صعّدت الدول الغربية لهجتها إزاء دمشق، مؤكدة على ضرورة «محاسبتها» إزاء الحملة العسكرية في الغوطة الشرقية المحاصرة حيث يحتاج عشرات آلاف المدنيين إلى مساعدات غذائية وطبية ملحة.
وقتل أمس 8 مدنيين على الأقل في قصف جوي ومدفعي للنظام السوري، وقصف جوي للطيران الروسي على الأحياء السكنية في مدن وبلدات الغوطة الشرقية.
وأفاد الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) في حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي، بأن 4 مدنيين قتلوا في منطقة المرج، فيما قتل مدني وابنته في مدينة كفربطنا، ومدنيان في بلدة حمورية في الغوطة الشرقية. كما سقط عدد كبير من الجرحى جراء القصف، جراح بعضهم خطيرة، ما يرشح عدد القتلى للارتفاع، مع تواصل القصف على المنطقة بالرغم من قرار مجلس الأمن الذي يطالب بوقف إطلاق النار.
من جهته أرجأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجمعة تصويتا على مشروع قرار قدمته بريطانيا حول الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، وذلك بعد أن فشلت الدول الأعضاء في الاتفاق على صيغة نهائية.
وكانت بريطانيا قد تقدمت بمسودة القرار في جلسة طارئة للمجلس. وتطالب الوثيقة بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية فورا إلى المنطقة، حيث أعلنت روسيا من جانب واحد هدنة إنسانية لخمس ساعات يوميا لم تتح حتى الآن إيصال مساعدات او إجلاء مدنيين او مصابين.
ويطالب مشروع القرار البريطاني مجلس حقوق الإنسان ولجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا «بفتح تحقيق شامل ومستقل بشكل عاجل حول الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية». وتدين الوثيقة البريطانية «استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل السلطات ضد المدنيين في الجمهورية العربية السورية، ومنهم سكان الغوطة الشرقية». ولم يكن الاعتراض على مشروع القرار مستغربا. ومع أن روسيا غير ممثلة حاليا في المجلس الذي يضم 47 دولة بموجب ولاية من ثلاث سنوات، فقد شاركت في النقاش بصفة مراقب وأدانت نص المشروع كما فعلت حكومة دمشق.
وافتتح مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان، زيد بن رعد الحسين، الجلسة وقال «ما نراه في الغوطة الشرقية وأماكن أخرى في سوريا، هو على الأرجح جرائم حرب، وقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية». وحذر المسؤولين عنها من أنهم «لن يفلتوا» من العقاب. واضاف «أن عجلة العدالة قد تكون بطيئة لكنها تسير»، مجددا مطالبته بإحالة النزاع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وألقى ممثلون عن عشرات الدول وهيئات المجتمع المدني كلمات حول الأزمة في الغوطة الشرقية، حيث يحاصر 400 ألف مدني. وبعد اقتراح عدة تعديلات على النص البريطاني، اضطر الرئيس الدوري للمجلس، الرئيس السلوفيني فيوسلاف سوتش، إلى إرجاء التصويت إلى الإثنين.
وتنتظر الأمم المتحدة السماح لها بإدخال مساعدات إلى الغوطة الشرقية التي تحاصرها قوات النظام بشكل محكم منذ عام 2013، وتتعرض منذ نحو أسبوعين لحملة قصف أسفرت وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 617 مدنيا بينهم 149 طفلا، وصابة أكثر من 3500 آخرين بجروح.
وهددت أمس عواصم غربية بينها واشنطن وباريس، بشن ضربات في حال توافر «أدلة دامغة» على استخدام السلاح الكيميائي. كما شدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون، الجمعة، على أنهما لن «يتسامحا» في حال ثبت استخدام أسلحة كيميائية، وطالبا النظام بالالتزام الكامل ببنود الهدنة في الغوطة، داعين موسكو للضغط على النظام الى أبعد الحدود. وطلبت واشنطن من مجلس الأمن الدولي تشكيل لجنة جديدة للتحقيق في استخدام أسلحة كيميائية. كما أكدت المستشارة الألمانية والرئيس الأمريكي على وجوب «محاسبة» النظام السوري على الهجمات وعمليات القصف على المدنيين في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، وفق ما أعلنت المستشارية الألمانية في بيان الجمعة.
من جهة أخرى قتل 14 عنصرا من القوات الموالية للنظام السوري بقصف تركي استهدف قرية كانوا يتمركزون فيها إلى جانب المقاتلين الأكراد في منطقة عفرين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس مساء. ودخلت منذ 11 يوما قوات تابعة للنظام السوري إلى منطقة عفرين بعدما طلبت وحدات حماية الشعب الكردية من الحكومة السورية التدخل، لدعمها في حماية المنطقة أمام الهجوم التركي المستمر منذ نحو شهر ونصف.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس «قتل 14 عنصرا على الأقل من القوات التابعة للنظام وثلاثة مقاتلين أكراد في قصف جوي تركي استهدف موقعين لهم في قرية جما شمال غرب عفرين». وأكد المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين بروسك حسكة في بيان «استهدف الطيران الحربي لجيش الغزو التركي نقطتين لتمركز الوحدات الشعبية التابعة للجيش السوري في قرية جما»، مشيرا إلى سقوط قتلى وجرحى من دون أن يحدد حصيلة.
وتشن تركيا مع فصائل سورية موالية لها منذ 20 كانون الثاني/يناير هجوما تقول إنه يستهدف مقاتلي الوحدات الكردية الذين تعتبرهم «إرهابيين» في منطقة عفرين الحدودية في شمالي سوريا.
من جهتها شنت فصائل «غصن الزيتون» أمس الجمعة هجوما على المواقع العسكرية التي تتمركز فيها وحدات حماية الشعب الكردية جنوبي غربي مدينة عفرين، وتمكنت من السيطرة على قرى «ماملي فوقاني وماملي تحتاني وموساكو وماسكانلي وعطمانلي وتلة بلال كوي» على محور ناحية راجو، حيث وصلوا الى مدخل مركز الناحية غربي مدينة عفرين، بعد أن فرضت القوات سيطرتها على منطقة النبي هوري التاريخية الهامة، الأمر الذي مكّنها من وصل شرقي عفرين بشمالها، فيما تحاول القوات المهاجمة تكثيف هجماتها على باقي المحاور من خلال المواجهات العنيفة حتى تتمكن من الوصول الى غرب عفرين وجنوب غربي عفرين
«القدس العربي» ووكالات