في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، أطلقت القوات الحوثية في اليمن صاروخ باليستي من نوع “بركان 2H” باتجاه الرياض لكن منظومة الدفاع “باتريوت” التي وفرتها الولايات المتحدة نجحت في اعتراضه. وبعد تحطم الصاروخ تناثرت شظاياه على مشارف ضواحي “مطار الملك خالد الدولي” على الطرف الشمالي من العاصمة السعودية، مما يشير إلى أنه حلّق فوق المدينة المكتظة بالسكان.
ولم يكن ذلك الهجوم الصاروخي الأول الذي يشنّه الحوثيون على منطقة الرياض؛ ففي 19 أيار/مايو أطلقوا نوعاً آخر من صاروخ “بركان 2” نحو المدينة قبل ساعات قليلة من هبوط طائرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في زيارة قام بها للسعودية. إلّا أنّ الضربة الأخيرة تأتي في وقت حساس للغاية بسبب إعلان الولايات المتحدة عن استراتيجية “مقاومة” جديدة ضد النظام الإيراني و «الحرس الثوري الإسلامي» التابع له. وقد علق الرئيس ترامب على الهجوم الذي وقع في عطلة نهاية الأسبوع قائلاً “في رأيي حاولت إيران الهجوم على السعودية”. كما اتهمت الحكومة السعودية أيضاً بشكل صريح “النظام الإيراني” حيث قالت، “يمكن اعتبار الهجوم عملاً من اعمال حرب”. وفي الوقت نفسه، ذكرت صحيفة “كيهان” الإيرانية، التي تنشر أخبارها باسم «الحرس الثوري الإسلامي» والمرشد الأعلى علي خامنئي، عن الهجوم مستخدمةً عنوان “الهجوم الصاروخي لـ «أنصار الله» على الرياض. الهدف التالي: دبي”، مستخدمةً الاسم الرسمي للفرع العسكري لحركة التمرد الحوثي. إن هذه التصريحات من كلا الجانبين تمهد الطريق أمام جهود مكثفة من قبل الولايات المتحدة للكشف عن دور إيران في برنامج تطوير الصواريخ الحوثي.
حملة الصواريخ ضد السعودية
منذ بدء التدخلات التي تقودها السعودية في آذار/مارس 2015، أطلق المتمردون الحوثيون مئات الصواريخ والقذائف التكتيكية القصيرة المدى نحو السعودية، بالإضافة إلى ما لا يقل عن ثلاثين صاروخاً باليستياً أطول مدى. وقد تضمنت غالبية تلك الضربات قاذفات متعددة الصواريخ من طراز “BM-27” وأنظمة صواريخ باليستية تكتيكية من طراز “SS-21 سكراب B ” استهدفت المدن الحدودية والقواعد العسكرية السعودية، مما أدى إلى إصابة آلاف المدنيين أو تشريدهم.
كما تم استخدام أنواع أخرى من الأنظمة بأعداد كبيرة، من بينها صواريخ من نوع “قاهر-1” غير الموجهة التي أطلقت على أهداف يصل بعدها إلى 250 كيلومتراً داخل السعودية، وخاصة “قاعدة الملك خالد الجوية” و”مدينة خميس مشيط العسكرية” المجاورة. (تم الادعاء بشن حوالى ستين ضربة نُفذت بصواريخ “قاهر -1” بشكل عام) . وصاروخ “قاهر” هو تحويل لصاروخ “V75” الذي استخدم في نظام صواريخ أرض-جو من طراز “SA-2“، التي تلقتها اليمن من الاتحاد السوفيتي بكميات كبيرة ابتداءً من سبعينيات القرن المنصرم (حوالي 800-1000 في المجموع). وبالفعل، أظهرت قوات المتمردين قدراً كبيراً من الفطنة في تطويرها لمنظومات الصواريخ الباليستية القصيرة المدى واستخدامها:
· مدى واسع النطاق. شمل الهجوم الذي وقع في 28 آذار/مارس نوعاً آخر من “قاهرM2” بمدى أطول وصل كما يُدّعى إلى 400 كيلومتر وبرأس حربي أكبر (350 كيلوغراماً من المتفجرات مقارنةً بـ195 كيلوغراماً في “قاهر-1”).
· هجمات ساحقة. شهد الهجوم الذي وقع في 28 آذار/مارس استخدام طائرة متعددة الصواريخ في محاولة واضحة لتجاوز بطاريات باتريوت في منطقة خميس مشيط. بالإضافة إلى ذلك، أفادت منظمة الرصد “أبحاث تسلح النزاعات” Conflict Armament Researchأن الحوثيين حطموا طائرة من دون طيار من طراز “قاسف -1” مطورة محلياً في رادارات “باتريوت” بهدف تسهيل هجماتها الصاروخية.
· الحفاظ على الأنظمة بعيدة المدى. في 26 أيار/مايو، كشف المتمردون النقاب عن منظومة “النجم الثاقب”، التي هي منظومة صاروخية تكتيكية محلية الصنع يصل مداها الى 75 كيلومتر ومزودة برأس حربي وزنه 75 كلغ. وعلى غرار تصميم حركة «حماس» في قطاع غزة لصاروخ “M-75“، يسمح هذا النظام للمتمردين بالحفاظ على صواريخ “قاهر” الخاصة بهم لأهداف متوسطة المدى.
كما قام المتمردون بتطوير أنظمة صواريخ باليستية طويلة المدى من خلال تحويل مخزونات “إس إس – 1 سي/هواسونغ-5” (SS-1C/Hwasong-5) (سكود –B) وصواريخ “إس إس – 1 دي/هواسونغ-6” (“سكود- C“) الطويلة المدى التي لم تتمكن في الأصل من الوصول إلى الأهداف السعودية الرئيسية مثل جدة أو ينبع أو الرياض. أما أول نوع “سكود” مُرقّى تم تطويره محلياً وتم الكشف عنه في 6 شباط/فبراير 2016، فهو الـ “بركان -1”. وقد أطلقه الحوثيون ثلاث مرات على منطقة المدن الثلاثية جدة -الطائف – مكة المكرمة في شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام. ويبدو أنه تم استخدام وابل من هذه الصواريخ لاستهداف “قاعدة الملك فهد الجوية” بالقرب من مدينة الطائف في 27 تموز/يوليو 2017.
وفي شباط/فبراير 2017 ظهر نوع آخر بعيد المدى من المنظومة، وهو صاروخ “بركان 2H“، الذي استخدمه المتمردون لاستهداف الرياض أربع مرات على الأقل (في شباط/فبراير وآذار/مارس وأيار/مايو وتشرين الثاني/نوفمبر) ولضرب ينبع في 22 تموز/يوليو. ومن المحتمل أنه قد تم القيام بالهجوم الأخير على ينبع على مسافة تزيد عن1,000 كيلومتر. وتدّعي السعودية أنه تم تنفيذ إحدى الضربات في تموز/يوليو بصاروخ من طراز “قيام”، وهو نسخة إيرانية من النطاق الموسع لصاروخ “سكود-C“. وقد كررت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي هذا الادعاء في 7 تشرين الثاني/نوفمبر.
وإلى جانب الهجوم على السعوديين، أضاف مؤخراً زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي هدفاً آخر على قائمة الأهداف المحتملة الخاصة به وهو: الإمارات العربية المتحدة، التي تقع على بعد حوالي ألف كيلومتر من الأراضي الحوثية. وفي حديثٍ له مع تلفزيون “المسيرة” الذي يسيطر عليه الحوثيون في 14 أيلول/ٍسبتمبر، حذر من أن دولة الإمارات “تقع الآن ضمن نطاق صواريخنا، ولا ينبغي على الشركات التي تم إنشاؤها في الإمارات أو الشركات المستثمرة فيها أن تعتبرها بلداً آمناً“.
مؤشرات الدعم الإيراني
للجيش اليمني تاريخ طويل في استخدام الصواريخ التكتيكية والصواريخ الباليستية، بما في ذلك الاستخدام العملي المكثف في الحرب الأهلية في عام 1994. وقرب بداية النزاع الحالي، انضمت ثلاثة كتائب صواريخ إلى الجانب الحوثي بسبب توافقها مع الرئيس السابق والشريك الحوثي الحالي علي عبد الله صالح.
ووفقاً لوسائل الإعلام التي يسيطر عليها الحوثيون، فإن “مركز الأبحاث وتطوير الصواريخ” التابع للجيش اليمني قادر بنفسه على تطوير أنظمة مثل “بركان” و”النجم الثاقب” و”القاهر”. وفي نيسان/أبريل الماضي، سخر وزير الدفاع الإيراني حسین دهقانی من ادعاءات الولايات المتحدة بأن طهران تدعم برنامج الصواريخ الحوثي.
بيد، يرفض عدد كبير من الخبراء الفكرة بأن الحوثيين وحلفاءهم العسكريين اليمنيين يعملون وحدهم. ففي تشرين الأول/أكتوبر 2016، أشار مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إلى أن “إيران وفّرت إمكانيات مهمة ومساعدات للحوثيين في حملتهم لمهاجمة الأراضي السعودية بصواريخ وقذائف باليستية”. وفي كانون الثاني/يناير 2017، خلصت لجنة الخبراء في الأمم المتحدة المعنية باليمن إلى أن ادعاءات التحالف، الذي يقوده الحوثيون، بأنهم يقومون بتصنيع أنواع جديدة من الصواريخ محلياً “مستبعدة للغاية”. وعلى الرغم من تمتع العاملين في قوات الصواريخ اليمنية بخبرة واسعة في تشغيل أنظمة صواريخ كاملة، إلّا أنهم لم يقوموا سابقاً بالمهام المطلوبة لتطوير أنواع صواريخ جديدة، مثل تفكيك الأنظمة القديمة وإعادة بنائها، أو توسيع خزانات الوقود، أو نقل البطاريات، أو تمديد أجسام الصواريخ، أو تلحيم أجزاء خاصة، أو إعادة التوازن إلى حمولة الصواريخ.
ويذكر أن تاريخ إيران حافل بتقديم المساعدة لحلفائها الأجانب في برامج الصواريخ، إذ زودت «حزب الله» اللبناني و«حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» بخبراء للدعم وبسلسلة من منظومات القذائف/الصواريخ تتراوح من “زلزال – 2” إلى “M-75” الذي يصل مداه إلى 75 كلم. ومنذ التسعينيات، تقوم أيضاً بتحويل صواريخ “SA-2” إلى صواريخ باليستية من طراز “Tondar-69“، كما فعل الحوثيون إلى أن وصلوا إلى طراز الـ “قاهر -1”.
والأهم من ذلك، اعترفت إيران علناً بمساعدتها العسكرية للحوثيين. ففي 23 أيار/مايو 2015، أفاد نائب قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني العميد اسماعيل قاآني بأن “أولئك الذين يدافعون عن اليمن تم تدريبهم من قبل الجمهورية الإسلامية”. وفي أواخر نيسان/أبريل 2017، تفاخر رجل الدين المتشدد المهدي طيب – وهو شقيق رئيس المخابرات في «الحرس الثوري الإسلامي» – علناً بأن “عملية تزويد الحوثيين بالصواريخ الإيرانية نُفِّذت على مراحل من قبل «الحرس الثوري» بدعم ومساعدة من القوات البحرية الإيرانية”. ووفقاً لمنظمة “أبحاث تسلح النزاعات”، فإن الطائرة من دون طيار من طراز “قاسف -1” التي يملكها الحوثيون هي نسخة من صاروخ “أبابيل – T” الإيراني، وصولاً إلى “بادئات الرقم التسلسلي المتطابقة”. لذلك، ليس من المبالغ فيه الاعتقاد أن طهران تدعم برنامج الصواريخ الحوثي من خلال تقديم المشورة التقنية والمكونات المتخصصة. ففي النهاية، أطلق الحوثيون بسرعة ثلاثة أنظمة صواريخ رئيسية جديدة في أقل من عامين في ظل ظروف الحرب والحصار الدولي.
التداعيات على السياسة الأمريكية
في الوقت الراهن، هناك حدود واضحة للصواريخ الحوثية بعيدة المدى: فهي قليلة العدد ومن المرجح أن تبقى كذلك، كما أنها ليست فعالة جداً (إذ لم تتسبب أي من الصواريخ التي أُطلقت حتى الآن في تدمير واسع النطاق، وتم اعتراض نصفها تقريباً). ومع ذلك، تكتسي أهميةً جيوسياسية لعدة أسباب.
وبالنسبة لإيران، إن تزويد الحوثيين بالصواريخ وغير ذلك من الدعم العسكري أمر لا يتطلب التفكير. فيمكن لـ «الحرس الثوري الإسلامي» وبتكلفة قليلة جداً، أن يعزز العلاقات مع حليف إقليمي وأن يثبت قدرته على تهديد السعودية، وربما الإمارات وقطر أيضاً، حيث تقع القواعد الأمريكية المهمة خارج النطاق الحالي للصواريخ الحوثية. وإذا تمكن المتمردون من ضرب هدف أمريكي أو حليف له، فإن الإيرانيين واثقون من أن الحوثيين بأنفسهم سيدفعون الثمن وليس إيران. أما على المستوى التكتيكي، فيدرك «الحرس الثوري» جيداً أن كل هجوم صاروخي سيستنزف القدرات السعودية، لأن صواريخ “باتريوت” التي تكلف بين 2-3 ملايين دولار ستعترض الصاروخ الحوثي الذي يكلف مليون دولار كحد أقصى. وقد تؤدي الهجمات المستمرة إلى إجبار السعوديين على تطوير محور آخر للدفاعات المكلفة ضد الصواريخ بالإضافة إلى المجموعة المطلوبة للدفاع عن نفسها ضد إيران عبر الخليج العربي. ويستقي «الحرس الثوري الإسلامي» دروساً قيّمة أيضاً حول الطريقة التي يمكن أن تعمل بها صواريخه ضد الدفاعات التي توفرها الولايات المتحدة. ولهذه الأسباب كلها، يجب وقف الحرب الصاروخية.
إن رد طهران الجريء والواضح على الهجوم الذي وقع في 4 تشرين الثاني/نوفمبر على الرياض هو تذكير مفيد بأن النظام الإيراني سيختبر باستمرار عزم الرئيس ترامب على تنفيذ استراتيجيته. أما السعودية، فتعتبر الحوثيين بالفعل تهديداً وجودياً بسبب سيطرتهم على الحدود الجنوبية بالصواريخ والغارات البرية، وبالتالي فإن إدخال صواريخ أكثر تقدماً إلى المملكة قد يدفع بها إلى شن هجوم ضد كل من الحوثيين وإيران بطرق لا يمكن التنبؤ بها وتحمل نتائج عكسية. لذلك، يجب على واشنطن أن تتخذ الخطوات الحاسمة التالية لوقف الدعم الإيراني للحوثيين وإنهاء الصراع في اليمن:
تسريع الجهود من أجل فسخ التحالف الحوثي مع صالح. إن تنفيذ عملية ذكية لإحلال السلام قد تفصل أولاً قوات الصواريخ المتحالفة مع صالح عن الحوثيين، ويمكن أن تبعد لاحقاً الحوثيين أنفسهم عن طهران التي لن يحتاجوا إلى مساعدة عسكرية منها بعد انتهاء الحرب. ويمكن أن يكون الموالون لصالح مصدراً مفيداً للأدلة لإثبات أنّ إيران تنتهك العقوبات الدولية واتّفاقيّات حظر الأسلحة. ويمكن بعد ذلك تقديم هذا الدليل إلى الأمم المتحدة واللجنة المشتركة التي تشرف على الاتفاق النووي لـ «مجموعة الخمسة زائد واحد».
تعزيز الحصار البحري وجعله “أذكى”. إذا كانت طهران تميل إلى توفير منظومات صاروخية كاملة للحوثيين، فلن تتمكّن على الأرجح من القيام بذلك بسبب الحصار البحري والجوّي الفعال الذي يفرضه التحالف الخليجي (غير أنّه ينبغي التحقيق بشكل كامل في ادّعاء السعوديّة بشأن استعمال الحوثيين لصاروخ “قيام” الإيراني المستورد، لأنّ من شأن ذلك أن يغير الصورة بأكملها إذا كان الأمر صحيحاً). ولمنع نقل قطع الصواريخ بشكل أفضل، يتعين على الولايات المتحدة الحفاظ على التزامها بالحصار المفروض على الأسلحة وتقديمها المزيد من الدعم الاستخباراتي والعمليات الخاصة لاعتراض طرق التهريب البري من عُمان، وضمان الحصول على دعم قوي من بلدان متعدّدة من أجل القيام بجهود مُحكَمة بل إنسانية للحظر للبحري.
مساعدة السعودية على التّغلّب على تهديد الصواريخ الباليستية. قد يملك الحوثيون مخزوناً كبيراً من الصواريخ المختلفة والقذائف التكتيكية من طراز “قاهر”، فضلاً عن القليل من القدرة على التصنيع المحلي لصنع المزيد من المنظومات. فلا يمكن أن يبقى عدد كبير من السكان والمراكز الاقتصادية السعودية مثل جيزان وأبها وخميس مشيط معرضاً لخطر الهجمات الصاروخية المنتظمة لسنوات طويلة. وإذا استمر الوضع الحالي، فلا مفرّ من حلول كارثة مثل القيام بهجوم صاروخي يقتل العديد من المدنيين، أو يهدم البنية التحتية الرئيسية للطاقة، أو يدمّر أحد المطارات.
ولذلك، يتعين على الجيش الأمريكي تقديم الدعم الاستخباراتي المباشر، وربما حتى نشر الموارد الجوية أو الصاروخية الأمريكية للتدخل بسرعة عندما يتم الكشف عن مركبات الإطلاق التي تعود إلى الحوثيين. وقد أشارت واشنطن بالفعل إلى أنها ستحمي الشحن المدني من الصواريخ الحوثية، فلماذا لا تتعهّد بالمثل بشأن البنية التحتية المدنية والاقتصادية على الأرض؟ إذ أن مثل هذا الموقف الإعلاني قد يردع الهجمات الصاروخية للحوثيين على المدن السعودية، مثلما أدّت تصريحات البيت الأبيض والضربات الأمريكية السابقة على وحدات الصواريخ الحوثية على ما يبدو إلى ردع المزيد من الهجمات الصاروخية على الشحن في مضيق باب المندب.
مايكل نايتس
معهد واشنطن