اختتمت في العاصمة الاردنية عمان اعمال المؤتمر العالمي “دور الوسطية في مواجهة الارهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي” الذي اقيم برعاية المنتدي العالمي للوسطية بالتنسيق والتنظيم العام للمنتدي بالاردن .
وسعى المنتدى العالمي للوسطيةالذي استمر من 14-15/03/2015م لإيجاد معادلة توفيقية للتأصيل والتحديث في العلوم الشرعية، واستصحاب منظومة حقوق الإنسان في التعامل مع التنوع الديني، و”إحداث صحوة في عالم السنة توفق بين التطلع الإسلامي والمساواة في المواطنة وتقبل التعايش مع الآخر الصوفي والشيعي، وكذلك صحوة في عالم الشيعة توفق بين التطلع الإسلامي والمساواة في المواطنة وتقبل التعايش مع أهل السنة”.
وجاء في مستهل الجلسة الاولى لليوم الثاني للمنتدى العالمي للوسطية اعلان “نداء عمان لإدانة الارهاب واستنهاض الامة” الذي اعلنه رئيس المنتدى الامام الصادق المهدي ، في من فعاليات مؤتمر”دور الوسطية في مواجهة الارهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي”.
وقدم في هذا النداء وصفا للأمة حدد من خلاله نقاط قوتها وملامح ضعفها، قائلا “إن أمتنا الإسلامية بمكوناتها العربية والتركية والفارسية والآسيوية والأفريقية والأوربية والأمريكية وغيرها من القوميات الإسلامية الموزعة في كل قارات العالم المعمور، لها تفرد عظيم .. فرسولها المؤسس هو وحده بين الرسل الذي أسس ديانة عالمية ودولة أممية.. كما أن كتابها المقدس وحده بين الكتب المقدسة مجمع على النص بين دفتيه”.
واكد المهدي ان الطغاة، والغزاة، أثاروا الغلاة، والغلاة بدورهم يستعدون الطغاة والغزاة، ظلمات بعضها فوق بعض. سرطانات تغذي بعضها بعضاً، وتسوق المنطقة كلها نحو الطامة ما لم يستلم راية الخلاص الصحاة.
وفصل النداء اسباب التطرف مقدماً وجهة نظر موضوعية تشرح حقيقة مقاصد الشرع الاسلامي بعيداً عن التحريف الذي ابتدعه الغلاة.
وخرج المؤتمر بتوصيات فقاء وعلماء دين ورجال اختصاص من فئات ذات العلاقة في الشأن الاسلامي والديني من مختلف الدول العربية والاسلامية تتبني رؤي وتوضيح فكرة راسخة ثابتة. إن الإسلام دين العدالة والحق وتأكيدا علي ان المنهج الوسطي الذي هو لبّ الإسلام ، ودين الإنصاف والإنسانيّة ودين العقل، وهو الدين الذي كان يوصي المجاهدين الأوائل وليس ما ينادي بة المتطرفين اليوم وما يتسترون تحت عبائة الاسلام من حركات تكفيرة تسيء الي الاسلام والامة الاسلامية كاملة .
واعتبر البيان أن “أي محاولة لربط التطرف والعنف والإرهاب بأي دين ستساعد في الإرهابيين للوصول إلى أهدافهم المشبوهة”.
ويشير القائمون ان المؤتمر جاء لبيان اهمية الوسطية ودورها في مواجهة الارهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي كما حرص على إبراز خطر التطرف والعنف والإرهاب الذي يستنزف طاقات وإمكانات العالم الإسلامي واظهار حقيقة الإسلام وعدله ورحمته في التعامل مع جميع مكونات الأمة على اختلاف أديانها ومذاهبها احتراماً لكرامة الإنسان وذاته، انتهى الى اعتماد التوصيات الآتية:
• اكد المؤتمرون على أن الغلو والتطرف والارهاب كل ذلك يشكل تهديداً مستمراً للسلم والأمن والاستقرار لجميع البلدان والشعوب، ويجب إدانتهما والتصدي لهما بصورة شاملة، من خلال اعتماد إستراتيجية شاملة وفاعلة وموحدة وبجهد دولي منظم بحيث يشرف عليها مجلس حكماء يتم تعيينه على مستوى العالم الإسلامي.
• يتفق المؤتمرون على أن الإرهاب ينتهك تمتع الفرد بالحقوق الأساسية للإنسان. فالتطرف ليس له دين معين أو جنس أو جنسية أو منطقة جغرافية محددة، وينبغي التأكيد على أن أي محاولة لربط التطرف والعنف والإرهاب بأي دين ستساعد في حقيقة الأمر الإرهابيين للوصول الى أهدافهم المشبوهة.
• يشيد المؤتمر بنداء عمان والذي اطلقه دولة الإمام الصادق المهدي بمناسبة انعقاد هذا المؤتمر والذي يدين التطرف ويحث على وحدة الأمة والتمسك بمبادئ الوسطية.
• يسجل المؤتمر بالتقدير والامتنان الجهود المبذولة لمحاربة الارهاب كالمبادرة العربية والاسلامية ومبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بلاغ مكة المكرمة، وكلمة سواء، وأسبوع الوئام بين الأديان.
• يوصي المؤتمر الحكومات العربية والإسلامية الاهتمام بالشباب وبالشرائح الفقيرة والمهمشة والعمل على تطبيق فاعل لفريضة الزكاة الركن الثالث في الاسلام، من خلال سياسة وطنية للتشغيل والتأهيل والتكوين المستمر، ومحاربة الأمية والفقر والجهل، ونشر القيم والأخلاق الفاضلة تحصينا ضد الغلو والتطرف والارهاب.
• يوصي المؤتمر المؤسسات التربوية التعليمية في الأقطار الإسلامية بتضمين المفاهيم التعليمية الخاصة لمحاربة الارهاب في المناهج؛ وتدريس التربية الإسلامية، وترسيخ الانتماء الوطني لدى الناشئة من الطفولة المبكرة، ونشر ثقافة الوسطية والاعتدال والحوار وأدب الاختلاف وقبول الآخر، وتصحيح مفاهيم الطلاب في قضايا التكفير والجهاد والولاء والبراء، وبيان حقوق وواجبات الولاة والعلماء، والرد على الأفكار المنحرفة التي تثيرها الفئات الضالة، وذلك من خلال المناهج الدراسية والأنشطة اللاصفية.
• أبدى المؤتمرون أسفاً قلقهم على تنامي التعصب والاضطهاد ضد المسلمين؛ ومما يؤدي إلى تصاعد حدة الإسلام فوبيا، مما يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الخاصة بالمسلمين وكرامتهم، مما يولد إرهاباً مضاداً، الأمر الذي يفرض على وسائل الإعلام والاتصال المعاصرة والسادة السفراء الأجانب في العالم العربي والاسلامي وسفراء الدول العربية والاسلامية في الخارج بذل الجهود الحقيقة للتوعية بضرورة عدم الخلط بين الإرهاب والدين وبين هؤلاء الارهابين والاسلام كدينً.
• يناشد المؤتمر وسائل الإعلام العالمية التعرف على حقيقة الإسلام باعتباره ديناً سماوياً عالميا تسوده قيم الرحمة والمحبة والسلام والعدالة والحرية والتسامح والتعايش المشترك مع الآخر، وتجنب التشويه المتعمد لصورة الإسلام، ورفض الإساءة إلى دين الإسلام ونبيه – صلى الله عليه وسلم-.
• .يؤكد المؤتمر أن الإرهاب يشمل إرهاب الأفراد والجماعات والدول منوهاً أن المقاومة المشروعة للاحتلال والغزو الأجنبي بالوسائل المشروعة لاتدخل في مسمى الإرهاب.
• يؤكد المؤتمرون أنه لا بد من البحث بشكل عميق في الأسباب الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لأسباب العنف والتطرف والإرهاب من أجل معالجتها، كي لا يقتصر الأمر على الإدانة أو الحديث عن الآثار والنتائج فحسب.
• يوصي المؤتمرون بدعم جهود الإصلاح الوطني المبذولة من قبل البلدان كافة بهدف توسيع المشاركة السياسية والتعددية، وتحقيق التنمية المستدامة، والتوصل إلى توازن اجتماعي وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني؛ بغية التصدي للظروف التي تعزز العنف والتطرف والارهاب.
• يدعو المؤتمر المؤسسات الدينية الإسلامية لتفعيل دورها، في محاربة الغلو والتطرف والإرهاب والعمل على إبراز صورة الإسلام السمحة التي يدعو الى المحبة والتعايش المشترك وضرورة تحييد هذه المؤسسات ودور الإفتاء عن التوظيف السياسي والصراعات السياسية لتكون أداة جامعة للأمة.
• يؤكد المؤتمر على دور الأسرة المسلمة ومسؤولية المرأة بالذات في تربية الأبناء والقيام بدورها في تربية الأبناء على ثقافة الحوار وقبول الآخر، وتوجيههم وتحذيرهم من رفقة السوء، ويناشد المؤتمر الدول الإسلامية اتخاذ ما يلزم من إجراءات فنية لحماية الأجيال مما تنشره وسائل الإتصال المعاصرة.
• يوصي المؤتمرون بعقد لقاءات تنسيقية بين كافة الجهات المتخصصة في الأمة الإسلامية، لوضع خطط عملية تتصدى للفكر المنحرف وتكوين وفود من العلماء والمتخصصين لزيارة البلدان المتضررة من الإرهاب، ومقابلة مسؤوليها، وشرح الرؤية الإسلامية حول علاج هذه الظاهرة مع أهمية التعاون مع الجامعات الإسلامية ومراكز البحوث من أجل ضبط المفاهيم الملتبسة وتفكيكها لاقناع الشباب وفق تأصيل شرعي مقنع .
• يدعو المؤتمرون المؤسسات الإعلامية العربية والاسلامية إلى مواجهة انتشار المنابر الإعلامية المحلية والإقليمية التي تبث رسائل تحض على التطرف والكراهية وتسيئ إلى وسطية الإسلام وتقديم بدائل على مستوى عالمي لمخاطبة العقل الانساني وخاصة الغربي والآسيوي، والإفريقي لحقيقة الإسلام.
• يوصي المؤتمر بإدانة الاعتداءات الإرهابية التي تقوم بها سلطات الاحتلال الصهيونية في الأراضي الفلسطينية، وبخاصة في القدس الشريف، والتي تستهدف الإنسان الفلسطيني المسلم والمسيحي على حد سواء، كما تستهدف المساجد والكنائس وخاصة المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، ويناشد المجتمعون المجتمع الدولي التدخل بفاعلية ومسؤولية لوضع حد لهذه الاعتداءات الآثمة وإحالة مرتكبيها إلى محكمتي العدل والجنايات الدوليتين باعتبار ذلك سبباً هاماً من أسباب إشعال المنطقة وإذكاء التطرف فيها.
• يؤكد المؤتمر على ان الاسلام يقر بالتعددية والتنوع والاختلاف بين بني البشر وهذا من سنن الكون ويدعو الى التعاون والتعايش بين الأمم وقبول الآخر، ويؤكد المؤتمرون على أنَّ المسلمين والمسيحيين في الشرقِ هم إخوةٌ، ينتمون معًا إلى حضارةٍ واحدةٍ وأمةٍ إيمانيةٍ واحدةٍ.
• يؤكد المؤتمر ان من واجب الدول والحكومات والانظمة العمل على دعم المؤسسات الفكرية والثقافية التي تنشر منهج الوسطية في العالم دعماً معنوياً ومادياً للاستمرار في أداء رسالتها وضرورة تحييد عمل هذه المؤسسات عن الصراعات السياسية والحزبية لتكون أداة جمع أبناء الأمة.
• يوصي المؤتمر المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الإرهاب على صوره المختلفة وإشكاله التعامل بموازين عادلة مع كافة القضايا الدولية وتجنب التعامل بمعايير مزدوجة مع المسلمين وقضاياهم العادلة والتصدي للإرهاب بجميع صوره وأشكاله ضد المدنيين العزل، واتخاذ التدابير اللازمة ضد الدول والجماعات والأفراد المتورطة في إمداد الجماعات الإرهابية مادياً ومعنوياً.
• وفي اطار التعاون مع منظمة التعاون الإسلامي نقترح انشاء وحدة في منظمة التعاون الإسلامي للتنسيق والتعاون بين المنظمات والمؤسسات العاملة في مجال الوسطية ومحاربة الإرهاب عوضاً عن تكون جهود فردية مشتته، وإنشاء وحده بحثية للمجمع الفقهي الدولي لتقديم بحوث وجهود علمية في هذا المجال يأخذ بجميع العلوم الحديثة والتقليدية لفهم هذه الظاهرة.
• إنشاء وحدة لتدريب العاملين في هذا المجال حتى تكون الجهود علمية منضبطة ويستحسن التعاون مع مركز الحوار الدولي في فينا، واقتراح عقد اجتماع دوري تقوم به منظمة التعاون لمتابعة الجهود المبذولة في الوسطية ومحاربة الإرهاب.
• يدعو المؤتمر ان تصدر الأمم المتحدة تشريعاً ملزماً يُجرم ازدراء الأديان والأنبياء والرسل والكتب المقدسة لما في ذلك من آثار إيجابية في وقف ثقافة الكراهية والعنف وتحسين العلاقات بين الشعوب والأمم.
• يوصي المؤتمرون برفع برقية شكر وامتنان لجلالة الملك عبد الله الثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية لعقد هذا المؤتمر في رحاب العاصمة الأردنية – عمّان- و جهوده في التعريف للصورة الحقيقة المشرقة للإسلام وبيان خطر الارهاب على الشعوب والبلدان والاوطان وسبل معالجته.
• ختاماً يتقدم المنتدى العالمي للوسطية بالشكر الجزيل الى جميع المشاركين في المؤتمر والى جميع الجهات الراعية والداعمة لأعمال المنتدى كافة وجميع سائل الإعلام والى كل الافراد والمؤسسات التي ساهمت بإنجاح هذه التظاهرة الفكرية.
وعبر المشاركون عن رغبتهم ان يكون هناك مؤتمرات مشابهة في الايام المقبلة لترسيخ مفهوم الوسطية والانفتاح ونبذ التطرف والارهاب للحفاض على الاستقرار والسلم العالميين .
وشاركت جهات عربية وإسلامية، من بينها، منظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، واتحاد علماء المسلمين، وشخصيات من تونس، وتركيا، والجزائر، وإيران، وقطر، والمغرب، وسوريا، والهند، والسودان، وماليزيا، ولبنان، وليبيا، والعراق، ونيجيريا، فضلا عن الدولة المضيفة، الأردن.
عامر العمران
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية