أجبر الحصار المطبق الذي فرضته القوات العراقية على تنظيم داعش في أحياء الجانب الغربي من مدينة الموصل، فلول التنظيم المتشدّد على القتال بشكل انتحاري معرّضا المدنيين المحاصرين داخل ما بقي بيده من أحياء إلى خطر ماحق.
ويبشّر القادة العسكريون بحسم وشيك لمعركة الموصل التي تعدّ فاصلة في إنهاء سيطرة داعش على المناطق العراقية، لكن المنظمات الإنسانية تتحدّث عن أثمان باهظة للمعركة التي انطلقت منذ أكتوبر الماضي دفعها الأهالي سواء من أرواحهم، أو من أرزاقهم وممتلكاتهم، ومن البنى التحتية لمدينتهم التي لحق بها دمار كبير.
وبالتوازي مع التقدّم في معركة الموصل تسجّل عودة خلايا نائمة لداعش إلى النشاط في مناطق أخرى سبق أن استعيدت من سيطرة التنظيم، ما دفع سكانها إلى إعلان النفير العام.
ويُخشى أن ترتفع حصيلة القتلى في صفوف المدنيين خلال ما بقي من المعركة التي انحسرت في أحياء قليلة بغرب الموصل لكنّها مكتظة بمئات الآلاف من المدنيين يعتبرون في عداد الرهائن بيد داعش الذي يصر على اتخاذهم دروعا بشرية.
وتحذّر العديد من الشخصيات السياسية والحقوقية من أن يسدل ستار معركة الموصل على مجزرة مروّعة.
وواجهت القوات العراقية، الأحد، مقاومة عنيفة من مقاتلي تنظيم داعش في شمال غرب الموصل بعد فتح جبهة قتال جديدة ضد المتشددين في إطار مسعى تلك القوات لطردهم من المدينة بعد سبعة أشهر من القتال.
ويردّ المتشددون المحاصرون في منطقة آخذة في التقلص على الهجوم بسلسلة من التفجيرات الانتحارية للسيارات الملغومة وبنيران قناصة يختبئون بين مئات الآلاف من المدنيين الذين يُعتبرون فعليا رهائن بأيدي المسلحين.
وبعد أن أصبح للقوات العراقية موطئ قدم في ضاحية مشيرفة الشمالية الأسبوع الماضي، تحاول التقدم نحو الأحياء القليلة المتبقية تحت سيطرة داعش بالمدينة القديمة.
وأعلن الجيش العراقي في وقت سابق أنه استعاد السيطرة بالكامل على ضاحية مشيرفة لكن ضباطا قالوا لوكالة رويترز، الأحد، إن قتالا مازال يدور هناك.
وقال عقيد من الوحدة التاسعة المدرعة التي تشارك في الهجوم إن قتال داعش في مشيرفة في ظل وجود الكثير من العائلات هناك قابعة في المنازل يعقّد المعركة.
وبدأ فتح جبهة القتال الجديدة من الاتجاه الشمالي الغربي الأسبوع الماضي بعد أن توقفت جبهات القتال الأخرى حول المدينة القديمة التي تضم جامع النوري الذي تزايدت قيمته الرمزية بعد أن أعلن منه زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي ما سمّاه “دولة الخلافة” قبل نحو ثلاث سنوات.
وقال ضباط في الجيش العراقي إن تعزيزات إضافية من قوات الرد السريع وصلت الأحد إلى شمال غرب الموصل للمساعدة في تطهير مناطق على ضفة نهر دجلة الذي يقسم المدينة إلى شطرين شرقي وغربي. وقال ضابط من وحدة الرد السريع طلب عدم ذكر اسمه إن وحدته ستشارك في معركة استعادة السيطرة على منطقة حاوي الكنيسة وستساعد الوحدة التاسعة من الجيش لتصعيد الضغط على مقاتلي داعش.
وبدأت القوات العراقية الأسبوع الماضي شنّ هجوم عبر فتح جبهة جديدة من جهة الشمال الغربي للمدينة، في مسعى لتشتيت دفاعات داعش، وتضييق الخناق عليه في المنطقة القديمة بوسط الجانب الغربي للموصل.
وتشن القوات العراقية منذ أكتوبر الماضي، عملية عسكرية كبرى لطرد داعش من المدينة التي تمثّل آخر المعاقل الكبيرة للتنظيم في العراق.
واستعادت القوات الحكومية النصف الشرقي من الموصل في يناير الماضي، ومن ثم تقاتل منذ فبراير لانتزاع النصف الغربي، ويقول قادة الجيش إنّ داعش لم يعد يسيطر سوى على نحو 30 بالمئة فقط من النصف الغربي للمدينة.
ورغم أنّ انتزاع مدينة الموصل من تنظيم داعش، أصبحت مسألة وقت، إلاّ أن القضاء على التنظيم بشكل كامل في العراق يبدو قضية أكثر تعقيدا وقد تستمر لسنوات قادمة، حيث يرجّح أن يحوّل التنظيم اهتمامه من السيطرة على الأرض بشكل واسع، إلى حرب العصابات معتمدا على خلايا صغيرة متفرّقة في أنحاء متباعدة.
وبالتوازي مع القتال في الموصل واصل التنظيم نشاطه في عدّة مناطق عراقية سبق أن تمّ إعلانها مستعادة بالكامل من سيطرته.
واتهم نائب بالبرلمان، الأحد، القوات الأمنية بالتقاعس في منع تنظيم داعش من العودة إلى مناطق محافظة ديالى الواقعة إلى الشمال من العاصمة بغداد.
وقال رئيس كتلة ائتلاف “ديالى هويتنا” النائب صلاح الجبوري في بيان إن “تقاعس قيادة عمليات دجلة عن القيام بواجباتها سمح لخلايا داعش النائمة باستعادة نشاطها في مدن محافظة ديالى”، مضيفا “رغم مطالباتنا وتواصلنا مع قيادة عمليات دجلة حول تنامي نشاط الخلايا النائمة لتنظيم داعش في منطقة الزور المحصورة بين المقدادية وشروين واستمرار سفكها لدماء المواطنين الأبرياء إلا أنهم لم يعيروا أهمية لهذه المعلومات ولا لحياة المواطنين”.
وأكد الجبوري أن “استمرار القيادات العسكرية في ديالى لتجاهل المعلومات والمطالبات بالقيام بعمليات ضد خلايا داعش الإرهابية ، ساهم بشكل كبير على استفحالها وإعادة انتشارها وتنظيمها”، مشيرا إلى أن “الضحية هو المواطن العراقي البريء”.
كما كشف عضو مجلس محافظة ديالى كريم الجبوري، الأحد، أن قبائل عدة في منطقة حوض شروين شرق بعقوبة مركز المحافظة أعلنت النفير العام لمواجهة هجمات تنظيم داعش المتزايدة. ونقل موقع السومرية الإخباري عن الجبوري قوله إنّ “تنظيم داعش شن هجمات شرسة على نقاط المرابطة الأمنية للحشد العشائري في أطراف حوض شروين وحصلت اشتباكات عنيفة بمختلف الأسلحة؛ الخفيفة والمتوسطة والقاذفات”، موضّحا أن “قبيلة الجبور وبقية القبائل الأخرى أعلنت النفير العام ودعت المئات من أبنائها إلى حمل السلاح لمواجهة هجمات داعش”.