كابول – عززت الهجمات على السفارة العراقية في كابول وعلى مسجد للشيعة في غرب أفغانستان المخاوف من سعي تنظيم الدولة الإسلامية لنقل الحرب التي يخوضها في الشرق الأوسط إلى أفغانستان رغم عدم وجود أدلة على انتقال مقاتلين من العراق وسوريا.
وقال التنظيم إنه نفذ هجوم الاثنين الذي بدأ بتفجير انتحاري نفسه عند المدخل الرئيسي للسفارة ما سمح لمسلحين بدخول المبنى والاشتباك مع قوات الأمن بداخله.
وأعلن التنظيم أيضا المسؤولية عن هجوم الثلاثاء والذي أودى بحياة 29 شخصا على الأقل وأصاب 63 آخرين في مسجد للشيعة في مدينة هرات وهي منطقة بغرب أفغانستان أفلتت في السابق من هجمات طائفية للتنظيم.
وسبق أن تبنى التنظيم سلسلة من الهجمات التي قتلت العشرات من الشيعة في كابول خلال العام الماضي من بينها تفجيران مزدوجان في يوليو 2016 بين حشود من الشيعة الهزارة أدى إلى مقتل 85 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 400 آخرين.
يعد الشيعة ثلاثة ملايين في أفغانستان التي يدين معظم سكانها بالإسلام السني، والشيعة الهدف الرئيسي لتنظيم الدولة الإسلامية خلال العام الماضي. ويتهم الشيعة الشرطة والجنود بعدم توفير الحماية الكافية لهم.
وبدا أن اختيار هدف الهجوم، بعد ثلاثة أسابيع من سقوط الموصل في أيدي القوات العراقية، يؤكد تحذيرات متكررة من مسؤولي الأمن الأفغان من احتمال ظهور مقاتلي الدولة الإسلامية في أفغانستان بعد طردهم من سوريا والعراق.
9 أقاليم بها وجود لداعش، أهمها ننكرهار وكونار في الشرق وبدخشان في الشمال
وقال الجنرال دولت وزيري المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية “هذا العام نشهد المزيد من الأسلحة الجديدة في أيدي المتمردين وزيادة في عدد المقاتلين الأجانب. وتتم الاستعانة بهم في الخطوط الأمامية لأنهم من المتمرسين في الحرب”. وقدر مسؤول أمني كبير عدد الأجانب الذين يقاتلون لحساب الدولة الإسلامية وحركة طالبان في أفغانستان بنحو 7000 يعمل أغلبهم عبر الحدود انطلاقا من دولهم الأصلية باكستان وأوزبكستان وطاجيكستان غير أن بعضهم أيضا من دول أخرى مثل الهند.
ورغم وجود هؤلاء المقاتلين الأجانب في أفغانستان منذ مدة طويلة فقد تزايدت المخاوف من وصول مقاتلين من دول أخرى، تركوا القتال في سوريا مع تنامي الضغوط على تنظيم الدولة الإسلامية، إلى أفغانستان عبر إيران.
وقال مسؤول أمني آخر “نحن لا نتكلم عن مقاتل متشدد بسيط بل نتكلم عن مقاتلين متعلمين ومحترفين بالآلاف خبروا القتال”. وأضاف “هؤلاء أكثر خطورة لأنه بإمكانهم تجنيد مقاتلين وجنودا هنا، وهذا ما سيفعلونه بسهولة”.
ويطمح المسؤولون الأفغان إلى إدخال الولايات المتحدة الأميركية لتغييرات جوهرية على سياسياتها لمكافحة التطرف في أفغانستان قبل أن يتمكن تنظيم داعش من ترتيب أوراقه بالمنطقة.
وتدرس الولايات المتحدة، التي دخلت أفغانستان للمرة الأولى عام 2001 بعد هجمات تنظيم القاعدة في نيويورك وواشنطن، إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان لأسباب منها ضمان عدم تحول أفغانستان إلى ملاذ للجماعات الأجنبية المتطرفة.
وعلى الرغم من تحذيرات المسؤولين الأفغان والأمريكيين منذ مدة طويلة من خطر انتقال مقاتلين أجانب من سوريا إلى أفغانستان فإن الشكوك كبيرة في عدد من انتقلوا بالفعل.
وفي أبريل خلال زيارة لكابول قام بها وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس قال الجنرال جون نيكلسون قائد قوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان إنه رغم “طموح” تنظيم الدولة الإسلامية إلى نقل مقاتليه من سوريا “فلم نشهد حدوث ذلك”.
داعش يتبنى الهجوم الذي أودى بحياة 29 شخصا على الأقل وأصاب 63 آخرين في مسجد للشيعة في مدينة هرات
ويقول القادة الأميركيون إنهم قلصوا كثيرا بالمشاركة مع قوات الأمن الأفغانية قوة تنظيم الدولة الإسلامية خلال العام الأخير بمزيج من الضربات الجوية بطائرات دون طيار وعمليات القوات الخاصة.
وتوضح وثائق مخابرات أفغانية أن المسؤولين الأمنيين يعتقدون أن التنظيم له وجود في تسعة أقاليم من ننكرهار وكونار في الشرق إلى جوزجان وفارياب وبدخشان في الشمال وغور في الغرب الأوسط.
وقال جمعة جول همت قائد الشرطة في إقليم كونار الشرقي الذي لجأ إليه مقاتلو الدولة الإسلامية الذين أخرجتهم القوات من قاعدتهم في إقليم ننكرهار المجاور “في العمليات الأخيرة أنزلنا بهم خسائر فادحة غير أن تركيزهم ينصب على تجنيد مقاتلين من هذه المنطقة”. وأضاف “هم ليسوا من باكستان السابقة ومن طالبان فقط فهناك مقاتلون من دول أخرى ومجموعات صغيرة أخرى بايعتهم”.
ويقول المسؤولون الأفغان إن القادمين الجدد من المقاتلين الأجانب كان لهم دور كبير في القتال في إقليم ننكرهار المعقل الرئيسي للدولة الإسلامية في أفغانستان حيث دارت بينهم وبين حركة طالبان اشتباكات متكررة. ويؤكد المسؤولون الأمنيون أنهم مازالوا يحققون في الهجوم الذي وقع على السفارة العراقية الاثنين وأنه من السابق لأوانه الحديث عن نفوذ أو دور أجنبي فيه.
وقد أصدر تنظيم الدولة الإسلامية بيانا كشف فيه أن المهاجمين هما أبوجليبيب الخراساني وأبوطلحة البلخي وهما من الأسماء العربية التي توحي أيضا بأصول أفغانية، فخراسان هي الاسم القديم لمنطقة في آسيا الوسطى تضم أفغانستان كما أن بلخ إقليم في شمال أفغانستان. وتشير الاتصالات المحتملة مع مقاتلين موالين لداعش في أفغانستان على ضآلتها إلى أن الحركة نفسها تحرص على تشجيع فكرة انضمام المتشددين الأجانب إلى صفوفها.
وقال قائد من قادة تنظيم الدولة الإسلامية في أتشين بإقليم ننكرهار “لدينا إخوة بالمئات من دول مختلفة”. وأضاف “أغلبهم لهم أسر وبيوت دمرتها فظاعات القوات الكافرة في الدول العربية وقسوتها ولا سيما الأميركيين. وبإمكانهم أن يساعدونا مساعدة كبيرة من حيث تعليم مقاتلينا الأساليب الجديدة بالأسلحة وغيرها من الموارد”.
العرب اللندنية