طرابلس – أثارت تصريحات الفريق ركن علي كنة قائد ما يسمّى بـ”القوات المسلحة الليبية في المنطقة الجنوبية” وهي قوات ما زالت تدين بالولاء للعقيد الراحل معمر القذافي، حول عدم استدعائهم لاجتماعات توحيد المؤسسة العسكرية التي تقودها القاهرة منذ نحو سنة، تساؤلات حول أسباب تجاهل هذه القوة التي تسيطر على الجنوب الليبي.
وقال كنة في تصريحات تلفزيونية مساء الثلاثاء، إنه لم يتم استدعاء ضباط من المنطقة الجنوبية للمشاركة في مفاوضات توحيد الجيش الوطني.
وأضاف “في الفترة الماضية احتضنت القاهرة اجتماعات لتوحيد المؤسسة العسكرية لكننا لم نكن طرفا في هذه المفاوضات التي نرحب بها ونؤيدها، رغم وجود عدد لا بأس به من القيادات العسكرية المهمة في المنطقة الجنوبية”.
وكان الناطق الرسمي باسم الجيش أحمد المسماري أكد أن الاجتماعات المنعقدة في القاهرة يشارك فيها ضباط من مختلف مناطق ليبيا.
مهجرو تاورغاء يعودون تدريجيا لمدينتهم
طرابلس- قال وزير الدولة لشؤون المهجّرين والنازحين بحكومة الوفاق الليبية، يوسف جلالة، إن 500 عائلة ستعود الخميس إلى مدينة تاورغاء. وأوضح جلالة الذي يرأس لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق بين مصراتة وتاورغاء، أن عودة الأهالي ستكون تدريجية، لعدم إرباك المشهد.
وأوضح جلالة في تصريحات صحافية محلية أن هناك تكثيفًا أمنيًا من آمر المنطقة الوسطى التابع لوزارة الدفاع واللجنة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، مطالبًا المواطنين المتوقع حضورهم الخميس، احترام كافة الإرشادات الأمنية الصادرة من الجهات المعنية حفاظًا على سلامة الجميع.
وتابع رئيس لجنة متابعة تنفيذ الاتفاق بين مصراتة وتاورغاء، أن تلك “اللجان لن يكتفي عملها على تأمين يوم الخميس فقط بل ستستمر في تأمين المدينة، لذلك يجب التعاون معها”.
وأشار إلى أنه “تم تحديد أماكن بالمدينة آمنة للتحرك بها، كما أنّ هناك أماكن وضع عليها علامات تحذير يجب عدم الاقتراب منها إلى حين تنظيفها نهائيًا وتأهيلها لعودة الأهالي”.
وكان رئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج، أعلن ديسمبر الماضي أن نازحي تاورغاء سيتمكّنون من العودة إلى مدينتهم بدءا من الأول من شهر فبراير المقبل.
وأكد السراج حينئذ توصل ممثلي مدينتي مصراتة وتاورغاء إلى اتفاق يضمن عودة المُهجّرين.
ويعود أصل الخلاف بين مصراته وتاورغاء إلى أحداث إسقاط النظام السابق، حيث دعّمت مدينة تاورغاء النظام وقاتل شبابها إلى جانب الجيش الليبي، فيما قادت مصراتة الانتفاضة التي انطلقت في 17 فبراير 2011.
وعقب إسقاط النظام جاءت ميليشيات مصراتة المنتصرة لتثأر من المدينة التي ساندت معمر القذافي متهمة شباب تاورغاء باغتصاب نسائها والاعتداء على الأهالي، وتمّ على إثر ذلك إفراغ المدينة التي لا تبعد كثيرا عن مصراتة، من أهلها.
وعقد ضباط من الجيش الليبي سلسلة من الاجتماعات في مصر تهدف إلى توحيد المؤسسة العسكرية. وتوشك هذه المفاوضات على انتهائها بإعلان التوصل لاتفاق حول هيكلة للجيش.
وسعت الحكومات المتعاقبة بعد إسقاط نظام القذافي إلى العمل على تأسيس مؤسستي الجيش والشرطة، وتوحيد الكتائب المسلحة التي تشكّلت عقب الأحداث ودمجها مع ما تبقّى من وحدات الجيش الليبي؛ إلا أنّ مساعي هذه الحكومات لم تنجح.
وزاد من صعوبة بلوغ هذا المسعى، تعدد الشرعيات في ليبيا وانقسام مؤسسات الدولة عقب انقلاب ميليشيات فجر ليبيا على نتائج الانتخابات التشريعية سنة 2014. وعقب سيطرة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على القواعد الجوية في إقليم فزان (الجفرة وبراك الشاطئ وتمنهنت) ظن كثيرون أنّ الجنوب بالكامل بات تحت تصرّف الجيش بعد طرد الميليشيات الإسلامية منها، إلا أنّ الجيش لم يسيطر فعليّا سوى على القواعد.
وتسيطر قوات كنة المدعومة بقوة قبليّا، على أغلب مناطق الجنوب بما في ذلك غات وسبها وحوض مرزق والشاطئ وأوباري. في حين يسيطر اللواء محمد بالنايل (عقيد محسوب على نظام القذافي نجح حفتر في استمالته للقتال في صفه) على مسقط رأسه براك الشاطئ.
ويؤكد كنة أنه يقف على مسافة واحدة بين أطراف الصراع في بلاده، إلا أنّ متابعين يتهمونه بالتقارب مع المنطقة الغربية، وهو ما عكسه تسليم القوة الثالثة لحقل الشرارة النفطي لقواته، بعدما اشتد الخناق عليها من قبل قوات حفتر.
وأثيرت تساؤلات حول الأسباب التي دفعت العسكريين المتحاورين في القاهرة إلى إقصاء قوة تسيطر على الجنوب وتعدّ المئات من العسكريين النظاميين.
وتتعمّق التساؤلات بالتطرق إلى استضافة مصر لأبرز قيادات نظام القذافي وفي مقدمتها منسق العلاقات الليبية المصرية السابق ورئيس حركة النضال الوطني قذاف الدم القذافي.
إلا أنّ مراقبين ربطوا عدم استدعاء كنة لتلك المفاوضات يعود إلى علاقاته الوثيقة بالنظام الجزائري الذي يتنافس مع مصر على زعامة المنطقة انطلاقا من الأزمة الليبية.
وكانت رسائل وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، التي نشرت سنة 2015، أشارت إلى ما وصفته بـ”التنافس الجزائري – المصري المحمُوم على زعامة المنطقة انطلاقا من نتائج أزمة ليبيا”.
وأظهرت وثيقة ضمن تلك الرسائل تخوّف الجزائر من الصحوة المصرية في المنطقة، مع وجود مساعٍ مصرية للتدخل في المناطق الليبية الحدودية. وأثنى كنة خلال تصريحاته على الموقف الجزائري من الأزمة الليبية.
وقال “الجزائر تعتبر الدولة الوحيدة من الدول المجاورة التي لم تساهم في تدمير ليبيا ولم تفتح حدودها لأي قوة لدخول ليبيا ولم تتعاون مع حلف الناتو الذي دمّر البنية التحتية للبلاد. موقف الجزائر كان موقفا قوميا مشرّفا ولن ينساه الليبيون”.
وسجل وصول غسان سلامة لرئاسة البعثة الأممية في ليبيا، تغييرا في موقف المنظمة الأممية من عودة المحسوبين على نظام القذافي للسلطة. والتقى سلامة الأشهر الماضية العشرات من القياديين المحسوبين على النظام السابق في القاهرة.
وقال سلامة حينئذ “من حق قياديي النظام السابق إنهاء حالة التهميش والإقصاء التي يعانون منها ومن حقهم أيضا أن يكونوا جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية”، وهو ما ينفي وجود رفض أممي لمشاركة قوات كنة في عملية إعادة هيكلة الجيش.
العرب اللندنية