في تحدٍ سافر لقرارات مجلس الأمن وآخرها قرار الهدنة في سوريا 2401 لمدة 30 يوماً، واصل النظام السوري، وحلفاؤه الروس والإيرانيون، حملة إبادة مستمرة، مستعملاً الكثير من الأسلحة المحرمة دولياً، وبينها غاز الكلور السام، منذ عشرة أيام على الغوطة الشرقية، وسط محاولات اقتحام برية فشلت بالرغم من التغطية النارية الروسية والدعم الكبيرين ومساندة عشرات الميليشيات الأجنبية والمحلية.
يجري ذلك في ظل إصرار روسي على إفشال أي هدنة توقف نزيف دماء المحاصرين شرقي دمشق، ممن وصفهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بـ«الإرهابيين» حيث قال إن «وقف إطلاق النار في سوريا لا يشمل معركة دمشق ضد الإرهابيين»، في وقتٍ تنهمر صواريخ النظام على الغوطة التي تحولت إلى جحيم حسب وصف الأمين العام للأمم المتحدة، بينما روسيا تتحدى مجلس الأمن وتتلاعب بشروط الهدنة.
وقالت متحدثة باسم الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 30 شخصا بينهم أطفال ونساء قتلوا في عمليات عسكرية في الغوطة الشرقية المحاصرة خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، مضيفة أن المعارضة واصلت أيضا قصف دمشق.
وقالت ليندا توم، وهي متحدثة باسم الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في دمشق، في تصريحات عبر البريد الإلكتروني «إن الأمم المتحدة متأهبة ومستعدة لترسل على الفور قوافل إغاثة إلى عدة مناطق في الغوطة الشرقية لإنقاذ الأرواح بمجرد أن تسمح الظروف والقيام بعمليات إجلاء طبي للمئات».
وزعم لافروف ان أهالي ريف دمشق هم من يؤمن الحماية لعناصر «جبهة النصرة»، منكراً استهداف الأهالي بغاز الكلور، حيث قال «إن اتفاق وقف إطلاق النار لا يحمي مقاتلي جبهة النصرة في الغوطة الشرقية وإدلب، وإن وقف إطلاق النار في سوريا سيبدأ عندما تتفق كل الأطراف على كيفية تنفيذه»، واصفاً تقارير عن استخدام غاز الكلور في الغوطة الشرقية بالاستفزاز، مضيفاً «نتوقع المزيد من التصريحات الكاذبة عن استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا».
«القدس العربي» وثقت بالاستناد إلى مصادر أهلية وحقوقية استهداف مدينة حرستا بأكثر من 17 غارة جوية من الطيران الحربي السوري والروسي، تحمل كل منها أكثر من سبعة صواريخ، إضافة إلى قصف متواصل بأكثر من 100 قذيفة مدفعية و50 صاروخاً من نوع أرض ـ أرض، فيما ارتكبت قوات النظام يوم أمس مجزرة في مدينة دوما، راح خلالها 13 ضحية بينهم 7 أطفال و4 نساء، جراء استهداف الأحياء السكنية بخمس غاراتٍ جوية بعد منتصف الليل، إضافةً لقصف مدفعي خلال ساعات النهار، كما استهدفت قوات النظام الأحياء السكنية براجمات الصواريخ حيث تجاوز عددها 40 صاروخاً، وعملت فرق الدفاع المدني على الاستجابة العاجلة لإخلاء الجرحى وإنقاذ العالقين تحت الأنقاض وانتشال الجثث.
مديرية الصحة في دمشق وريفها من جهتها قالت في بيان لها أمس، إن النقاط الطبية استقبلت مساء يوم الأحد عدداً من الحالات من بلدة الشيفونية في الغوطة الشرقية تظهر سريرياً اعراض زلة تنفسية و«تخريشاً شديداً» في الأغشية المخاطية والعيون وهياجاً ودواراً يرجح أن تكون الحالات ناجمة عن الإصابة بغاز الكلور السام، حيث أن رائحة الغاز المعروفة كانت واضحة بشدة في المنطقة بعد انفجار كبير، وقد ورد ذلك في شهادة الكثيرين من أهالي المنطقة وسائقي سيارات الإسعاف
ووصف أهالي الغوطة الشرقية الهدنة التي أقرها مجلس الأمن لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما بأنها «هدنة عنيفة حيث تتناوب عشرات المقاتلات الحربية، بالرغم من وجود الهدنة، على قتل المدنيين المحاصرين». وأكد الناشط الإعلامي هيثم بكار انه تتزامن في كل ساعة نحو سبع مقاتلات روسية وأربع طائرات سورية على قتل مدنيين محاصرين على تخوم العاصمة، مؤكدا أنه بعد إقرار الهدنة تم استخدام النابالم، والكلور السام، حيث قتلت عوائل كاملة باسم الهدنة، و400 ألف نسمة تم الإقرار والتوقيع على إبادتهم باسم الهدنة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان أن الحملة التي يشنها النظام السوري على الغوطة الشرقية هي «بقيادة مجرم الحرب سهيل الحسن الملقب بالنمر، وحتى اللحظة نستطيع القول إن الفشل هو عنوان معركة الغوطة بالنسبة للنظام، واستمرار القتل والمعارك يظهر بوضوح عدم رغبة روسيا بالتوقف عن القتل أو إدخال المساعدات لأكثر من 400 ألف مدني محاصرين في الغوطة بينهم ما لا يقل عن 3000 جريح نتيجة الحملة الإجرامية الأخيرة».
ووجه العميد أحمد الرحال رسالة إلى الأهالي المدنيين وفصائل الثوار المحاصرين في الغوطة الشرقية، مؤكداً لـ«القدس العربي» أن ما يجري شرقي دمشق أشبه بنظرية «جيوليو دوهيت» التي طبقت في حلب والآن تطبق في مدن وبلدات ريف دمشق».
وأضاف رحال لـ«القدس العربي»: «اعتقد دوهيت أن عامل الهزيمة في الحرب يأتي من قهر الشعب من خلال القصف الممنهج والمكثّف بهدف إيقاع عدد كبير من القتلى بين صفوف المدنيين، إضافة لتدمير البنية التحتية الاستراتيجية المشافي، مستودعات الطعام، آبار المياه، طرق المواصلات».
من جهتها نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزير الدفاع سيرغي شويغو قوله إن الرئيس فلاديمير بوتين أمر بتنفيذ وقف يومي لإطلاق النار في الغوطة الشرقية في سوريا ابتداء من يوم الثلاثاء، وفتح «ممر إنساني» يمكن للمدنيين أن يغادروا من خلاله. ونقلت الوكالة عن شويغو أن وقف إطلاق النار سيسري يومياً من التاسعة صباحاً حتى الساعة 1400 بالتوقيت المحلي. وأضاف أنه سيجري الإعلان قريباً عن التفاصيل المتعلقة بموقع هذا الممر حسب رويترز.
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قال أمس الإثنين إن الوضع في الغوطة الشرقية في سوريا يبعث على القلق الشديد، وزعم ان فصائل الثوار تحتجز المدنيين هناك، متهماً إياها بامتلاك المواد الكيميائية.
من جهته قال وزير الخارجية القطري محمد آل ثاني، أمس الإثنين، إن «ما يتعرض له الشعب السوري في الغوطة الشرقية على مرأى ومسمع من العالم كله على يد النظام الحالي وصمة عار على الإنسانية». جاء هذا خلال كلمة له في جنيف أمام الدورة الـ37 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
من جهة أخرى قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لنظيره التركي رجب طيب إردوغان، أمس، إن الدعوة التي أطلقها مجلس الأمن الدولي في مطلع الأسبوع لوقف إطلاق النار في عموم سوريا تنطبق أيضاً على منطقة عفرين. تزامناً أرسلت تركيا قوات خاصة لعفرين شمال غربي سوريا، أمس، استعداداً «لمعركة جديدة» في هجومها الذي بدأته قبل خمسة أسابيع ضد وحدات حماية الشعب الكردية.
القدس العربي ووكالات