أنقرة – عادت فضائح الفساد مجددا لتقفز في وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي سعى لتجميع السلطات بيده بهدف إرهاب خصومه ومنعهم من نشر قصص الثراء المفاجئ بين أسرته. ولكن القبضة القوية لم تفلح في منع تفجر فضيحة جديدة.
وأفادت وسائل إعلام أوروبية مساء الجمعة أن أسرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تمتلك سرا عبر شركات وهمية مسجلة في مالطا وجزيرة مان ناقلة نفط تبلغ قيمتها حوالي 26.5 مليون يورو تلقتها هدية.
وفي 19 مايو الجاري بدأت 13 وسيلة إعلام أوروبية نشر “ملفات مالطا” في تحقيق كبير حول “كواليس الملاذ الضريبي” الذي توفّره الجزيرة المتوسطية الصغيرة والذي نفت صحته حكومة فاليتا جملة وتفصيلا.
وقالت وسائل الإعلام هذه وبينها موقع ميديا بارت الفرنسي وصحف لوسوار البلجيكية وإل موندو الإسبانية ولسبريسو الإيطالية إن أسرة اردوغان تمتلك ناقلة نفط تدعى “أغداش” وإنها تمكنت من إبقاء هذا الأمر سرا بفضل تخريجة قام بها رجل الأعمال التركي، صديق أسرة أردوغان، صدقي آيان والملياردير التركي-الآذري مبارز منسيموف الذي يمتلك شركة “بالمالي” للنقل ومقرها في إسطنبول.
ونقلت لوسوار عن وثائق أن آيان سدد ربع ثمن الناقلة ومنسيموف سدد الثلاثة أرباع الباقية وذلك بموجب عقد إيجار تمليكي سرّي أسرة أردوغان هي المستفيد الأول منه.
وأضافت أن هذا العقد السرّي بدأ العمل على صياغته في 2008 في الوقت الذي كان فيه أردوغان لا يزال رئيسا لوزراء تركيا وكان فيه الغرب ينظر إليه كرجل إصلاحي.
ومنسيموف، الذي دفع ثلاثة أرباع ثمن الناقلة، هو ملياردير آذري منحه أردوغان الجنسية التركية، بحسب موقع ميديابارت الذي أضاف متسائلا “هل كانت هذه الهدية مقابل تجنيسه؟ هل حصل على أمور أخرى مقابلها؟”.
وبحسب لوسوار فان السبب الذي دفع آيان لتسديد ربع ثمن الناقلة لا يزال مجهولا، لكن الصحيفة البلجيكية لفتت إلى أن “عائلة آيان هي حليف وثيق لعائلة أردوغان”، مشيرة إلى أن “تسجيلات لمكالمات بين أردوغان ونجله بلال أشارت بقوة في 2013 إلى أن عائلة آيان دفعت رشى مقابل حصولها على خدمات من الدولة”.
وحاولت وسائل الإعلام الـ13 هذه المنضوية في إطار شبكة “التعاون الأوروبي الاستقصائي” الاتصال بكلّ من الرئاسة التركية وأسرة أردوغان ومنسيموف وصدقي للحصول على تعليق على هذه المعلومات، إلا أن أحدا من هؤلاء لم يردّ على اتصالاتها.
ولم تكن قصّة الناقلة والطرق الملتوية في تسجيلها والتغطية على وجودها أولى فضائح أسرة الرئيس التركي، فقد سبقتها فضائح تتعلق بأبناء بشكل مباشر وأخرى بمقربين منه وأبناء وزراء ومسؤولين سبق أن عيّنهم في مواقع متقدمة بالدولة.
ونشرت مجلة “بيلد” الألمانية قبل عام مقالة تكشف عن الفساد في عائلة أردوغان الذي لا يتجاوز دخله السنوي رسميا 50 ألف يورو، بينما أولاده الأربعة “يغمرهم المال”.
وأشارت المجلة إلى أن أولاد أردوغان الذين معظمهم لا يعملون رسميا، يعيشون في منازل فاخرة ولديهم مشاريع ربحية خاصة لا تتميز بالشفافية.
وتملك عائلة الرئيس التركي، حسب المجلة، خمس فيلات في إسطنبول تقدر قيمتها بستة ملايين يورو وجميعها تعود إلى ملكية ولدي الرئيس التركي أحمد وبلال.
وفيما يمتلك أحمد أردوغان، الذي لديه مشروع خاص في قطاع النقل البحري، تقدر ثروته بـ80 مليون دولار على الأقل، فإن أخاه بلال يثير الكثير من الغموض في ضوء اتهامات واسعة له بالفساد وتبييض الأموال والاتجار في النفط من داخل المناطق التي كانت تسيطر عليها داعش في العراق وسوريا.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا استفاد أبناء أردوغان من تواطؤ داخل الحكومة التركية، خاصة في ضوء التسريب الشهير بين أردوغان وابنه بلال حول إخفاء 30 مليون يورو خوفا من قدوم الرقابة المالية.
وانفتحت فضائح الفساد بشكل قويّ نهاية 2013 بعد الكشف عن تورّط عدد من المسؤولين بينهم أبناء وزراء ورجال أعمال على صلة بأردوغان وعائلته حين كان رئيسا للوزراء.
العرب اللندنية