اختتم السيد حيد العبادي زيارته الاولى الى واشنطن كرئيس لمجلس وزراء العراق (الجمعة) حيث حظي بلقاء مع الرئيس الامريكي باراك اوباما ونائبه جون بايدن، مثلما حظي بوعد بتسليم بلاده 36 طائرة كانت قد طلبتها عام 2011، ولكنه اغضب السعوديين والخليجيين الذين اكد انه يريد اقامة علاقات جيدة معهم، مثلما اثار حالة من عدم الارتياح في اوساط مضيفيه الامريكان، عندما سئل السيد العبادي في مؤتمر صحافي ما اذا كان الرئيس الامريكي اوباما الذي التقاه يوم الثلاثاء الماضي قد اتفق معه على “ان السعوديين ذهبوا اكثر من اللازم في ضرباتهم الجوية في اليمن” قال انه لا يريد ان يتحدث باسم الادارة الامريكية لكنة قال “يعتقد انه كان هناك اتفاق حول هذه المسألة”.
الغضب السعودي بدأ واضحا من خلال مسارعة السفير عادل الجبير الى عقد مؤتمر صحافي في مقر السفارة السعودية في واشنطن للرد على السيد العبادي قال فيه “ينبغي على المسؤولين العراقيين ان يشعروا بالقلق مما يجري في بلادهم حيث ما زالت الاقليات تكافح عمليات الاقصاء”.
اليستر باسكاي المتحدث باسم مجلس الامن القومي الامريكي سارع بدوره الى القول “اننا ندعم بالتأكيد العملية السعودية في اليمن، ولهذا تقدم الدعم الاستخباري واللوجستي للضربات الجوية العسكرية السعودية”، وكان يريد من هذا التصريح ان ينفي بصورة مباشرة اي معارضة لبلاده لهذه الضربات.
السيد العبادي لا يستطيع ان يخرج من جلده، فالطبع يغلب التطبع، ولذلك لا يمكن ان يكون “حياديا” في موضوع التدخل العسكري السعودي في اليمن، ومن يتوهم غير ذلك يرتكب خطأ كبيرا.
الحكومة العراقية التي يرأسها السيد العبادي لا تستطيع ان تقف في خندق غير الخندق الايراني، لان ايران هي الداعم الاكبر الرئيسي لها، ولولا دعمها لما استطاعت استعادة السيطرة على محافظة صلاح الدين ومدينة تكريت بعد معارك طاحنة ضد “الدولة الاسلامية” وقواتها، ولعب القصف الجوي الامريكي دورا كبيرا في حسمها لصالحها ايضا.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو حال الانعكاسات التي يمكن ان تترتب على تصريحات ومواقف السيد العبادي في واشنطن على خطط حكومته لاستعادة محافظة الانبار من تنظيم “الدولة الاسلامية”، استعدادا لمعركة الموصل الاهم، المقرر لها ان تتم قبل شهر رمضان المقبل.
الاجابة على هذا التساؤل المشروع تتوقف على مدى ايفاء الادارة الامريكية بوعدها بتسليم صفقة الطائرات (اف 16) الى الحكومة العراقية في القريب العاجل، وبعد اكثر من اربع سنوات من المماطلة، مثلما تتوقف ايضا على مدى التزام السيد العبادي بوعوده للادارة بتهدئة التوترات الطائفية وطمأنة الطائفة السنية، في العراق على وجه الخصوص، بأن حكومته لكل الطوائف وليس حكومة طائفة واحدة.
دول الخليج، وبضغط من واشنطن، انفتحت سياسيا على حكومة السيد العبادي اعتقادا منها بأنها ستكون مختلفة عن حكومة السيد المالكي المتهمة بالتهميش والاقصاء الطائفي، ولكن المؤكد ان الازمة اليمنية، وتدخلها العسكري فيها في اطار “عاصفة الحزم” قد تدفع باعادة النظر في هذا الانفتاح.
حرب السيد العبادي ضد “الدولة الاسلامية” ربما كانت ستكون اكثر سهولة واقل تعقيدا، لولا انفجار الازمة اليمنية واختيار السعودية للحل العسكري كرد على الاتفاق النووي الامريكي الايراني الذي طعنها في الظهر، فالحكومة العراقية كانت تقف في معسكر واحد مع السعودية ودول الخليج قبل هذه الازمة وتحت المظلة الامريكية، الآن تغير المشهد كليا، وهذه التغييرات ربما لا تكون في مصلحة السيد العبادي وحكومته.
الارتباط بين الازمتين في العراق واليمن بات اقوى من اي وقت مضى في ظل الفرز الطائفي المتفاقم في المنطقة، ولم يكن مفاجئا بالنسبة الينا في هذه الصحيفة “راي اليوم” اذا ما انعكس هذا الفرز على السيد العبادي وحكومته بطريقة او باخرى، وغردت في السرب الآخر.
“راي اليوم”