سوتشي (روسيا) – لفتت مراجع دبلوماسية إلى الغموض الذي طبع تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول ضرورة أن يقدم مختلف الفرقاء السوريين “بمن في ذلك حكومة الرئيس بشار الأسد” تنازلات متبادلة لإنجاح التسوية السياسية، وهل أن المشهد مقبل على تغييرات حقيقية أم أن هذا التلويح يهدف إلى ضمان مشاركة أوسع في المؤتمر الذي تعمل عليه موسكو من أجل جمع الأطياف السورية الموالية والمعارضة للنظام في مدينة سوتشي في ديسمبر المقبل.
وقال بوتين في حضور نظيريه؛ الإيراني حسن روحاني والتركي رجب طيب أردوغان “يمكننا القول بثقة إننا وصلنا إلى مرحلة جديدة مما يفتح المجال أمام إطلاق عملية سياسية حقيقية نحو اتفاق سلام”.
وأضاف “سيتعين على جميع الأطراف القبول بمواءمات وتنازلات.. بمن فيهم الحكومة السورية”.
وأكد على أن “الشعب السوري هو الذي يملك قرار مصيره والواضح أن هذه العملية لن تكون سهلة وتتطلب تسويات وتنازلات من جميع المشاركين بما في ذلك الحكومة السورية”. وشدد على أن موسكو وطهران وأنقرة “ستبذل أقصى الجهود من أجل أداء عمل منتج بأفضل ما يمكن”.
وتعتقد المراجع أن التنازلات تهم ضرورة القبول بمشاركة شخصيات من مختلف المنصات والمستقلين، وعدم وضع شروط مسبقة على قائمة المدعوين إلى المؤتمر، وأن لا علاقة لها بمصير الأسد مثلما أوحى بذلك البيان الختامي لمؤتمر المعارضة المنعقد بالرياض حين تمسك برحيل الأسد في بداية أي انتقال سياسي.
وأعلن الرئيس الروسي الأربعاء أنه اتفق مع الرئيسين التركي والإيراني في ختام قمة جمعتهم، على عقد “مؤتمر وطني” في روسيا يضم ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، معتبرا أن هذا المؤتمر سيشكل “حافزا” لعملية السلام في جنيف.
وقال بوتين في ختام لقائه مع أردوغان وروحاني إن “الرئيسين الإيراني والتركي دعما مبادرة عقد مؤتمر وطني سوري” في سوتشي في جنوب غرب روسيا، معتبرا أن هذا المؤتمر سيشكل “حافزا” لتسوية النزاع في سوريا في إطار محادثات السلام التي تجري في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: مؤتمر سوتشي سيشكل حافزا لمفاوضات جنيف وليس بديلا عنها
ورغم تطرق الرؤساء الثلاثة إلى القرارات الدولية، إلا أنه لم يكن واضحا ما إذا كانت القمة الثلاثية تدفع باتجاه مؤتمر سوتشي ليكون بديلا عن مباحثات جنيف، خصوصا أن هذه القمة أتت بعد يوم من لقاء جمع الرئيس الروسي بالرئيس السوري بشار الأسد وبعد سلسلة مكالمات هاتفية أجراها بوتين مع زعماء الولايات المتحدة والسعودية ومصر والأردن.
غير أن بوتين حسم الجدل في هذه المسألة وقال إن مؤتمر سوتشي سيشكل “حافزا” لمفاوضات جنيف.
وأعلن روحاني أن وزراء خارجية ودفاع الدول الثلاث سيساعدون على إعداد مؤتمر سوتشي.
وفيما تطرق أردوغان إلى أهمية العملية السياسية المقبلة شدد على أن تركيا وروسيا وإيران اتفقت على إجراء عملية تتسم بالشفافية من أجل التوصل إلى حل سياسي في سوريا.
وأضاف أن عملية التوصل إلى حل تعتمد على موقف الحكومة والمعارضة السورية مضيفا أن استبعاد “الجماعات الإرهابية” من العملية أولوية بالنسبة لتركيا.
وقال الرئيس التركي أيضا إن حل “السلبيات” في منطقة عفرين السورية سيكون خطوة حاسمة في حل الأزمة السورية ودعا المجتمع الدولي إلى دعم الخطوات التي اتخذتها الدول الثلاث.
واعتبرت مراجع دبلوماسية أن ما صدر عن الرؤساء الثلاثة يخفي التناقضات التي ستظهر كلما اقتربت تسويات الحل النهائي في سوريا، وأن بوتين حريص على دفع طهران وأنقرة لمواكبة الجهد الذي تبذله موسكو بالشراكة مع واشنطن وفق البيان الذي صدر عن الرئيسين الأميركي والروسي في فيتنام الأسبوع الماضي.
ولفت المراقبين تصريحُ الرئيس الإيراني الذي دعا إلى انتهاء التدخل الخارجي في الصراع في سوريا، معتبرا أن الوجود العسكري الخارجي هناك لا يكون مقبولا إلا بدعوة من الحكومة السورية.
ولم يذكر روحاني دولا بالاسم، لكن مراقبين اعتبروا أنه كان ربما يغمز من قناة الوجود التركي في شمال سوريا وأنه يؤكد على شرعية الشراكة الروسية الإيرانية دون غيرها في التواجد على الأراضي السورية.
وأشار المراقبون إلى أن الرئيس الإيراني سعى لاستثمار مواقف روسية معلنة تجنبت الخوض في وضع الميليشيات الحليفة لطهران، وأرجأتها إلى ما بعد إنهاء الحسم العسكري، لتحويل وجود بلاده إلى أمر دائم في سوريا.
ونقلت مصادر إعلامية أن روحاني أبلغ نظيريه الروسي والتركي بأن هناك “ضرورة الآن للقضاء على آخر الخلايا الإرهابية في سوريا وأن الأجواء ممهدة لتسوية سياسية”.
ورغم إعلان طهران الثلاثاء عن القضاء على تنظيم داعش، حرص بوتين على القول إن “الحرب ضد الجماعات الإرهابية في سوريا شارفت على الانتهاء”، على نحو أوحى أن أمر انتهاء الحرب ضد داعش، شأن تقرره موسكو بالشراكة مع واشنطن.
وقال بوتين للرئيسين التركي والإيراني حسن روحاني “إن العمليات العسكرية واسعة النطاق ضد الجماعات الإرهابية في سوريا تقترب من نهايتها”.
العرب اللندنية