طهران – قال محللون إن الاتفاق النووي الموقع مع الدول الكبرى في صيف 2015 خفف من عزلة إيران لكنه لم يتمكّن من جذب الاستثمارات التي تحتاجها لإنعاش اقتصادها وخفض البطالة.
وكان الرئيس حسن روحاني يأمل أن يجلب الاتفاق النووي استثمارات خارجية سنوية بقيمة 50 مليار دولار ويراهن على تسريع النمو إلى 8 بالمئة وحل مشكلة البطالة التي تبلغ معدلاتها نحو 12.5 بالمئة وتصل إلى 27 بالمئة بين الشباب.
وبعد 16 شهرا من بدء تطبيق الاتفاق النووي في يناير 2016 ورفع جزء من العقوبات الدولية، لا تزال إيران بعيدة عن الحصول عن تحقيق تلك الأهداف.
وسجلت وزارة الاقتصاد اتفاقات للاستثمار المباشر تزيد قيمتها على 11 مليار دولار منذ ذلك الحين لكن “الاستثمارات الموظفة في الواقع هي بين مليار وملياري دولار” وفق إسحق جهانغيري النائب الأول لرئيس الوزراء والمرشح للانتخابات الرئاسية في 19 مايو.
وأقرّ بأن المصارف الأوروبية والآسيوية الكبرى لا تزال ترفض التعاون مع إيران خشية إعادة فرض العقوبات المتصلة بالبرنامج النووي و”مناخ التوتر الذي يشيعه دونالد ترامب”.
ويقول السفير الفرنسي السابق في طهران فرنسوا نيكولو إنه “كان لدى الجميع أوهام بأنه يمكن تحقيق الازدهار خلال 6 أشهر أو سنة… الأمر يحتاج لبعض الوقت. ينبغي الانتظار على الأقل لسنتين أو ثلاث أخرى”.
لكن يمكن للرئيس الروحاني الساعي للفوز بولاية ثانية من 4 سنوات الحديث عن تحقيق نجاح بفضل الاتفاق، ويتمثل ذلك في استئناف الصادرات النفطية التي بلغت قرابة 2.8 مليون برميل يوميا، بما في ذلك مكثفات الغاز الطبيعي.
كما أتاح وفق آخر تقرير لصندوق النقد الدولي لإيران تحقيق نمو بنسبة 6.6 بالمئة خلال السنة الإيرانية الأخيرة حتى مارس 2017. ولكن هذا النمو لم ينعكس على الحياة اليومية لغالبية الإيرانيين.
ويحسب لروحاني كذلك خفض التضخم من 40 بالمئة قبل 4 سنوات إلى نحو 8 بالمئة. لكنه عاد إلى الارتفاع مسجلا 9.5 في الشهرين الماضيين في حين يتوقع الخبراء أن يتجاوز بسرعة عتبة 10 بالمئة.
وانخفضت توقعات صندوق النقد الدولي للنمو في إيران للسنة المالية الحالية التي بدأت في 21 مارس 3.3 بالمئة وهي نسبة لا تكفي لخفض البطالة وإنعاش الاقتصاد.
ويقول الاقتصادي محمد هاشم بيساران إن “إيران تحتاج إلى تحقيق نمو بين 5 إلى 6 بالمئة لخفض البطالة”.
ويستغل خصوم روحاني المحافظون أوضاع الطبقات الشعبية والبطالة في الحملة الانتخابية. وقد وعدوا بمضاعفة المساعدات 3 مرات للأكثر فقرا واستحداث مليون وظيفة كل سنة على الأقل.
ريكس تيلرسون: نقوم بدراسة ما إذا كان تخفيف العقوبات الإيرانية يضر بالمصالح الأميركية
لكن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية ومواصلة مهاجمته للاتفاق النووي وفرضه عقوبات جديدة على إيران زاد من تعقيد مهمة جذب الشركات الأجنبية والمصارف الدولية الكبرى التي تخشى من ردود فعل أميركية انتقامية ومن عقوبات جديدة.
وقال رجل أعمال فرنسي مقيم في طهران منذ أكثر من 15 سنة إن “أوضاع البنوك أصبحت أسوأ مما كانت عليه قبل سنتين”.
وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه إن “كل الشركات الكبرى ولا سيما شركات النفط هي في حالة ترقب لترى إن كان ترامب سيجدد في مايو تعليق العقوبات الأميركية على إيران” الذي بدأ مع تطبيق الاتفاق النووي مطلع 2016.
واتهم الرئيس الأميركي في 21 أبريل إيران بعدم احترام “روحية الاتفاق” وخاصة في ما يتعلق بسياستها الشرق أوسطية حيث تتهم طهران بتأجيج النزاعات وبدعم منظمات تعتبرها واشنطن “إرهابية”.
وأبلغ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الكونغرس ببدء دراسة لتحديد ما إذا كان تخفيف العقوبات ضد إيران يضرّ بالمصالح القومية الأميركية.
وقال ستيفان ميشيل رئيس أنشطة شركة توتال لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الشهر الماضي “إذا اقتصر الأمر في نهاية المطاف على القول دون العمل فثمة مشكلة”.
وكانت الشركة الفرنسية قد وقّعت اتفاقا لتطوير حقل بارس الجنوبي البحري، لكنها تقول إنها تنتظر معرفة موقف واشنطن قبل البدء في تنفيذ الاتفاق.
وقررت شركة شلومبرغر الأميركية لخدمات حقول النفط الشهر الماضي أن استكشاف فرص العمل في إيران لا يستحق العناء في الوقت الحالي. وأعلنت الانسحاب من اتفاق لدراسة حقل نفطي في إيران.
ويلزم الكونغرس الحكومة الأميركية بتقديم إفادة رسمية كل 90 يوما بشأن التزام إيران بالاتفاق النووي ويلوح بإعادة فرض العقوبات من جديد. وأبقت واشنطن على عدد من العقوبات المالية مما يمنع البنوك الإيرانية من العودة للنظام المالي العالمي.
وقال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنة في 29 أبريل إن سبب غياب استثمارات شركات النفط الأوروبية حتى الآن “هو القيود السياسة والضغط على الشركات من جانب الولايات المتحدة”.
العرب اللندنية