الميليشيات الشيعية في تكريت تهدد التحالف

الميليشيات الشيعية في تكريت تهدد التحالف

tikrit_1_3219057b

في العراق، أصبحت تكريت معركة داخل معركة؛ إذ إنّ تحرير المعقل السني للرئيس السابق صدام حسين والّذي سقط في يد تنظيم الدولة الإسلامية في يونيو 2014 بات محلّ تنافس بين الميليشيات الشيعية المتوافقة على الموقف المناهض لأمريكا لحليفتها إيران، وبين التحالف الدولي الّذي تقوده الولايات المتّحدة.

وأدّى دخول التحالف على الخطّ من أجل دعم هجوم القوّات الحكومية العراقية على تكريت الذي أعيد إطلاقه يوم الخميس 26 مارس بعد 10 أيّام من التوقّف إلى مقاطعة العديد من الميليشيات الّتي تقاتل على الأرض؛ إذ تتهم بعضها التحالف بالرغبة في “سرقة النصر“، وهدّدوا باستهداف العسكريين الأمريكيين.

فتح غياب قوّات التحالف عن معركة تكريت الذي نظر إليه على أنّه انتظار للنتائج قبل اتّخاذ القرار بالتحرك المجال أمام خصومهم؛ إذ إنّ القوّات الّتي دعاها الوزير الأوّل العراقي حيدر العبادي يوم الأربعاء، وضعت عدّة “شروط مسبقة” لمشاركتها. حيث صرّح قائد القوّات الأمريكية في الشرق الأوسط لويد أوستن أنّ “الحكومة العراقية يجب أن تكون مسؤولة عن التحالف“، مصرّا على “النهج الخاطئ” المعتمد حتّى الآن. ولم يخف الجنرالات الأمريكيون قلقهم من رؤية الميليشيات في تكريت بـ 20 ألف متطوّع في وحدات الحشد الشعبي يقودون المعركة مع الجنرال الإيراني قاسم سليماني ـ قائد قوّة النخبة “القدس” ـ ومستشاريه ومقاتليه.

ومن أجل الحدّ من الهيمنة الإيرانية والبعد الطائفي للقوّات المشاركة، طالب الأمريكيون بألّا تشارك الميليشيات الشيعية في الصراع داخل تكريت، وقد قدّمت مخاطر إطلاق النار على المعسكر والمواجهة مع هذه القوّات المعادية علنا، وكذلك المخاوف من الانتهاكات ضدّ السكان السنّة، وتمّ التوصل إلى انسحاب الإيرانيين خلال اجتماع أمني بين المسؤولين الأمريكيين وقاسم سليماني في عمّان – الأردن.

“بيّن [دخول قوّات التحالف على الخطّ] محدودية القدرة الإيرانية في العراق والميليشيات الشيعية التي لا يمكنها التقدّم في أي مكان إذا كان السكّان معادين لها“، حسب هشام داوود، الباحث في الأنثربولوجيا بالمركز الوطني للبحث العلمي [في فرنسا]. وتمثّل استعادة هذا المعقل السني الواقع على بعد 160 كم شمال بغداد اختبارا لهذه الميليشيات الّتي تريد أن تثبت قدرتها على قيادة الحرب ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل بمفردها.

وفي مواجهة الخسائر الكبيرة في صفوفها، تمّ تعليق الهجوم يوم 16 مارس، وتباطأ تقدمها بسبب آلاف العبوات الناسفة المنتشرة في المدينة والقناصة، بالإضافة إلى التهديد بالهجوم المضادّ من قبل الجهاديين في المدن المحيطة.

أولئك الّذين يأكلون من أيدي الأمريكان

لم يعلن قادّة الميليشيات عن نصرهم وتعهّدوا بكسر تحصّن المقاتلين الجهاديين في وسط المدينة بـ 30 ألف ساكن حسب الصليب الأحمر. وانتقد هادي العمايري زعيم منظمة بدر الشيعية الّتي تقود المعركة الدعوات إلى مساعدة التحالف الّتي أطلقها “بعض الجبناء في الجيش” و”أولئك الّذين يأكلون من أيادي أمريكا”، وأعاد التأكيد يوم الخميس على محدودية فعالية الضربات الجويّة من الجبهة المتواجد فيها.

وقد أعلنت ميليشيات من بينها عصائب أهل الحقّ وكتائب حزب الله وكتائب السلام عن مقاطعة المعركة حارمين بذلك القوّات البرية من ثلث عتادها من الرجال المقدّر بـ 30 ألف شخص. ولهذه الغارات “نتيجة سلبية“، حسب ما أعلنه جاسم الجزائري من حزب الله العراقي الّذي يتّهم التحالف باستهداف قوّاته ومساعدة مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

واتّهم أكرم الكعبي الأمين العام لميليشيا حركة النجباء التحالف بـ “السعي إلى سرقة النصر” في تكريت، وطالب جماعته بـ “حالة الاستنفار القصوى” لاستهداف العساكر الأمريكيين.

وردّت الميليشيات الفعل بإعلان ما قاله في وقت سابق الجنرال لويد أوستن بأنّ المعركة في الأرض تجرى الآن بدونهم وعلى الأرض، 4000 عنصر من القوّات الخاصة والشرطة، أعادوا إطلاق الهجوم من العوجة جنوب تكريت وعلى الجبهات الغربية والشمالية. وأجريت سبع عشرة غارة أمريكية وفرنسية على الأقل منذ يوم الأربعاء. ونشرت بغداد طائرات سوخوي.

وتدخّل قوّات التحالف في تكريت مفيد أيضا إلى الوزير الأوّل العبادي؛ إذ إنّها تعزّز قوّاته في مواجهة زعماء الميليشيات الشيعية وفي المعسكر الطائفي الّذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ويعتقد هشام داوود أنّ “الميليشيات تريد تحويل نصرهم العسكري إلى مكسب سياسي من أجل تهميشه أكثر“. وعلى الصعيد الدولي، ينتقد حيدر العبادي القبضة الإيرانية الّتي أصبحت واضحة جدّا ومنتقدة بشدّة حتّى داخل المعسكر الشيعي. والتزامه بإعطاء سيطرة المناطق السنية إلى القوّات المحلية يعزّز ثقة القوى الخليجية، كما أعلن إثر دعوته إلى الرياض من قبل الملك سلمان عن زيارة رسمية له إلى واشنطن يوم 14 أبريل.

لوموند – التقرير