مشاكل العمال تعصف بأصول الشركات الحكومية المصرية

مشاكل العمال تعصف بأصول الشركات الحكومية المصرية


القاهرة – كشف إضراب 150 ألف عامل في شركات غزل المحلة التابعة لقطاع الأعمال العام في مصر مؤخرا عن صعوبة خصخصة وتطوير الشركات التابعة للدولة، فضلا عن عزوف الكثير من المستثمرين عنها نتيجة تشوّه هياكلها الإدارية والمالية.

ودخل عمال مجمع شركات النسيج التابع للحكومة في مدينة المحلة في إضراب مفتوح نتيجة تأخر صرف الزيادة الاجتماعية البالغة 10 بالمئة، التي تقرهـا قوانين العمـل المصرية، حيث تصرف مع راتب شهـر يـوليو من كل عام.

ورغم إعلان أشرف الشرقاوي وزير قطاع الأعمال العام عن صرف الزيادة، إلا أن الأمر تطور خلال اليومين الماضيين ووصل إلى توقف خطوط الإنتاج، بعد تصاعد المطالب إلى إصلاحات إدارية وترقيات للعاملين.

وتعد حالة غزل المحلة نموذجا حيّا على تفاقم أوضاع الشركات الحكومية، والتي تصرف أرباحا بنحو 6 أشهر سنويا، رغم تحقيق مركزها المالي لخسائر تصل لنحو 32 مليون دولار.

وقال ياسر عمارة، رئيس شركة إيجل للاستشارات المالية وهيكلة الشركات لـ”العرب” إن “العمالة من أهم المعوقات الرئيسية في عملية خصخصة قطاع الأعمال العام”.

1500 دولار الحد الأدنى للتعويض في أقل درجة وظيفية لقبول الإحالة إلى التقاعد المبكر
وأوضح أن تحديد مصير العمالة في عمليات الخصخصة يتم بطريقتين، الأولى تشترط فيها الحكومة على المستثمر عدم الاستغناء عن أي عامل وفقا لقانون العمل خاصة إذا كانت الصناعة كثيفة العمالة.

أما الطريقة الثانية فتشمل وضع ضوابط لتعويض العاملين أو الإحالة إلى التقاعد المبكر، الذي تحدده الحكومة، إذا كان المستثمر ينوي تغيير النشاط أو طريقة العمل.

وتضع الحكومة حدا أدنى لتعويض العامل على التقاعد المبكر بنحو 1500 دولار للعامل الحاصل على الشهادة الابتدائية، ويتم تقسيم التعويضات إلى شرائح وفقا للوظائف، لكن النص الصريح جاء للحد الأدنى.

وأشار التقرير السنوي لوزارة قطاع الأعمال العام إلى أن عدد العاملين في شركاتها يصل لنحو 304 آلاف عامل.

وفشلت مبادرة منير فخري عبدالنور وزير الصناعة الأسبق في تأسيس صندوق سيادي لإنقاذ الشركات الحكومية من الخسائر، نتيجة خلل هياكلها المالية وتراكم الديون التي أتت على أصولها.

وأعلن عبدالنور في عام 2015 عن تأسيس صندوق سيادي برأسمال يصل إلى نحو 25 مليار دولار لإنقاذ الشركات الخاسرة، وكان من المقرر أن يتم البدء بالشركات التابعة لقطاع الأعمال العام.

وتعاني شركات قطاع الأعمال العام من خسائر قياسية منذ عقود، وكشفت وزارة المالية أن إجمالي المطلوبات من قطاع الأعمال العام للبنوك سجلت نحو 6 مليارات دولار.

ياسر عمارة: الحكومة تشترط عدم الاستغناء عن العمالة وتضع ضوابط المعاش المبكر
وقال هاني توفيق، رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر، الذي قام بتقييم عدد من شركات قطاع الصناعات الكيمياوية التي تمت خصخصتها لـ”العرب” إن “عدد العمالة من المحددات الرئيسية في تقييم الشركات التي يتم خصخصتها”.

ويصل عدد الشركات المملوكة للدولة والتي بيعت لمستثمرين وفق برنامج “خصخصة الشركات” إلى نحو 282 شركة، بعد أن عادت 8 شركات مرة أخرى إلى ملكية الدولة وفق أحكام قضائية قضت ببطلان عمليات البيع.

وتراجع عدد الشركات القابضة لقطاع الأعمال العام حاليا إلى نحو تسع شركات تضم 146 شـركة تابعـة، مقـارنة بنحو 27 شركة قابضة تضم 314 شركة تابعة في عام 1993.

وأدى عدم استغلال أصول هذه الشركات بشكل خاطئ إلى ضعف تنافسيتها في السوق، رغم أنها تمتلك أصولا تقدر بنحو 11 مليار دولار، ممثلة في رصيدها من الأراضي غير المستغلة.

وأعلنت وزارة التجارة والصناعة عن تدشين شركة “مصر لرأس المال المخاطر” والتي تعد أول شركة لإعادة هيكلة الشركات المتعثرة، وإصلاح التشوّهات المالية نتيجة تباطؤ نمو اقتصاد البلاد خلال الست سنوات الماضية.

ويساهم في رأس مال الشركة الجديدة مركز تحديث الصناعة التابع لوزارة التجارة والصناعة وشركة أيادي الحكومية وبنك الاستثمار القومي وصندوق تحيا مصر الذي دشنه الرئيس عبدالفتاح السيسي في عام 2014. ويصل رأس مال الشركة لنحو 8 ملايين دولار، ويسمح نظام الرفعة المالية بقدرات تمويلية لها في حدود 50 مرة من رأسمالها لتصل معدلات التمويل التي ستتاح للشركات المتعثرة إلى نحو 400 مليون دولار.

ويقول توفيق، وهو مساهم رئيسي بشركة مصر لرأس المال المخاطر، إن كافة الشركات ستستفيد من برامج الهيكلة التي سنقدمها، بما فيها شركات قطاع الأعمال العام.

وقلل الخبير الاقتصادي من فرص توسع هيكلة شركات قطاع العام المتعثرة بسبب تعدد مشكلاتها، مؤكدا أنه سيتم انتقاء عدد محدود جدا منها.

العرب اللندنية