بروكسل – منحت دول الاتحاد الأوروبي رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي رصيدا سياسيا إضافيا بعدما وافقت الجمعة على البدء في المرحلة الثانية من المفاوضات على خروج بريطانيا من الاتحاد، منهية بذلك المرحلة السهلة من المفاوضات استعدادا لما هو أصعب بكثير.
وتكمن صعوبة الفصل الثاني من المفاوضات، التي تبنى على قاعدة اتفاق مبدئي أنهى تعقيدات حادة منذ أعلنت ماي تفعيل المادة الـ50 من اتفاقية لشبونة في مارس الماضي، في أن المفاوضات الجديدة ستجرى وفقا لشروط أوروبا، وفي انقسام حاد يهيمن على الحكومة البريطانية، يدور، إلى جانب التفاوض على المرحلة الانتقالية، حول سؤال محدد: ما هو شكل اتفاق التجارة الحرة الذي يريده السياسيون البريطانيون بالضبط؟
ويخطط رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك لطرح حزمتين من الإجراءات للنقاش، أولاهما تخص المرحلة الانتقالية، التي قد تستمر لعامين وتبدأ بعد الخروج الفعلي في مارس 2019، وتشمل التزام بريطانيا بقوانين الاتحاد الأوروبي وبأحكام المحكمة الأوروبية وبالتزاماتها المالية المسبقة تجاه الاتحاد.
وتدور الحزمة الثانية حول اتفاق التجارة الحرة الذي تسبب بانقسام بريطاني قائم على ارتباط الاتفاق بعضوية بريطانيا في السوق المشتركة والاتحاد الجمركي، حتى بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وإذا بقيت بريطانيا عضوا في هذين الفضائين فسيوصلها ذلك إلى وضع أقرب في علاقتها بأوروبا بنموذج النرويج، أما إذا خرجت منهما فلن تحصل عمليا على أكثر من اتفاق مماثل لاتفاق أوروبا التجاري مع كندا.
ويقول محللون إن وضع أيرلندا الشمالية ربما يكون حاسما لهذا الجدل ولتحديد شكل العلاقات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. فقد تعهدت ماي، بعد التوصل في 8 ديسمبر الجاري إلى توافق حول حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين على أراضيها وفاتورة الطلاق ووضع أيرلندا الشمالية، بـ”الالتزام الكامل” بقواعد السوق المشتركة والاتحاد الجمركي حفاظا على اتفاق الجمعة العظيمة، الذي وقع عام 1998 في ظلهما، وأنهى 3 عقود من العنف في أيرلندا الشمالية.
وإذا ما قررت بريطانيا، بعد الانتخابات العامة، التي من المقرر أن تجرى في عام 2021، الإخلال بهذا التعهد، والخروج من السوق المشتركة والاتحاد الجمركي، فسيعني ذلك إمكانية فرض حدود بين أيرلندا الشمالية (بريطانيا) وجمهورية أيرلندا (الاتحاد الأوروبي)، ونسف مبدأ “اقتصاد الجزيرة” الموحد الذي يؤسس لعلاقات تجارية مفتوحة بين الجانبين.
وبعد إعطاء زعماء أوروبا الضوء الأخضر للمضي قدما في المرحلة الثانية من المفاوضات، سيصبح الطرفان في سباق مع الزمن. وقال توسك “سنبدأ المفاوضات في أسرع وقت ممكن”. ويعني هذا احتمال انطلاق المفاوضات بحلول شهر يناير أو فبراير على أقصى تقدير.
ويسعى الجانبان إلى التوصل إلى ملامح الاتفاق النهائي بحلول أكتوبر 2018، حتى يكون أمام البرلمانين الأوروبي والبريطاني فرصة دراسة مواده بشكل دقيق وطرحها للنقاش قبل دخوله حيز التنفيذ في 29 مارس 2019.
العرب اللندنية