جاء أبرز مؤشر مثير للقلق عن تنامي النفوذ الإيراني في العراق وخارجه، خلال ندوة بعنوان: “الهوية الإيرانية”، عقدت بتاريخ 8 مارس الجاري، عندما قال علي يونسي، وهو مستشار للزعيم الأعلى الإيراني خامنئي: “إيران هي إمبراطورية مرة أخرى كما كانت في الماضي، وعاصمتها بغداد“.
وينزلق العراق، وخاصة المناطق الشرقية والجنوبية منه ذات الأغلبية الشيعية، في فلك النفوذ الإيراني. وخلال الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، قامت طهران بتمويل الميليشيات الشيعية بهدف إسقاط حكومة صدام حسين. ولم تنمُ قدرة إيران على فرض نفوذها في العراق إلا في أعقاب الغزو الأمريكي للبلاد في عام 2003 والانسحاب اللاحق للقوات الأمريكية.
وفيما يلي، الطرق المختلفة التي تستخدمها إيران في توسيع نفوذها في العراق:
تشكيل الميليشيات الشيعية
بعد بدء هجوم مجموعة الدولة الإسلامية عبر العراق وسيرها نحو بغداد، تمت إعادة مركزة الميليشيات الشيعية الممولة من إيران. وأقوى هذه الميليشيات هي منظمة بدر، وهي منظمة سياسية وعسكرية مدعومة من إيران نفذت هجمات انتقامية ضد السنة في جميع أنحاء العراق.
وقد أصبح هذا الأمر قضية هامة بالنسبة للولايات المتحدة؛ لأن مثل هذه الميليشيات الطائفية، والتي تدين بالولاء عمومًا لإيران، قتلت وشوهت المئات من القوات الأمريكية خلال حرب العراق.
وقال ريان كروكر، وهو دبلوماسي محترف شغل منصب سفير الولايات المتحدة في العراق بين عامي 2007 و2009: “من الصعب علينا أن نتحالف في ساحة المعركة مع مجموعات من الأفراد تشمل من سفكوا من دون ندم الدم الأمريكي“.
ولقد لعبت هذه المجموعات في الآونة الأخيرة دورًا محوريًا في وقف تقدم الدولة الإسلامية، بعد تفكك الجيش العراقي. وكتب مايكل نايتس، وهو زميل في معهد واشنطن: “نحتت إيران وأتباعها في العراق منطقة نفوذ لها في شرق العراق لأكثر من عقد من الزمن. وهذه المنطقة، كما لاحظ رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، آخذة في التوسع“.
وجود قاسم سليماني
لعب العقل المدبر العسكري الإيراني، قاسم سليماني، دورًا محوريًا في نشر القوات التابعة لإيران ضد داعش في العراق. وكان سليماني حاضرًا أثناء الحصار الناجح لقرية أمرلي في شهر أغسطس، وهو موجود على الخطوط الأمامية للمعركة الراهنة ضد داعش في تكريت.
وقد وضع سليماني، وهو رئيس قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، كمسؤول عن توجيه وكلاء إيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ويعمل حضوره المستمر في مختلف المعارك على تأكيد صعود قوة إيران، وقتالها من أجل السيطرة في جميع أنحاء المنطقة.
المعركة من أجل تكريت
تكريت تحت الحصار من قبل ائتلاف الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران وقوات الجيش العراقي. ويشرف على الهجوم على المدينة سليماني نفسه. وإذا ما استطاعت هذه القوات تحرير تكريت من داعش، فستكون إيران قد حققت فوزًا دعائيًا كبيرًا.
وسوف يضع الاستيلاء على تكريت القوات المدعومة من إيران على طريق استعادة الموصل من داعش، وإذلال السنة من خلال سيطرة إيران على مسقط رأس صدام حسين.
وعلاوةً على ذلك، سيكون على الولايات المتحدة الجلوس والمشاهدة فقط.
إدخال الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية
وللمساعدة في حصار تكريت وتنفيذ المزيد من العمليات العسكرية ضد داعش، نقلت إيران صواريخ متطورة وأنظمة مدفعية إلى العراق، وفقًا لتقارير صحيفة نيويورك تايمز.
وقد تزيد هذه النظم من تأجيج التوترات الطائفية، حيث إن سلاح المدفعية غالبًا ما لا يكون دقيقًا، ولديه القدرة على التسبب بأضرار جانبية بالغة.
ويلاحظ تقرير النيويورك تايمز: “عادةً ما يتم وضع أنظمة إطلاق صواريخ فجر 5 وفاتح 110 على متن شاحنات مصممة خصيصً لهذا الغرض، وتعد هذه الأنظمة إضافات هائلة بالنسبة للترسانة العراقية“.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014، قصف الطيارون الإيرانيون مواقع داعش في ديالى، وهي محافظة عراقية تتاخم إيران وتعيش فيها الطوائف الدينية المختلفة.
هذا، وأجرت طائرات إيرانية غارات جوية في نفس الوقت، وفي نفس المناطق، التي جرت فيها العمليات العسكرية الأمريكية. والشيء نفسه يحدث في سوريا.
تصدير الثورة
وتمدد طموحات إيران إلى ما هو أبعد من العراق، وتستمر طهران بأخذ هذه الطموحات إلى مواقع أقرب من حدود خصومها الإقليميين. وفي الشهر الماضي، نسب إلى سليماني شماتته بحال هؤلاء الخصوم، قائلًا: “إننا نشهد تصدير الثورة الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة، من البحرين والعراق، إلى سوريا واليمن وشمال إفريقيا“.
ويوضح توني بدران، وهو زميل باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ما يعنيه العقل المدبر العسكري الايراني بهذا، قائلًا: “عندما يتحدث عن تصدير الثورة الإسلامية، فإن سليماني يشير إلى مفهوم محدد جدًا. إنه المفهوم الذي أنشأه ثوار الخميني أولًا في لبنان قبل 36 عامًا، والذي أدى إلى بقاء حزب الله كأشمل وأوضح تصدير للنموذج الإيراني حتى الآن“. ويضيف: “يجري حاليًا تكرار النموذج الثوري الإسلامي في العراق، وسوريا، واليمن أيضًا، من خلال إنشاء هياكل مشابهة“.
ولهذا السبب، قال علي خضيري، الذي شغل منصب مساعد خاص لخمسة من سفراء الولايات المتحدة في العراق وعمل مستشارًا رفيع المستوى لثلاثة من رؤساء القيادة المركزية الأمريكية بين عامي 2003 و2009، لصحيفة نيويورك تايمز في ديسمبر/كانون الأول، إن سليماني هو “زعيم لبنان، سوريا، العراق، واليمن”. مضيفًا أن “العراق ليس دولة ذات سيادة. بل يقوده سليماني، ورئيسه، المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي“.
بزنس إنسايدر – التقرير