يبدأ سامح شكري وزير الخارجية المصري، الأحد، جولة عربية تشمل كلا من الأردن والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان والسعودية لبحث العلاقات الثنائية مع تلك الدول والتشاور حول التطورات المتسارعة في المنطقة خاصة على الساحة اللبنانية والدور السلبي الذي تلعبه إيران في المنطقة.
وأشار مصدر دبلوماسي مصري، لـ”العرب”، إلى أن “هدف الجولة تجنب التصعيد العسكري في لبنان والسعي لتهدئة الأوضاع هناك وحصر هدف المواجهة باتجاه إيران وتقليم أظافرها تدريجيا لأن استهداف حزب الله باعتباره حليفا لها ينعكس سلبا على مصر والدول العربية الحليفة”.
وأوضح المصدر أن التركيز على استهداف حزب الله ليس أولوية مصرية لأنه يمكن أن يؤدي إلى المزيد من التدهور في لبنان ويفتح الباب لدخول إسرائيل على الخط، ويجعل هذا الاحتمال القاهرة تبدو في صفوف واحدة معها على أرض دولة عربية وهو من السيناريوهات التي تحرص مصر على تجنبها.
ولفت المصدر إلى أن طهران تجد راحتها أكثر في زيادة حدة التسخين في المنطقة، وأن الأزمات تعتبر عنصرا حيويا يغذي أحلام إيران. كما شدد على أن صعود طهران الحالي تزامن مع تفجير أزمات في العراق واليمن وسوريا وستجد ملاذا في عودة التوتر إلى لبنان يخفف عنها الضغوط التي تواجهها في ملفات أخرى، لأنها تسعى لنقل حروبها بعيدا عن أراضيها.
وقال أحمد أبوزيد، المتحدث باسم الخارجية المصرية، إن شكري “سيؤكد خلال جولته على موقف مصر الثابت بشأن ضرورة الحفاظ على التضامن العربي في مواجهة التحديات المختلفة التي تشهدها المنطقة وتأثيراتها المحتملة على الأمن القومي العربي”.
لا يوجد اختلاف في الرؤى بين القاهرة والرياض بشأن الملف اللبناني وهناك تفاهم كبير أكثر من ذي قبل
وأضاف في بيان له، السبت، أن شكري سينقل رؤية الرئيس عبدالفتاح السيسي وتقييمه لكيفية التعامل مع التحديات الراهنة والتأكيد على سياسة مصر الثابتة والراسخة التي تدفع دائما بالحلول السياسية للأزمات وضرورة تجنيب المنطقة المزيد من التوتر والاستقطاب وعدم الاستقرار.
وكشف محمد مجاهد الزيات، الخبير في الشؤون الإقليمية، أن وضع السعودية في نهاية جولة شكري يرمي إلى أمل مصر في تبني الأردن والدول الخليجية الأربع موقفا موحدا تجاه التصعيد في لبنان وإقناع السعودية به حتى لا تنحرف عن المواجهة الرئيسية مع إيران.
وتابع المصدر الدبلوماسي، لـ “العرب”، قائلا إن “مصر تقف في خندق واحد مع الرياض ولن تتخلى عن السعودية لكن إذا استطاعت المنطقة تجنب التصعيد سيكون (ذلك) مفيدا لها لأن القاهرة تدخر قدراتها العسكرية لأي مواجهة قد تكون مفروضة عليها”.
وذكر محمد عبدالمقصود، الخبير العسكري المصري، أن القاهرة معنية بالتنسيق والتعاون مع حلفائها في الخليج للتفاهم حول طريقة موحدة للتعامل بها مع التوترات وعدم السماح لأي جهة بشق الصف العربي الذي تبلور مع المواجهة الحالية ضد قطر ودورها في دعم الإرهاب.
وأكد عبدالمقصود، لـ”العرب”، أن مواجهة قطر وطموحات إيران في المنطقة عملية حيوية لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة “وهو ما يستتبع المزيد من التعاون خلال الفترة المقبلة”. وشدد على أهمية التحالف المصري الخليجي أمام العواصف الراهنة.
وحذر بعض المراقبين من مغبة التمادي في التصعيد على الجبهة اللبنانية في وقت تحاول فيه إيران ترتيب ممر استراتيجي من العراق إلى سوريا ثم لبنان، وهو ما يستفز إسرائيل ويضطرها إلى التدخل مباشرة.
وقال السيسي، لمندوبي الصحافة المحلية والعالمية مؤخرا، إنه “يعارض الحرب” وأن “أمن الخليج خط أحمر بالنسبة لنا ويجب على الآخرين عدم التدخل في شؤوننا والوصول بالأمور إلى شكل من أشكال الصدام. نطالب بعدم زيادة التوتر في المنطقة، لكن ليس على حساب أمن واستقرار الخليج”.
وأكد أن “أمن الخليج من أمن مصر، وأمن مصر من أمن الخليج، خاصة السعودية والإمارات والبحرين والكويت، ولا بد أن يتعامل الجميع معنا في هذا الإطار”.
وقال خبير مصري في الشأن الخليجي، لـ”العرب”، إنه “لا يوجد اختلاف في الرؤى بين القاهرة والرياض بشأن الملف اللبناني وهناك تفاهم كبير أكثر من ذي قبل سواء في سوريا أو لبنان، والتباين النسبي في البعض من التفاصيل وهذا طبيعي جدا”.
وشدد على أن جولة شكري ترمي جعل التفاصيل تنسجم مع التحالف بين القاهرة والرياض بشأن لبنان أو ملفات أخرى. وأضاف أن مصر تتفهم تصور السعودية حيال لبنان، لكنها تريد منح الأولوية للتصدي لإيران حاليا منعا لتشتت الجهود العربية “فقبل أيام وصلت صواريخ الحوثي إلى الرياض وهي رسالة لم تكن خافية على كثيرين، تشير إلى أن طهران لديها مساحة للحركة عبر حلفائها”.
صحيفة العرب اللندنية