بيروت – تقود دول الاتحاد الأوروبي جهودا مكثفة لضمان استقرار لبنان وإبعاده عن نيران المنطقة، وترجمت هذه الجهود على أكثر من مستوى وكان آخرها إصدار قرار أممي جديد يؤكد على دعم هذا البلد، وأيضا الاستعدادات لعقد ثلاثة مؤتمرات دولية في بداية العام المقبل تصب في إطار مساعدته في مواجهة أزمة النازحين، وتوفير الدعم لمؤسساته العسكرية والأمنية التي تخوض يوميا تحديات كبرى خاصة لتأمين الشريط الحدودي مع سوريا.
وتقول أوساط سياسية لبنانية، إنه ورغم وجود تحفظات على مشاركة حزب الله في السلطة، من قبل الأوروبيين أو الولايات المتحدة، بيد أن هناك إجماعا دوليا على ضرورة تجاوز هذه النقطة، وتوفير الغطاء السياسي لاستقرار هذا البلد وتحييده قدر الإمكان عن الصراعات المحيطة.
وتصنف العديد من الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة حزب الله تنظيما إرهابيا، وتطالبه باحترام مبدأ الناي بالنفس التي أقرته التسوية الأولى التي أتت بعهد الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري نهاية العام الماضي والتسوية الثانية التي نتجت عن تراجع الحريري مؤخرا عن استقالته من رئاسة الوزراء التي قدمها الشهر الماضي بسبب ممارسات الحزب.
وقالت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، الأربعاء، إن استقلال لبنان وأمنه من ضمن أولويات الاتحاد الأوروبي، جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في بيروت.
وردا على سؤال بشأن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قالت موغيريني إن هناك حاجة ضرورية لحل سياسي للصراع قبل النظر في إمكانية عودتهم “طواعية” و”بكرامة” إلى بلادهم.
ويعتبر النازحون السوريون الذين جاوز عددهم المليون، وفق تقديرات رسمية، إحدى أبرز المشكلات التي تواجه لبنان سواء على المستوى الاقتصادي وحتى الأمني، وهناك اليوم انقسام في لبنان بشأن كيفية حلها بين طرف يرى بضرورة التعاطي مع النظام السوري، وآخر يشدد على الاستنجاد بالمنظمة الأممية، رافضين أي تواصل مع دمشق.
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي يؤيد فكرة الانتظار إلى حين اتضاح مسار التسوية السورية، قبل البت في عودة النازحين، وإلى ذلك الحين يؤكد على ضرورة دعم لبنان ماليا لتخفيف هذا العبء، وهو ما يترجمه مؤتمر بروكسل المنتظر.
وكانت المسؤولة الأوروبية قد أكدت في وقت سابق خلال لقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون أن لبنان بإمكانه الاعتماد على دعم الاتحاد الأوروبي في المجالات كافة.
وقالت فيدريكا موغيريني إن الاتحاد الأوروبي يعمل من أجل إنجاح المؤتمرات المقررة لدعم لبنان، خصوصاً في ما يتعلق بالمواضيع التي توليها الدولة اللبنانية أولوية.
وينتظر مع بداية العام المقبل عقد ثلاثة مؤتمرات لدعم لبنان، الأول في العاصمة البلجيكية بروكسل، وسيركز على دعم اللبنانيين في مواجهة أزمة النازحين، والثاني في العاصمة الإيطالية روما يركز على دعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، أما الاجتماع الثالث فسيكون في العاصمة الفرنسية باريس ويهدف إلى دعم الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من العديد من الإخلالات نتيجة عوامل هيكلية، وأخرى مرتبطة أساسا بالأزمات المحيطة التي أثرت عليه بشكل كبير.
وتنتظم المؤتمرات الثلاثة برعاية مجموعة دعم لبنان، التي عقدت الشهر الجاري اجتماعا في العاصمة الفرنسية لتوفير غطاء سياسي للتسوية الجديدة في لبنان.
وكان لبنان قد تعرض الشهر الماضي لهزة سياسية عنيفة كادت تدخله في دوامة لولا وجود إرادة داخلية ودولية كبيرة انتشلته منها. ومرد الأزمة تقديم رئيس الوزراء سعد الحريري لاستقالة مفاجئة من العاصمة السعودية الرياض في 4 نوفمبر الماضي على خلفية ما اعتبره تدخلات حزب الله في الإقليم وسعي إيران لفرض الوصاية على لبنان.
ونجح لبنان في تخطي هذه الأزمة بعد جهود داخلية ودعم لامحدود من قبل فرنسا، التي حرصت على الإبقاء على الحريري في رئاسة الحكومة، متعهدة بتوفير غطاء سياسي دولي يمكنه من هامش التصرف، ويقيه نسبيا من الصراعات الإقليمية.
وتقول أوساط لبنانية إن هذا الحرص على دعم لبنان تمكن قراءته من زاوية رغبة دولية في توفير كل الغطاء السياسي للحريري الذي بات ينظر إليه بعد الأزمة الأخيرة الطرف الأقدر على الحفاظ على الحد الأدني من الاستقرار، في ظل التفاف شعبي وسياسي حوله.
وأكد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، “دعمه القوي لاستقرار لبنان وسيادته وأمنه وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي.
جاء ذلك في بيان أصدره المجلس الثلاثاء حول لبنان بموافقة جميع أعضائه الذين يمثلون 15 دولة.
ودعا المجلس في بيان وافق عليه جميع أعضائه إلى “ضرورة حماية لبنان من الأزمات التي تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط”. وطالب “جميع الأطراف اللبنانية بتنفيذ سياسات ملموسة للنأي بالنفس عن أي نزاعات خارجية، وفقا لإعلان بعبدا لعام 2012″. كما دعا “جميع الدول والمنظمات الإقليمية إلى العمل من أجل تحقيق الاستقرار والأمن السياسي والاقتصادي والمالي للبنان، مع الاحترام الكامل لسيادته وسلامته”.
ويعتبر لبنان ساحة صراع بين إيران والمملكة العربية السعودية في ظل حرص طهران على جر هذا البلد إلى خندقها، ومساعي الرياض للحيلولة دون ذلك.
ورحب أعضاء مجلس الأمن بعودة رئيس الوزراء سعد الحريري إلى لبنان وقراره بمواصلة ولايته.
العرب اللندنية