شهد أمس الجمعة جلسة وزارية مخصصة للتوتر الحاصل في شبه الجزيرة الكورية في مجلس الأمن الدولي حضرها وزيرا الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون والصيني وانغ بي، وهما عمليّاً، الطرفان المولجان في هذه القضية (مع تراجع روسيا، ذات الحدود المشتركة مع كوريا الشمالية، عن التدخّل المباشر).
وفيما اعتبرت الصين إبرام اتفاق سلام هو «الخيار الوحيد الصائب» في النزاع النووي مع كوريا الشمالية «عن طريق الحوار والمفاوضات»، وحذرت من «كوارث أكبر» في حال استخدام القوة، فإن الطرف الأمريكي كان واضحاً في إعلان جدّية التهديدات الكورية الشمالية بشنّ هجوم نووي على كل من اليابان وكوريا الجنوبية، وهو أمر يتوقّع أن يرفع درجة التصعيد بين واشنطن وبيونغيانع، وبالتالي، فإن على العالم ألا يستبعد تماماً حصول حرب تقليدية أو نووية بين البلدين.
لمنع حصول هذا السيناريو المرعب سنشهد فصولاً طويلة من المفاوضات المعقدة، يتدخّل فيها الأمريكيون والصينيون، بشكل رئيسي، ولكنها ستهم أيضاً المجتمع الدولي والأمم المتحدة، والأطراف الأخرى القريبة جغرافيا، كاليابان وروسيا، ولكن وعلى الأخص، كوريا الجنوبية التي لا تبعد عاصمتها سيؤول أكثر من 40 ميلاً من المنطقة التي قامت فيها بيونغيانغ بإطلاق قذائف مدافعها تهديداً وتحذيراً خلال عرض عسكريّ ضخم قبل أيام.
من المعلوم أن بكين تستطيع عملياً تجميد حركة الاقتصاد الكوري الشمالي تماماً كونها البلد الأساسي الذي تعتمد عليه بيونغيانغ في جلّ وارداتها وصادراتها، لكن الواضح أن الصين تريد لعب الورقة الكورية الشمالية إلى نهاياتها القصوى، وبالتالي فإن خيار التهديد سيبقى مفتوحاً خلال المفاوضات المرتقبة مع كوريا الشمالية (ومن خلفها الصين).
سبب التصعيد الحالي يعود إلى أن كوريا الشمالية قامت خلال السنوات الأربع الماضية من حكم كيم جونغ أون الحالي بـ66 تجربة صواريخ وهو عدد يماثل ضعف ما قام به والده كيم جونغ إيل خلال حكمه الذي دام 17 عاماً إضافة، بالطبع، إلى محاولات كوريا الشمالية تعديل ترسانتها النووية بحيث يحمل كل صاروخ نووي 16 حمولة بدلا من 10، وهناك أنباء أن بيونغيانغ قادرة على تحميل رؤوس نووية على صواريخ متوسطة المدى قادرة على ضرب كوريا الجنوبية واليابان، وحسب التقديرات الأمريكية فإن كوريا الشمالية ستتمكن خلال 18 إلى 36 شهرا من تطوير صاروخ برؤوس نووية يصل إلى لوس أنجلوس.
البلدان المقسومان إلى شطرين، شمالي وجنوبي، عاصرا حرباً سابقة انتهت عام 1953، وسكّان كوريا الجنوبية يعرفون أنهم يعيشون تهديداً واقعيّاً وفي حال لجوء أمريكا إلى ضربة استباقية ضد الصواريخ الكورية أو المواقع النووية فليس هناك إمكانية للقضاء على كل المدافع والصواريخ الموجهة نحو كوريا الجنوبية إلا إذا استخدم الأمريكيون قنابل نووية وفي هذه الحال فإن الحرب المندلعة ستكون مفتوحة لكل الاحتمالات.
خلال الحرب الكورية الأولى بين عامي 1950 و1953 قتل قرابة مليونين وسبعمئة ألف كوري كما قتل 800 ألف صيني و33 ألف أمريكي، ورغم أن الكوريين الجنوبيين لديهم خطّتهم العسكرية لضربة استباقية فإن الزعيم الكوري الشمالي أيضاً لديه خطته العسكرية لاجتياح جارته الجنوبية «لتوحيد الأمة الكورية»، كما تقول وسائل إعلام بيونغيانغ.
وحسب كتاب لباحث أمريكي فلتنفيذ خطته لاحتلال جارته سيستخدم كيم جونغ أون آلاف المدافع الجاهزة للإطلاق وأسلحة نووية وكيميائية باتجاه كوريا الشمالية واليابان لتأخير الإمدادات الأمريكية، وحين بحث الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون فكرة ضرب كوريا الشمالية عام 1994 فقد تم إعلامه بأن الحرب ستؤدي إلى مليون قتيل وخسارة تقدّر بترليون دولار، وستكون الخسائر حاليّاً أكبر بكثير.
الشيء الأكيد إن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح لكوريا الشمالية بامتلاك قدرات نووية قادرة على ضربها ولذلك علينا أن نتوقع كل الاحتمالات بما فيها الحرب النووية.