خلصت دراسة جديدة نشرت يوم الاثنين في دورية الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم إلى أن الجفاف الناجم عن تغير المناخ ساهم في تغذية الاضطرابات السياسية في سوريا. وكان الجفاف السوري، الذي بدأ في أواخر عام 2006 واستمر لثلاث سنوات، هو الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للبلاد.
وقال الباحثون إن الجفاف أدى إلى تفاقم مشاكل الأمن المائي والزراعي القائمة، ودفع ما يصل إلى 1.5 مليون سوري للهجرة من الريف إلى المناطق الحضرية القريبة. وأضافوا أن هذه الهجرة ساعدت في تحفيز التغيرات الديموغرافية التي غذت عدم الاستقرار في المدن السورية وحولها.
وبالإضافة إلى كل ذلك، ساهم الجفاف في ارتفاع أسعار الغذاء، وانتشار المزيد من الأمراض المرتبطة بالتغذية عند الأطفال، وهو ما أدى مجتمعًا إلى تفاقم الاضطرابات السياسية.
وفي حين قد تؤدي تغيرات الطقس الطبيعية إلى حدوث الجفاف، خلص الباحثون إلى أن الجفاف في سوريا كان أسوأ بكثير، وجاء إلى حد كبير نتيجة التغير المناخي.
وكتب الباحثون أن نماذج المناخ وملاحظة الاتجاهات “تشير بقوة إلى أن العوامل بشرية المنشأ هي ما زاد من احتمال الجفاف الشديد والمستمر في هذه المنطقة“.
ووجدت الدراسة أن تغير المناخ الذي يتسبب فيه الإنسان جعل احتمال حدوث جفاف بهذا الحجم أكبر بمرتين إلى ثلاث مرات بالمقارنة مع ما تتسبب به تغيرات الطقس الطبيعية وحدها.
وقال مارك كين، وهو أحد الباحثين المشاركين في الدراسة وأستاذ في علوم الأرض والمناخ في لامونت دوهيرتي التابع لجامعة كولومبيا: “لقد كان هذا الجفاف عاملًا أساسيًا فيما حدث“.
وأضاف كين مشيرًا إلى أن الجفاف دمر سبل معيشة العديد من السوريين ودفع المنطقة إلى نقطة التحول: “لقد كان هناك جفاف سيئ حقًا لمدة 3 سنوات. يمكن للناس البقاء على قيد الحياة لسنة، وربما سنتين، لكنهم لن يستطيعوا النجاة لثلاث سنوات. لقد كان لدينا هذا المجتمع الزراعي المستقر جدًا، وفجأةً غادره الجميع متجهين إلى ضواحي المدن؛ حيث لم يكن هناك شيء يستطيعون فعله، ولم تقم الحكومة بفعل شيء لحل مشاكلهم“.
وكان الصراع السوري قد بدأ في مارس 2011 عندما خرجت الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد، وردت حكومة الأخير بطريقة عنيفة على المتظاهرين. وبعد أربع سنوات، تقاتلت مختلف الفصائل المسلحة، والتي تتراوح بين الثوار المعتدلين المدعومين من الولايات المتحدة ومجموعة الدولة الإسلامية المتطرفة، من أجل السيطرة على البلاد. قتل حتى الآن ما يقدر بنحو 200 ألف شخص في الصراع، وتقول الأمم المتحدة إن 7.6 ملايين نزحوا من منازلهم.
وبدوره، قال ريتشارد سيغر، عالم المناخ في لامونت دوهيرتي ومشارك آخر في الدراسة: “نحن لا نقول بأن الجفاف هو ما تسبب بالحرب. نحن نقول إنه يضاف إلى كل الضغوطات الأخرى، وإنه ساعد في وضع الأمور على عتبة صراع مفتوح“.
هذا، وكان خبراء الأمن العسكري والوطني قد حذروا بالفعل من أن تغير المناخ قد يساهم في نشوب الصراعات حول العالم، أو في تفاقم الأوضاع السيئة القائمة بالفعل في كثير من الحالات. ولكن، في حين تبقى معظم هذه التنبؤات حول تأثير تغير المناخ على نشوب الصراعات بعيدة المدى، يأتي هذا البحث الجديد ليثبت صحة هذه التوقعات، على الأقل في حالة سوريا.
وقال كين: “تؤكد هذه الحالة على أن تغير المناخ قد ساهم بالفعل في زيادة خطر صراع جار”. وأضاف: “يجب أن يؤثر هذا في طريقة تفكير الناس بمستقبل البشرية القريب“.
هافينغتون بوست – التقرير