أنقرة – تشعر السلطات التركية بأنها محاصرة من كل ناحية بسبب تدخلها في عفرين شمال سوريا، بما في ذلك من ناحية إيران بعد أن راهنت على أن طهران ستكون معها لأن العدو واحد، أي الأكراد. لكن وسائل إعلام إيرانية، مثل برس تي في، زادت من نقدها للتدخل التركي في خطوة قرأتها أنقرة على أنها تعكس موقفا رسميا.
وبحسب الأتراك تواصل برس تي في “نشر أخبار كاذبة لتشويه حقائق عملية غصن الزيتون”، التي تنفذها تركيا مع المعارضة السورية ضد التنظيمات الإرهابية بمنطقة عفرين شمالي سوريا.
وتقول وكالة الأناضول التركية إن “قناة برس تي في الرسمية الإيرانية الناطقة بالإنكليزية، تعمل على نشر دعاية سوداء تستهدف تركيا من خلال أخبار ومشاهد وصور لا تمت للواقع بصلة”.
وتتجاهل القناة التصريحات الرسمية التركية حول العملية، وتقدم رواية مغايرة تذهب مباشرة إلى أصل المشكلة، وهي أن عملية غصن الزيتون تستهدف الأكراد وليس التنظيمات الإرهابية في عفرين كما تزعم أنقرة.
ونشرت القناة على حساباتها في وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك، 15 خبرا عن مقتل مدنيين في عمليات الجيش التركي بمنطقة عفرين، وهي الأخبار التي تزعج المسؤولين الأتراك الساعين لتقديم العملية على أنها هجوم ضد إرهابيين وأنها لا تستهدف المدنيين.
وأشارت الأناضول إلى أنه في الوقت الذي قال فيه بيان الجيش التركي عن العملية “تم تحييد 260 عنصرا من تنظيمات بي كا كا/ ب ي د، وداعش”، فقد حرّفت القناة الإيرانية البيان ونقلته على النحو التالي “حيدت القوات المسلحة التركية في عملياتها 260 عنصرا من الأكراد وداعش”.
وأضافت “تواصل وسائل إعلام إيرانية، بقصد أو من دونه، استخدام مصطلح ‘أكراد سوريا’ عند الإشارة إلى تنظيم “بي كا كا/ ب ي د” الذي تصنفه أنقرة كتنظيم إرهابي.
وقال متابعون للشأن التركي إن ردود أنقرة على الحملات الإيرانية جاءت ملتبسة في محاولة للإيحاء بأن الأمر محصور في دوائر إيرانية معينة وليس خيارا رسميا، لافتين إلى أن الانزعاج التركي نابع مما تراه أنقرة خيانة إيرانية بعد أن وقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى جانب النظام الإيراني أثناء الاحتجاجات والتي اعتبرها شأنا داخليا.
وفيما بدت العملية في انطلاقها نزهة سريعة، فإن العسكريين الأتراك وجدوا الوضع على الأرض مخالفا تماما للدعاية الرسمية التركية.
وقال ضابط تركي من القوات الخاصة “أعتقد أن هذه العملية لن تكون بسهولة درع الفرات”. وكشف أن “الخصوم يستعدون منذ أشهر وهم أكثر عدوانية من داعش”، مضيفا “أتوقع أن تستغرق وقتا أطول”.
ويعتقد مراقبون أن تركيا فشلت في أن تحصل على أي دعم خارجي لتدخلها العسكري شمال سوريا بسبب مواقف أردوغان، وخطاب التعالي الذي يحاول أن يظهر من خلاله أنه متماسك وقوي، مشيرين إلى أن ذلك يجعل التعاطف مع الوجود التركي في عفرين أمرا صعبا، وعلى العكس سيجد الأكراد تفهما دوليا أوسع لن يقف عند حدود الولايات المتحدة بل سيتوسع ليشمل أوروبا وروسيا التي تحاول أن تمسك العصا من المنتصف.
ويرى هؤلاء المراقبون أن الدعاية، التي يصفها الإعلام الرسمي التركي بالسوداء، صارت تملأ مواقع التواصل التركية. ويهاجم نشطاء أتراك سياسة أردوغان وخاصة هجماته على حساباتهم في فيسبوك وتويتر.
وأعلنت وزارة الداخلية التركية أن الشرطة اعتقلت عددا من النشطاء بتهمة “نشر دعاية إرهابية” على وسائل تواصل اجتماعي تتعلق بالعملية العسكرية ضد مقاتلين أكراد في شمال سوريا.
وفتحت السلطات تحقيقا ضد 4 من نواب حزب الشعوب الديمقراطي بعد دعوتهم إلى التظاهر ضد الهجوم في سوريا. كما منعت الشرطة تنظيم مظاهرات احتجاجا على الهجوم، في دياربكر وفي إسطنبول.
العرب اللندنية