القاهرة – قتل 28 شخصا بينهم عدد كبير من الأطفال وأصيب 25 آخرون، في هجوم شنه مسلحون الجمعة بأسلحة آلية على حافلتين تقلان أقباطا في محافظة المنيا، جنوب مصر، كانوا في طريقهم للصلاة في دير الأنبا صموئيل المعترف، بمنطقة جبل القلمون.
وجاء الهجوم قبل يوم من بداية شهر رمضان، حيث عادة ما يكثف الجهاديون عملياتهم الإرهابية في هذا الشهر.
وقالت وزارة الداخلية المصرية إن عشرة مسلحين ملثمين يستقلون سيارتي دفع رباعي أطلقوا النار بشكل عشوائي على الحافلتين اللتين كانتا في طريقهما إلى الدير قادمتين من قرية نزلة حنا بمركز الفشن ببني سويف (جنوب القاهرة)، قبل أن يلوذوا بالفرار.
وعلى خلفية الهجوم، سارع الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى عقد مجلس أمني مصغر لبحث تداعياته، كما دعا النواب إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة ما يمكن اتخاذه من إجراءات في المستقبل وتفعيل التشريعات التي أصدرها البرلمان في هذا الشأن.
وطالبت الكنيسة القبطية في بيان السلطات بـ”اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي خطر هذه الحوادث التي تشوه صورة مصر وتتسبب في آلام العديد من المصريين”.
ويأتي الهجوم قبل يومين من تحذيرات أصدرتها كل من السفارتين الأميركية والألمانية لرعاياهما بمصر من هجوم إرهابي محتمل في البلاد، وأشارت السفارة الأميركية في بيان على موقعها الرسمي إلى حركة “حسم” التابعة لجماعة الإخوان.
وأعاد الحادث إلى الأذهان التهديدات التي أطلقها تنظيم داعش مطلع شهر مايو الجاري بأنه سيشن حربا شاملة ضد الأقباط في مصر، ودعا عناصره في مختلف المحافظات إلى القضاء عليهم لأنهم “كفار”، حسب ادعائه.
انتشار الفكر السلفي المعادي للأقباط في الصعيد يمثل إحدى الأدوات التي يعول عليها داعش في حربه ضد الدولة
وعكس تكرار استهداف الأقباط في مصر إصرار التنظيمات الإرهابية على توسيع نطاق حربها مع الدولة، فبعدما كانت مقتصرة على توجيه ضرباتها إلى عناصر الجيش والشرطة أصبحت تستهدف الأقباط، في مسعى لإحداث تأثير أكبر داخليّا وخارجيّا.
وقال خبراء أمنيون لـ“العرب” إن استهداف الأقباط حمل رسالة بأن داعش أصبحت له قواعد في صعيد مصر وبإمكانه تنفيذ عمليات نوعية في محافظات الجنوب. ورأى اللواء محمد نورالدين مساعد وزير الداخلية الأسبق أن التنظيم يسعى إلى تشتيت قوى الجيش والشرطة حتى لا تركز عليه في سيناء وحدها ما يخفف من وطأة الهجمات الموجهة إليه بشكل مباشر هناك، وبالتالي يريد أن يؤسس مجموعات متفرقة تعمل بذات النهج والطريقة لإظهار الدولة في صورة العاجز عن مواجهته.وحادث المنيا هو ثالث أشرس استهداف ضد الأقباط من جانب داعش، بعد اعتدائه على كنيستين في طنطا والإسكندرية قبل شهر ونصف الشهر ما أوقع 45 قتيلا، كما فجّر كنيسة ثالثة (البطرسية) في ديسمبر الماضي بوسط القاهرة ما أودى بحياة 25 شخصا.
وقال إبراهيم رفيع، أحد شيوخ قبيلة الحويطات بسيناء لـ“العرب”، إن القبائل التي تحارب داعش في سيناء اكتشفت وجود متعهدين للتنظيم في بعض المحافظات من بينها الصعيد، وينحصر دور هؤلاء في استقطاب شخصيات جديدة للتنظيم بمقابل مادي، وأشار إلى أن الذين ألقي القبض عليهم من جانب القبائل اعترفوا بذلك.
ولفت متابعون إلى أن انتشار الفكر السلفي المعادي للأقباط في بعض محافظات الصعيد يمثل إحدى الأدوات التي يعول عليها تنظيم داعش في حربه ضد الدولة، وبالتالي لا يمكن مواجهة التنظيم أو توفير الحماية للأقباط بعيدا عن مواجهة مماثلة مع التيار السلفي الذي يغذّي التطرف والعداء للمسيحيين.
وقال أحمد بحيري المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية إن استراتيجية داعش قائمة على 3 عناصر؛ الأول ضرب الجيش والثاني استهداف المواقع الأمنية والثالث ترهيب الأقباط، وهذه العناصر هي التي تحقق الصدى الواسع والرسائل السياسية الموجهة للحكومة المصرية وللرأي العام العالمي.
ولفت لـ“العرب” إلى أن حركتي “حسم” و”لواء الثورة” الإخوانيتين انخرطتا في تحالف مع داعش بعد نجاح الأمن في قتل قادتهما، وأكد أن عناصر هاتين الحركتين موجودون في مختلف المحافظات، ومنها الصعيد. وعقب هجوم المنيا تتالت ردود الأفعال المنددة، وأكدت كل من دولة الإمارات والسعودية والكويت والأردن والعراق وألمانيا وقوفها إلى جانب مصر ضد الإرهاب.
العرب اللندنية