في 7 تشرين الثاني (نوفمبر)، سوف يُقام في قاعة ألبرت الملكية الشهيرة في لندن “حدث فريد يجمع المسيحيين واليهود معاً للاحتفال بمرور قرن على إعلان بلفور وكل ما قاد إليه”.
سوف يمد المسيحيون أيديهم لدعم المجتمع اليهودي ودولة إسرائيل، أو هكذا يزعم المنظمون. وتقول الدعاية التي تضج بالمغالاة: “رؤيتنا لإقامة حدث كبير في قاعة ألبيرت الملكية هي رؤية طموحة، ونحن ندرك اعتمادنا على الله لإتاحة كل عنصر فيها. سوف يتعقب البرنامج المسائي تاريخ عمل الله، مروراً بإعلان بلفور، والذي بلغ ذروته في استقلال دولة إسرائيل الحديثة. سوف نستخدم الرقص، والأفلام والاستكتشات الدرامية لإيضاح كيف أن الله استخدم كلاً من المسيحيين واليهود على حد سواء لتحقيق العودة النبوئية للشعب اليهودي من المنفى إلى وطنهم الإنجيلي القديم، “إسرائيل”.
ويضيف الإعلان: “سوف يقرأ القادة المسيحيون بيانات تعكس رغبة المسيحيين في…:
• إعادة التواصل مع التراث الروحي للرجال العظماء الذين اعتنقوا فكرة استعادة إسرائيل في أرضها؛
• تذكُّر إعلان بلفور والشراكة اليهودية-المسيحية التي جعلت منه حقيقة واقعة؛
• الاعتراف بفشل بريطانيا في الوفاء بنية إعلان بلفور من خلال انتدابها فلسطين؛
• إعادة تكريس أنفسنا كمسيحيين لدعم إسرائيل والمجتمع اليهودي. ويجب تذكُّر أن قاعة ألبرت الملكية كانت المكان الذي شهد احتفال اللورد بلفور مع الجالية اليهودية بمنح بريطانيا حق الانتداب على فلسطين.
يتذكر البقية منا بطبيعة الحال آرثر بلفور باعتباره المحافِظ البغيض الذي مكّن “إعلانه” الأحمق الصهاينة الذين ليست لهم أي روابط موروثة أو صلة تتعلق بالأسلاف بالأرض المقدسة، من طرد وسجن وإساءة معاملة الفلسطينيين الذين لديهم كل هذه الروابط والصلات.
كان ذلك من عمل الله، كما يقال لنا! ولذلك، لا بأس به إذن. ولكن، وبينما نستعيد رباطة جأشنا، يمكننا أن نتساءل عن أي نوع من المسيحيين المشوهين هم الذين حلموا بهذه العربدة في قاعة ألبرت، وكيف أمكن أن يكون إعلان بلفور وإرثه المثير للغثيان من عمل “الله”، وكم من الرجال “العظماء” كانوا من بين الجناة.
دعونا نعرض إعلاناً آخر -إعلان القدس عن الصهيونية المسيحية، التصريح المشترك الذي أصدره رؤساء الكنائس المسيحية الفلسطينية، والذي:
• يرفض عقائد الصهيونية المسيحية باعتبارها تعاليماً زائفة تفسد الرسالة الإنجيلية؛
• يرفض تحالف قادة الصهيونية المسيحية مع عناصر في حكومات إسرائيل والولايات المتحدة؛ وأيضاً،
• يرفض تعاليم الصهيونية المسيحية التي تروج للتفرد العنصري وتدافع الحرب الدائمة.
من دواعي الحمد أن عظة ألقاها مؤخراً مايكل دو، داعية “غريس إن” في دير وستمنستر، أضافت بعض السياق المهم المفقود في النشرة الترويجية لحفل قاعة ألبرت الملكية: “لقد أتاح إعلان بلفور إنشاء إسرائيل. كما قال إنه لا ينبغي القيام بشيء ’قد يضر بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين‘. وعلينا نحن البريطانيين الذين قدمنا ذلك الإعلان مسؤولية غير مكتملة عن ضمان تنفيذه”.
حتى نتوخى الدقة، قال تعهد بلفور “على أن يُفهم جلياً” أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينة لغير اليهود. ما الذي لا يجب فهمه؟ لكن هذا الجزء نُسي تماماً في غضون 30 عاماً وما يزال يتم تجاهله حتى اليوم.
من الذي يقف وراء هذا الاحتفال المتذلل. “بلفور 100”. مَن هو الذي يقف خلف “بلفور 100″؟ من الصعب معرفة ذلك. ويقول الموقع الإلكتروني لمجلس القيادة اليهودية إن لجنة إدارة “بلفور 100” تتألف من 30 منظمة يهودية بريطانية ومنظمات دفاع إسرائيلية، لكنه لا يسميها. ومع ذلك، سوف يكون بين هؤلاء عدد من المسيحيين المزيفين السعيدين بالتغطية على طموحات الصهاينة الخفية.
من الواضح أن هؤلاء المزيفين تجاهلوا صرخة طلب المساعدة التي صدرت قبل أشهر فقط عن التحالف الوطني للمنظمات المسيحية في فلسطين وتوجهت إلى مجلس الكنائس العالمي وكامل الحركة المسكوبية. وقد وقعت ذلك النداء 30 منظمة في القدس والضفة الغربية وغزة.
تقول المنظمات المسيحية الفلسطينية: “إننا ما نزال نعاني من 100 عام من الظلم والاضطهاد اللذين لحقا بالشعب الفلسطيني بدءاً من إعلان بلفور غير الشرعي… وقد مرت مائة عام وما تزال العدالة غائبة! ما تزال ممارسات التمييز واللامساواة، والاحتلال العسكري والقمع هي القاعدة… على الرغم من كل الوعود، واجتماعات القمة التي لا تنتهي، وقرارات مجلس الأمن، ودعوات القادة الدينيين والمدنيين -ما يزال الفلسطينيون يتطلعون إلى نيل حريتهم واستقلالهم، ويسعون إلى العدالة والمساواة”.
وتنتهي رسالة الكنائس بهذه الكلمات: “لقد تخطت الأمور حد الإلحاح. إننا على حافة انهيار كارثي… يمكن أن تكون هذه فرصتنا الأخيرة في تحقيق السلام. وكمجتمع فلسطيني مسيحي، يمكن أن تكون هذه فرصتنا الأخيرة لإنقاذ الوجود المسيحي على هذه الأرض”.
بنت الملكة فكتوريا قاعة ألبرت الملكية لتخليد ذكرى زوجها وقرينها المحبوب الأمير ألبرت. وسوف أراهن على أن السماح لعلم قوة عسكرية مارقة خارجية بأن يرفرف من هذا المبنى الرائع، أو يتم عرضه في داخلها، سوف يجعل كليهما يتقلبان في قبريهما الرخاميين في فرونغمور.
وإذا رافقت تيريزا ماي ضيفها بيبي نتنياهو إلى الحفل الراقص في قاعة ألبرت الملكية، فإنها ستمنحه هو ونظامه الوحشي انتصاراً دعائياً كبيراً.
ستيوارت ليتلوود
صحيفة الغد