أكدت مصادر في وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة التونسية في تصريحات خاصة لـ“العرب” أن الوزارة تلقت طلبا رسميا من شركة الطاقة المتجددة البريطانية “نور” لبناء محطة للطاقة الشمسية في جنوب البلاد، ستكون الأكبر على الإطلاق.
وذكرت المصادر أن مشروع “تونور”، الذي سيقام في صحراء رجيم معتوق بولاية قبلي، سيمكّن تونس من تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية ومن ثم تصديرها نحو أوروبا.
ويأتي إصرار الشركة البريطانية على إنجاز المشروع الضخم في تونس بالذات لثقتها في مناخ الأعمال. ومن الواضح أن تلكؤ الحكومات السابقة في الموافقة على المشروع لم يثنها على تجديد طلبها الذي يتوقع أن ينال موافقة الحكومة والبرلمان.
2.25غيغاواط حجم إنتاج محطة تونور للطاقة الشمسية التي ستقام في صحراء رجيم معتوق بولاية قبلي
وكانت تونس قد وافقت على المشروع في عام 2012، لكنه لم ير النور حتى اليوم بسبب الاضطرابات السياسية.
وتبلغ تكلفة المشروع نحو 10 مليارات يورو وتصل طاقة إنتاج المحطة، التي ستقام على أرض تقدر مساحتها بحوالي 10 آلاف هكتار، إلى نحو 2.25 غيغاواط.
ويؤكد خبراء في مجال الطاقة أن المشروع في حال تنفيذه سيكون الأكبر في العالم من حيث الحجم، كما أنه يعد أضخم استثمار خارجي في تونس حتى الآن، فضلا عن العوائد الهائلة التي ستدعم اقتصاد البلاد المتعثر.
ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج الفعلي للمحطة بحلول عام 2023 في حال وافقت السلطات في تونس على المشروع سريعا ليتم تصدير الطاقة الكهربائية إلى دول أوروبية من أجل إمداد 2.5 مليون منزل كمرحلة أولى.
وسيتم مد خط كهربائي بري وبحري يصل طوله إلى ألف كيلومتر يربط موقع الإنتاج نحو أوروبا، حيث ستحول الكهرباء إلى مالطا وإيطاليا وفرنسا عبر أسلاك الضغط العالي ومن ثم سيتم إعادة توزيع الكهرباء نحو ألمانيا وبريطانيا.
وكان الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية كيفين سارا قد كشف الأسبوع الماضي، عن تقديم طلب لوزارة الطاقة لإنجاز المشروع.
وأكد سارا، الذي يرأس أيضا شركة “تونور” المحدودة (شركة نور المشتركة لتونس) في تصريحات سابقة لإذاعة “موازييك” المحلية الخاصة أنه تم تقديم عدة مطالب خلال فترات الحكومات السابقة لإنجاز المشروع، لكن دون جدوى.
وقال “آمل في أن تستجيب الحكومة الحالية للطلب”، مؤكدا على أهمية الاستقرار السياسي، لا سيما في ما يتعلق بالمشروعات التي تمتد على المدى الطويل.
وأوضح أن اختيار رجيم معتوق لبناء المشروع يعود إلى إشعاع الشمس الكثيف في المنطقة وتوفر الأراضي الضرورية لإقامته، لافتا إلى أن المحطة ستبدأ بإنتاج نحو 250 ميغاواط في مرحلة أولى، باستثمارات تبلغ 1.6 مليار يورو.
وإلى جانب شركة “نور” البريطانية سيشارك في إنجاز المشروع مستثمرون من تونس ومالطا ودول أخرى يعملون في مجال النفط والغاز.
كيفين سارا: المشروع يهدف لإنتاج الطاقة الشمسية وتصديرها إلى أوروبا عبر كابلات بحرية
وتقوم المحطة على حزمة من المرايا التي تتعقب أشعة الشمس وتعكسها على برج مركزي يعمل على تسخين الماء أو الملح المنصهر في درجة حرارة تبلغ 550 درجة مئوية، ومن ثم يقوم البخار الناتج عن ذلك بتشغيل التوربينات البخارية التي تولد الكهرباء.
وحددت الشركة احتياجات المحطة من المياه سنويا بنصف مليون متر مكعب يمكن تغطيتها عبر استغلال جزء صغير من المياه الجوفية الموجودة في المنطقة والتي يتم حاليا استغلالها في الواحات المستحدثة برجيم معتوق.
ويعتقد المسؤولون أن المشروع سيحرك عجلة الاقتصاد التونسي لا سيما في مجال الطاقة المتجددة بعد أن وضعت الحكومة نصب عينيها النهوض بهذا القطاع الواعد، كما أنه سيحقق قفزة نوعية في التنمية بالمناطق الجنوبية للبلاد.
وتقول خديجة الصغيري، المديرة التنفيذية للمشروع، إن بناء المحطة وصل إلى مرحلة متقدمة بعد القيام بكافة الدراسات اللازمة والإجراءات القانونية لدى السلطات التونسية في عام 2014، لكن “الحلم توقف بسبب الأوضاع بالبلاد”.
وأكدت أن الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة عرضت المشروع على الحكومة السابقة وتم تكوين لجنة تضم ممثلين عن وزارات الصناعة والبيئة والمالية والشركة التونسية للكهرباء والغاز الحكومية للنظر في الدراسات التي قامت بها “تونور” حول المشروع.
وقال نجيب عصمان، مدير الدراسات والتخطيط في الوكالة إن “تونس تنتج من الكهرباء 2 بالمئة فقط من الطاقة البديلة وتستهدف بلوغ 30 بالمئة بحلول عام 2030، لكن ما سيوفره مشروع رجيم معتوق من فرص عمل سيحقق عائدا تنمويا أكبر لتونس”.
وسيوفر المشروع الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة بولاية القبلي والولايات المجاورة المعروفة باقتصاد قائم على الزراعة والسياحة فقط. ومن شأنه أيضا إنشاء حياة اقتصادية صناعية جديدة لتلك الجهات.
ويتوقع أن يسهم المشروع في توفير أكثر من 20 ألف فرصة عمل خلال فترة الإنجاز التي تقدر بنحو ست سنوات إلى جانب توفير نحو 1500 فرصة عمل قارة بعد إتمام بناء المحطة.
العرب اللندنية