واشنطن تعول على دور أوروبي فاعل في استراتيجيتها ضد حزب الله

واشنطن تعول على دور أوروبي فاعل في استراتيجيتها ضد حزب الله

 

تمضي واشنطن قدما في استراتيجيتها لمحاصرة إيران وأذرعها في المنطقة وعلى رأسها حزب الله اللبناني، وهي ترنو إلى دور أوروبي فاعل في هذا الصدد، لإداركها بأن ذلك سيكون له تأثير أقوى في خلخلة أركان الحزب وراعيته.

وللمرة الأولى يطالب مجلس النواب الأميركي علنا وبإجماع، الاتحاد الأوروبي بتصنيف الحزب اللبناني بشقيه السياسي والعسكري تنظيما إرهابيا.

وجاء طلب المجلس ضمن حزمة من القرارات تم اتخاذها مساء الأربعاء، ضد حزب الله بغرض تضييق الخناق عليه، وشل تحركاته التي باتت تؤثر بشكل واضح ليس فقط على استقرار منطقة الشرق الأوسط، بل وعلى العالم بأسره.

وسبق أن أدرج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله ضمن القائمة السوداء، بيد أن واشنطن ترى أن هذه الخطوة غير كافية، وتطالب بتصنيف التنظيم بأسره إرهابيا باعتبار أنه يمارس أعمالا غير قانونية بينها تجارة المخدرات وتبييض الأموال وتهريب الأسلحة عبر أوروبا، مذكرة باعتقال قادة خلية للحزب على صلة بتبييض الأموال وتجارة المخدرات في عملية جرت عام 2016 بتنسيق بين الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا.

ووفق قرار الكونغرس فإن إلحاق الحزب ككل بقائمة الإرهاب من شأنه أن يزيد الضغط على قيادته وأعضائه وإصدار مذكرات توقيف بحقهم، وذلك بناء على عمليات سبق أن نفذها الحزب وطالت مصالح أوروبية، بينها تفجير عام 2012 في بلغاريا والحكم على عنصر من الحزب بتهمة التخطيط لعمل إرهابي عام 2013 في قبرص.

وكان الاتحاد الأوروبي قد أدرج الجناح العسكري للحزب ضمن القائمة السوداء وذلك في العام 2013 على خلفية الهجوم الذي طال سياحا إسرائيليين في بلغاريا.

ويحتاج تصنيف الجناح السياسي لحزب الله ضمن قائمة الاتحاد الأوروبي للمنظمات الإرهابية موافقة كل الدول الأعضاء الست والعشرين، ومن شأن الاتفاق على هذا الإجراء أن يفضي إلى حظر أنشطة وتجميد أرصدة للحزب في أوروبا ومنع قياداته من دخول أراضي الاتحاد.

وتقول أوساط سياسية لبنانية إن هذا القرار يبدو من وجهة نظر الأوربيين ليس بالسهولة المطروحة لعدة عوامل، لعل أهمهما أن ذلك قد يقود إلى زعزعة الاستقرار السياسي للبنان.

ومعلوم أن حزب الله هو أحد مؤثثي المشهد السياسي في لبنان، حيث أن له حضورا بارزا في البرلمان، فضلا عن أنه أحد المشاركين في حكومة الرئيس سعد الحريري، وبالتالي فإن إدراج كل الحزب تنظيما إرهابيا قد يعرض كامل المنظومة السياسية في هذا البلد إلى خطر الانهيار، فضلا عن أنه سيربك التعامل الدولي مع لبنان.

سبق أن أدرج الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري لحزب الله ضمن القائمة السوداء، بيد أن واشنطن ترى هذه الخطوة غير كافية

ومن الأسباب الأخرى التي تجعل الأوربيين مترددين في الاستجابة للطلب الأميركي هو أن لبعض الدول الأوروبية جنودا داخل قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، وبالتالي أي قرار ضد الحزب قد يعرض هؤلاء للخطر.

وسبق أن عارض الاتحاد الأوروبي في أغسطس الماضي طلبا أميركيا-إسرائيليا بإدخال تعديلات على مهام اليونيفيل في جنوب لبنان لتشمل فرض رقابة على حزب الله، وجاء الرفض الأوروبي خشية أن يؤدي ذلك إلى دخول القوات الأممية في مواجهة مع الحزب اللبناني.

وتقول الأوساط السياسية اللبنانية إن الأوربيين على قناعة بأنه لا بد من شل تحركات حزب الله الذي بات يشكل تهديدا أمنيا كبيرا بيد أن أي خطوة في هذا الاتجاه لا بد أن تكون محسوبة بدقة.

ويشير هؤلاء إلى أن البراغماتية التي يتعاطى على أساسها المسؤولون الأوربيون لها تأثيرها في اتخاذ قرار قوي ضد حزب الله، فدول أوروبية من وزن ألمانيا وفرنسا استفادت كثيرا من الاتفاق النووي مع إيران من خلال إبرام عقود اقتصادية ضخمة مع طهران، وبالتالي هذه الدول تبدو حريصة على عدم إثارة الجانب الإيراني وهذا يظهر جليا في الضغط الأوروبي الذي مورس على إدارة الرئيس دونالد ترامب للحيلولة دون انهيار الاتفاق النووي، وأيضا في التردد في اتخاذ قرار حازم ضد الحزب اللبناني.

ومؤخرا صرح الرئيس ترامب “الأوروبيون جميعاً أصدقائي، وهناك تقارب بيننا سواء كان ذلك مع إيمانويل ماكرون (الرئيس الفرنسي) أو مع أنجيلا ميركل (المستشارة الألمانية)، إني فعلا أحبهم، وقد قلت لهم يمكنكم المضي قدماً في جني المال من إيران، لا تقلقوا حيال الأمر، فإيران عندما تشتري التكنولوجيا من ألمانيا أو فرنسا أو غيرهما، فهذه صفقات بمليارات الدولارات، حتى معنا نحن إيران ستشتري طائرات بوينغ، بالرغم من أني لا أعلم ماذا سيحل بهذه الصفقة، سنرى لاحقاً مصيرها.. ولكن عندما تشتري إيران هذه التكنولوجيا من أوروبا فسيكون من الصعب عليهم التعامل مع طهران لاحقاً.. ولكن فيما يتعلق بهل سيدعمونني في استراتيجيتي أم لا أعتقد أنهم سيفعلون”.

ويرى مراقبون أن الدول الأوروبية لا تبدو مستعدة الآن لاتخاذ خطوة وضع كل حزب الله في قائمة الإرهاب، بيد أنها قد تتوصل إلى تفاهمات مع الإدارة الأميركية للضغط على الحزب وإيران للخروج من الساحات الإقليمية وأبرزها سوريا، وربما يتم الاتفاق على وضع شخصيات نافذة في الحزب ضمن القائمة السوداء. ويقول هؤلاء إن هذا يبقى احتمالا بيد أن الثابت هو أن إدارة ترامب ستواصل استراتيجتها لتقليم أظافر الحزب وراعيته، بالنظر للتهديد الذي يشكلانه على مصالحها ومصالح حلفائها في الشرق الأوسط.

وقدّر مجلس النواب الأميركي حصول حزب الله سنويا على 200 مليون دولار في شكل دعم لوجستي ومالي من إيران، إلى جانب امتلاكه أكثر من 150 ألف صاروخ معظمها قادر على بلوغ إسرائيل، إضافة إلى دوره في سوريا بدعم نظام الرئيس بشار الأسد وما تبع ذلك من عمليات تهجير دفعت بمئات الآلاف من اللاجئين إلى الهجرة لأوروبا.

وإلى جانب قرار مطالبة الاتحاد الأوروبي بالانضمام إلى استراتيجية الولايات المتحدة في مواجهة حزب الله، طلب المجلس من الرئيس الأميركي تقديم لائحة خلال 120 يوما تضم أسماء عناصر حزب الله المتورطة في جرائم بينها اتخاذ المدنيين دروعا بشرية والعمل على استصدار قرار بهذا الشأن من مجلس الأمن الدولي، وطلب المجلس في هذا الصدد إدراج أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، وكبار المسؤولين بالحزب وكل من يثبت انتماءه له وكذلك الشركات التابعة والداعمة له وعرض قوائم بتلك الأسماء على الانترنت.

أما القرار الثالث، الذي صادق عليه النواب الأميركي فيحدد مفاعيل العقوبات الواجب تطبيقها على حزب الله وضرورة تقديم الوثائق الضرورية لذلك إلى الجهات المعنية.

صحيفة العرب اللندنية