات امنية ذات طابع سياسي او نقابي او وطني بشكل عام لتجاوز حالة الكبت والاختناق القائمة الان ، واتخاذ خطوات جدية وحقيقية وليس الاعيب ومناورات لتحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية ، والضغط على مصر باعتبارها راعية لاعمار غزة للقيام بدورها وواجبها المفروض عليها قوميا ودوليا ، والعمل لاعادة الاعتبار لدور ابناء شعبنا في الخارج .وهناك العديد من القرارات الأخرى واجبة الاتخاذ الذي لا يتسع لها هذا المقال .
لكن وللاسف الشديد وحتى لانوهم ونخدع البشر ، فانني اقول وبكل صراحة ، ان المجلس المركزي الفلسطيني كبقية المؤسسات الفلسطينية الأخرى ، مات منذ سنوات وسنوات ، ولانه لا امل في ميت ، ولان القتل في الميت حرام ولان اكرام الميت دفنه ، وللحفاظ على البيئة والاجيال القادمة ، فان علينا التخلص من كل ما يلوثها ويعيق تقدمها وتطورها ، بدفن موتانا بطريقة عاجلة وهادئة ، ولكن وللأسف الشديد فان الشعب الفلسطيني ومن شدة الإرهاق والتعب فانه لم يعد قادرا في هذه المرحلة حتى على القيام بهذه المهمة المتواضعة . هذا هو الواقع …وهذه هي الحقيقة ..ونكرانها لن يجدي نفعا ، ولكني على قناعة تامه بان هذا الزمن الى زوال ، فالتاريخ وصانعوه لا يتوقف كثيرا عند الباطل .
صابر عارف
راي اليوم