تمجيد بوتين ظاهرة تغزو روسيا

تمجيد بوتين ظاهرة تغزو روسيا

الدعاية للرئيس الروسي بوتين باتت ظاهرة لافتة، حيث تروج مجسماته وصوره على كافة أنواع الهدايا والتحف، بما يذكر بظاهرة عبادة الفرد التي عرفت بها روسيا سابقا، في حين يرى خبراء أن بوتين يحسن الاستفادة من الأزمات التي تمر بها بلاده

لا ينحصر وجود مجسمات وصور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على محلات التحف والهدايا، بل يتعداها إلى رؤيتها مطبوعة على غيرها من المنتجات والمعروضات المختلفة من ملابس وهواتف محمولة وحواسيب وأوانٍ.

انتشار هذه الظاهرة يبعث على التساؤل عما إذا كان الطلب المتزايد على هذه المنتوجات نتيجة عفوية لتصاعد شعبية الرئيس بوتين، أم هو ضمن سياسة تهدف لعودة روسيا إلى حقبة عبادة الفرد.

ويبدو الرئيس بوتين في الصور في أوضاع وهيئات مختلفة تظهره وهو بالملابس العسكرية أو ممتطيا جوادا، أو يداعب نمرا، أو جالسا في مكان الطيار في إحدى المقاتلات، وغيرها من الهيئات التي تظهره رئيسا قويا وقائدا عسكريا.

وسيلة تعبير

يقول البائع في محل الهدايا التذكارية فلاديمير بافلوف وهو يصف التنوع في المعروض من الهدايا والكماليات التي تحمل صور الرئيس بوتين “إنها توجد على أغطية التلفونات بأنواعها والأكواب والصحون التذكارية والميداليات”.

وعزا الطلب على اقتناء هذه الهدايا إلى ارتفاع شعبية الرئيس بوتين، موضحا “أن كثيرا من الروس يعدون الرئيس بوتين بطلا قوميا يدافع عن روسيا ومصالحها بشراسة في وجه الغرب الذي يسعى لمحاصرتها والتضييق عليها بالعقوبات”.

وترد في بعض الأحيان طلبات من الزبائن تبعث على الاستغراب، فعلى سبيل المثال تقول جالينا إيفانوفنا التي تعمل في صالون تجميل “إن مجموعة من الفتيات الروسيات طلبن منها طلاء أظافرهن بصور الرئيس بوتين”.

وتضيف “في البداية لم نكن نقدم هذا النوع من الخدمات، ولكن تماشيا مع رغبات الزبائن استطعنا الحصول على ملصقات خاصة للأظافر تحمل صور الرئيس فلاديمير بوتين”. ولفتت إلى أن أعمار الفتيات تتراوح بين 18 و30 عاما.

وتقول معلمة المرحلة الثانوية إيرينا ديميتروفنا عن أسباب هذه الظاهرة “إن التحديات التي تواجهها روسيا أججت المشاعر الوطنية والقومية، وأسهمت في زيادة الوعي السياسي والاهتمام بمتابعة التطورات السياسية في أوساط الفئات الشابة، ولكن في كثير من الأحيان لا يجد هؤلاء الشباب ما يفعلونه للتعبير عن وطنيتهم سوى هذه الطريقة”.

رياء ونفاق

اما المتقاعد سيرجي بولياكوف فينظر إلى هذه الظاهرة من زاوية أخرى، إذ يعتقد أن هناك فئة معينة تستغل الظروف الراهنة في البلاد لتحقيق أرباح مادية بغض النظر عن القضايا الوطنية، وهذا ينسحب على الهدايا والإكسسوارات والملابس التي تحمل صور الرئيس بوتين.

وعبر عن قناعته في أن دعم القضايا الوطنية والوقوف إلى جانب الرئيس بصدق لا يقتصران على ارتداء الملابس التي تحمل صورته أو بشرب القهوة والشاي بكوب طبعت عليه صورته فحسب، بل بالعمل الجاد -كل في مجال عمله- إلى أن نتجاوز الصعوبات التي تواجهها بلادنا.

وأضاف أن ثمة موظفين في المؤسسات والدوائر الحكومية المختلفة يبدون ولاءهم لبوتين وسياساته باستخدام أكواب وصحون وأقلام تحمل صورته في مكاتبهم وأماكن عملهم، وهذا نوع من الرياء والنفاق، حسب وصفه.

دوافع نفسية

ويقول عضو رابطة‍ علم النفس الروسية نيكولاي فاسيليف “صحيح أن السياسة الإعلامية السائدة حاليا في روسيا تهدف إلى تمجيد الرئيس بوتين وترويج سياساته، ولكن علينا ألا ننسى أن هذا ينسجم مع المزاج العام”.

وأضاف أن “تزايد الطلب على اقتناء الملابس والمنتوجات المختلفة التي تحمل صور الرئيس فلاديمير بوتين له دوافع نفسيه انفعالية” تتأثر بعدة عوامل مثل الجو العام الذي أوجده الإعلام والظروف المحيطة نتيجة الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية المفروضة، والتهديدات الغربية بتشديدها.

ويؤكد فاسيليف أنه “في هذه الظروف يكون المرء مطالبا باتخاذ قرار حاسم وتحديد انتماءاته، وهنا يختار الكثيرون الوقوف إلى جانب بوتين باعتباره زعيما قويا قادرا على مواجهة الأخطار المحيطة بهم وبوطنهم”.

ويمضي في تحليله للظاهرة بقوله “هذا يعني أيضا أن الأغلبية تتفق مع رؤية الرئيس في كيفية إدارته الأزمات، ويبدو ذلك جليا بالإقبال على المنتوجات التي تحمل صوره، ولا أعتقد أن هذا له صلة بما تسمى “البوتينية” أو عبادة الفرد، وإنما يأتي كرد فعل طبيعي في هذه الظروف التي تشبه ظروف الحرب”.

 الجزيرة