بيروت – كشفت مصادر قريبة من حركة حماس أن الحركة تحاول بعد اتفاقها مع الطرف المصري إعادة وصل تحالفاتها السابقة مع إيران. وتعتقد هذه المصادر أن حماس لا ترى تناقضا بين إبرامها للمصالحة الفلسطينية الداخلية وحريتها في عقد تحالفاتها الإقليمية طالما أن الأمر يتم تحت سقف المصالحة الفلسطينية وتحت سقف الرعاية المصرية.
وذكرت وسائل إعلام تابعة لحزب الله اللبناني أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله استقبل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.
وعبّرت أوساط فلسطينية عن استغرابها من ذهاب حماس إلى خيارات إيرانية لم تعد تحظى بأيّ شعبية حتى داخل جمهور قطاع غزة الذي خرج زاحفا لاستقبال رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله حين زار القطاع تعبيرا عن توق حقيقي لإعادة التمسّك بالخيارات الوطنية الداخلية وإهمال أيّ أجندات خارجية أخرى.
ويرى محللون فلسطينيون أن قراءة حماس للمشهد السياسي ما زال يحشرها ضمن عقلية فصائلية لا ترقى إلى مستوى الشراكة الفلسطينية الكبرى المطلوبة لمواجهة العالم في مسألة إعادة ترشيق المسألة الفلسطينية لملاقاة المزاج الدولي المستجد في هذا الشأن.
ولفت هؤلاء إلى أن تصريحات الترحيب بالمصالحة التي صدرت في الولايات المتحدة تؤشر على أن أمر الوحدة الفلسطينية بات مطلوبا من أجل تحسين ظروف أيّ ترتيبات قد يشهدها الملف الفلسطيني في العالم.
وينقل عن مصادر داخل حماس أن الحركة تعاني من مخاض داخلي بين تربية عقائدية ربطت الحركة بالإخوان المسلمين وطهران وعقلية براغماتية تمارس العمل السياسي بصفته الواقعية غير الحالمة.
وتعزو المصادر إعادة تحسين العلاقات مع إيران إلى حاجة داخلية في حماس تُطمئن الجناح التقليدي العقائدي كما لحاجة الحركة إلى سقف داعم ما زالت لا تجده داخل الهياكل التمثيلية الفلسطينية.
وكان العاروري الذي زار قبل عشرة أيام طهران على رأس وفد من حماس قد أكد من العاصمة الإيرانية أن علاقة حركته بإيران “تتعافى على المستويات كافة”.
ورأت مصادر في حركة فتح أن علاقة حماس مع إيران لن تكون إلا شأنا يخصّ حماس وحدها وأن التزامات هذه العلاقة لن تنسحب على الشراكة داخل البيت الفلسطيني وحكومة الوحدة الوطنية.
وذكّرت هذه المصادر بتصريحات الرئيس محمود عباس الذي كرّر فيها أنه لن يقبل بتكرار ظاهرة حزب الله في لبنان، وأن قرار الحكومة الفلسطينية لن يكون خاضعا إلا للأجندة الفلسطينية، رافضا تعيين أيّ وزير من حماس لا يعترف بإسرائيل.
وفيما تعتقد أوساط مصرية مطلعة أن القاهرة لن تحاسب حماس على علاقاتها مع إيران طالما أن ذلك لا يؤثر على المصالحة الفلسطينية ولا يؤثر على مصالح مصر الاستراتيجية والأمنية، إلا أن مصادر شبه رسمية ذكرت أن القاهرة تراقب عن كثب خيارات الحركة تجاه إيران وحزب الله وأنها لن تتساهل مع أيّ تبدّل في مواقفها تأثرا بأجندات بعيدة عن المصالح الفلسطينية المصرية المشتركة.
ونقلت مصادر مراقبة في بيروت أن لعودة العلاقات بين إيران وحماس شروطا وخارطة طريق تحاول حركة حماس سلوكها دون تردد.
وفيما تحدثت أنباء عن وساطة تقوم بها طهران لإصلاح ذات البين بين حماس والنظام السوري، فإن الزيارة التي قام بها وفد من حماس إلى الأمين العام لحزب الله تأتي من ضمن الترتيبات التي طلبتها إيران وأرادت أن تكون علنية لإظهار عودة حماس إلى معسكر الممانعة بقيادة طهران.
وتتحدث بعض المعلومات عن جدل داخلي صاخب داخل التيارات القيادية لحركة حماس حول مدى ملاءمة الخيار الإيراني لمصالح وعلاقات حماس العربية والإقليمية والدولية.
وأضافت المعلومات أن أسئلة تطرح داخل حماس عن الحكمة من الجهر بالتحالف مع إيران في الوقت الذي تقود فيه السعودية جهودا لمواجهة النفوذ الإيراني ووقف تدخل طهران في شؤون دول المنطقة.
وتذهب الأسئلة إلى درجة نقاش الحكمة السياسية من الإعلان عن الاتساق مع الخيارات الإيرانية في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب استراتيجية بلاده الجديدة ضد إيران.
واعتبرت مراجع دبلوماسية عربية أن دخول حماس كشريك كامل داخل حكومة الوحدة الوطنية هدفه تقوية الموقف الفلسطيني وجعله موحدا تجاه إسرائيل مع الاستمرار في الاتساق مع المعايير الدولية في هذا الصدد.
وتضيف المراجع أنّ تغنّي حماس حاليا بعودة الدعم الإيراني المالي واللوجيستي لها يحمل ماء إلى طواحين الحكومة الإسرائيلية التي ستجد في الأمر مسوّغا يمكن تسويقه دوليا لعرقلة أيّ تقدم في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
العرب اللندنية