كيف تنظر المؤسسات الأمنية الأمريكية للأزمة السورية؟

كيف تنظر المؤسسات الأمنية الأمريكية للأزمة السورية؟

The Central Intelligence Agency (CIA) logo is displayed in the lobby of CIA Headquarters in Langley, Virginia, on August 14, 2008. AFP PHOTO/SAUL LOEB (Photo credit should read SAUL LOEB/AFP/Getty Images)

السياسة الأمريكية في كيفية التعامل مع الرئيس السوري بشار الأسد لم تتغير، بالرغم من الغضب الأخير حول التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية، جون كيري، حول التفاوض على انتقال سياسي. باختصار، هذه السياسة يمكن جمعها كما قال نائب رئيس المخابرات المركزية الأمريكية، مايك موريل، في مقابلة مع جون ملير على قناة سي بي إس في أيلول/ سبتمبر 2013:

موريل: الناتج الأفضل هو تسوية سياسية بين المعارضة وبين النظام يسمح بانتقال سياسي يحافظ على مؤسسات الدولة.

ميلر: ما واقعية ذلك؟

موريل: أهمية ذلك هو أن هذه المؤسسات والأجهزة العسكرية والأمنية ستستخدم لهزيمة القاعدة عندما ينتهي ذلك. وكل يوم يمر فإن هذه المؤسسات تستنزف.

ميلر: إذن كيف تتعاملون مع ذلك؟

موريل: الآن، الأسد يشعر أنه يفوز؛ لذلك فهو بكل تأكيد لا يملك أي حافز؛ لذلك، فإن دعمًا كافيًا يجب أن يقدم للمعارضة للضغط على الأسد لإجباره على التفاوض، لكن ليس دعمًا كافيًا للمعارضة ليشعروا أنهم لا يحتاجون الذهاب لطاولة التفاوض. وهذا توازن صعب.

بعد سنة ونصف، هذه لا زالت السياسة المتبعة والمعاد التأكيد عليها من الحكومة الأمريكية، وهي تأتي في النسق الذي تحاول به الحكومة الأمريكية إجبار الأسد وخصومه على الحوار بناء على ما يسمى بيان جنيف عام 2012، الذي يسعى لحكومة وحدة وطنية تأخذ السلطات التنفيذية من الأسد باعتبارها أفضل السبل للتقدم.

ولكن الكثير تغير منذ 2012، عندما تبنى بيان جنيف، وفي 2013، عندما تحدث موريل لسي بي إس. حتى البيت الأبيض ظل يقظًا بأن لا يعطي الأسد أية تنازلات، فإن التفكير السياسي تم إدخاله بعدة طرق. التغير في معارك سوريا والبلدان المجاورة يستمر بإذهال صناع السياسة الأمريكيين، وصعود التنظيم المتطرف المعروف بـ”الدولة الإسلامية” في منتصف 2014 لديه تأثير كبير كذلك.

لذلك؛ وراء خطاب البيت الأبيض، ما الذي تفكر به المؤسسات الأمنية الأمريكية اليوم؟

المخابرات الوطنية ووكالة استخبارات الدفاع: الأسد يربح.. ببطء

في 26 شباط/ فبراير سلّم مدير المخابرات الوطنية (DNI) جيمس كليبر تقييمًا لتهديدات العالم بناء على معطيات من كل الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية. حول الأسد، قال التقييم:

النظام السوري قام بمكاسب ثابتة في 2014 بأجزاء في غربي سوريا تعتبر أساسية، استعاد أراضي شرقي دمشق وحمص واللاذقية، وهو قريب من حصار حلب. يحتاج النظام لاسترجاع سيطرة واضحة على كامل البلاد.

وحول الثوار السوريين، قال التقييم:

كتلة المعارضة في الجنوب تقاتل على ثلاث جبهات: ضد النظام، وضد القاعدة، وضد داعش. المعارضة في الجنوب قامت بمكاسب ثابتة في مناطق لم يجعلها النظام أولوية، وتملك داعش بها ظهورًا محدودًا.

الفريق فينسينت ستيورات، مدير وكالة استخبارات الدفاع (DIA)، سلم وكالته التقييم في ذات اليوم. حول سوريا، قال:

نحن نقيم الصراع في سوريا على أنه يسير لصالح الأسد، الذي يملك الأفضلية العسكرية في حلب، أكبر مدن سوريا. في 2015، نتوقع أن تكون استراتيجية النظام هي حصار حلب، قطع خطوط معارضة النظام، ومحاصرة المعارضة. حزب الله وإيران، أبرز حلفاء دمشق في قتالها ضد المعارضة، مستمران بتوفير التدريب والاستشارة والدعم اللوجستي الكبير للمعارضة السورية وداعميها.

بالرغم من تفوق النظام العسكري -تحديدًا بالقوة النارية والأفضلية الجوية- سيستمر الصراع، ولن يكون قادرًا على هزيمة المعارضة بشكل حاسم في 2015.

سي آي إيه: حتى الآن، يجب بقاء الأسد

وما الذي تعتقده المخابرات المركزية؟ بالحديث مع الصحفي تشارلي روز في معهد العلاقات الخارجية، أعطى مدير السي آي إيه جون برينان تقييمًا صريحًا حول دور الأسد. بينما يحتاج الأسد أن يخرج تمامًا لتوفير مساحة لنظام شامل يستطيع إعادة توفير الاستقرار لسوريا، قال برينان ذلك اليوم:

برينان: في سوريا لدينا حكومة إشكالية. وأحد الأسباب التي جعلت الجذب في تلك المنطقة، هو أولئك المقاتلون الأجانب. وسياسة الإدارة هو أن الأسد ليس جزءًا من مستقبل سوريا كما نراه.

روز: ولكننا نحتاج الأسد في السلطة مؤقتًا ما لم يكن هناك تسوية بالمفاوضات؛ لأننا نحتاجه كمعارض لداعش كذلك؟

برينان: نعم. الأزمة في سوريا، من ناحية إنسانية ومن ناحية أخرى على مستوى البلاد، لن تحل بالمعارك، برأيي. أظن أننا نحتاج أن نكون قادرين على دعم العناصر داخل سوريا الساعية لإزالة الأسد. ولكن، يجب أن يكون هناك طريق سياسي بالمستقبل.

روز: وهل تعتقد أن روسيا جزء من ذلك؟

برينان: أظن أن روسيا تنظر للمشاكل التي نشأت من الحالة في سوريا. هناك الكثير من الروسيين الذين سافروا من الشيشان وداغستان ومناطق أخرى، والروسيون قلقون من تدفق المقاتلين الأجانب سواء إلى سوريا أو عائدين منها. لا أحد منا، روسيا وأمريكا والتحالف والبلدان الإقليمية، يريد أن يرى انهيارًا للحكومة والمؤسسات السياسية في دمشق. ما نراه هو أن يكون هناك مستقبل لدمشق يكون به حكومة ممثلة تحاول تحديد هذه المخاوف الموجودة في البلاد. هذه بلاد متعددة الهويات وتستحق حكومة تحاول أن تمثل الشعب هناك.

روز: أنت تخاف من انهيار حكومة الأسد بسبب أولئك الذين قد يأتون مكانهم؟

برينان: أظن أن هذا تخوف مشروع من ناحية أننا لا نريد السماح للعناصر المتطرفة الموجودة بمناطق في سوريا أن تتصاعد الآن. لدينا داعش، وجبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا.

روز: خراسان.

برينان: وآخر ما نريده هو السماح لهم بالوصول لدمشق؛ لذلك فمن المهم دعم تلك القوات غير المتطرفة داخل المعارضة السورية.

الجيش العظيم

باستثناء كونه مصدرًا لتقييم ستيورات من وكالة استخبارات الدفاع، فإن الجيش الأمريكي ليس من المفترض أن يؤثر بالسياسة. وزير الدفاع، كممثل سياسي، يحتاج أن يحافظ على هذه الرسائل. عندما أجاب وزير الدفاع أشتون كارتر عن الأسئلة من مجلس الشيوخ كجزء من عملية التأكيد، كان لديه القليل ليقوله حول السياسة الأمريكية تجاه الأسد:

كما قال الرئيس، الأسد فقد شرعيته ولا يمكن أن يكون جزءًا من مستقبل سوريا بعيد الأمد. الآن، التهديد الأكبر للمصالح الأمريكية الوطنية هو داعش، ولا يوجد حل كاف في سوريا دون تحديد خطر داعش.

في كانون الثاني/ يناير 2015، لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ عقدت جلسة استماع مع ثلاثة ضباط كبار مستقيلين، كانوا قادرين على إبداء آرائهم الشخصية.

اثنان من هؤلاء الثلاثة -العميد ويليام فالون واللواء جيمس ماتيس- قادا في السنوات الأخيرة غرفة العمليات المركزية (CENTCOM)، المسؤولة عن الشرق الأوسط. الثالث، اللواء جون كين، كان نائب رئيس الجيش الأمريكي بين 1999 و2003 ويرأس الآن معهد دراسة الحرب، وهو مركز أبحاث مختص بسياسات التدخل في الشرق الأوسط.

عند سؤالهم حول دعمهم لاستخدام الطيران الأمريكي الحربي لفرض منطقة حظر طيران أو منطقة عازلة شمال سوريا، أجاب كين بالإيجاب، وماتيس وفالون بالنفي. “ليس قبل أن نحدد شكل الدولة النهائية”، قال ماتيس الذي قاد غرفة العمليات المركزية من 2010 حتى 2013. فالون، الذي قاد الغرفة في 2007 و2008، رفض الفكرة بشكل أكثر قطعًا: “كلا، لقد كنت جزءًا من جهود دامت لعشر سنوات في العراق، وانتهت، بشكل أساسي، بالضياع”.

كيان طلب المزيد من الجهود الأمريكية المركزة لتدريب الثوار، وجادل أن هذا سيكون مفيدًا بحشد الدعم العربي السني ضد الدولة الإسلامية، من دول مثل السعودية وتركيا. ماتيس، على الناحية الأخرى، قال إن نافذة الفرص للعمل مع الثوار أغلقت بالكامل، مع “إنزال” القوات الصديقة لأمريكا، من الأسد من ناحية، وداعش من الناحية الأخرى. ناقش كذلك أن الولايات المتحدة يجب أن تقرر أولًا كيف يجب أن تبدو سوريا بعد تدخل أمريكي قبل التعمق أكثر في الحرب:

هل سيظل الأسد، أم لا؟ هناك البعض الذين يقولون إننا لا نستطيع جمع سوريا إذا بقي الأسد. الآخرون يقولون إن بقاءه هو أفضل الحلول السيئة. يجب أن نبقي هذا واضحًا أولًا، وعندها نستطيع أن نعطيكم الكثير من الإجابات، حول كيفية إنجازها.

وربما كان هذا هو الأفضل لجمع كيفية نظر المؤسسات الأمنية الأمريكية نحو سوريا:  مترددة.

كارنيجي – التقرير