جون بولتون، المحب للحرب، والمعادي للمسلمين، يريد تسليم “قطع” من فلسطين إلى الأردن ومصر

جون بولتون، المحب للحرب، والمعادي للمسلمين، يريد تسليم “قطع” من فلسطين إلى الأردن ومصر

يشكل تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي للرئيس دونالد ترامب عودة انبعاث للمحافظين الجدد، وينهي بحزم ذلك الفصل الذي زعم فيه ترامب بأنه ليس من ذوي النزعة التدخلية. ويبدو حتى المحافظون الجدد من أصحاب شعار “ليس ترامب أبداً” سعيدين اليوم. وبولتون، المتطرف والمعادي للإسلام، معارض شرس لاتفاق إيران النووي، ومعارض متعصب للنفوذ الروسي في الشرق الأوسط، وقد دعا إلى إعلان الحرب على إيران وعلى كوريا الشمالية، وأعلن وفاة حل الدولتين في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
اليوم، بات الكثيرون يخشون أن ترامب يوشك على أن يجلب لنا حرباً أخرى. ويقول السيناتور إد ماركي:
“يدعم جون بولتون بنشاط قصف إيران بشكل استباقي وتوجيه ضربة أولى ضد كوريا الشمالية من دون استفزاز من طرفها. ويشكل تعيينه مستشاراً للأمن القومي خطراً جسيماً على الشعب الأميركي، ورسالة واضحة من الرئيس ترامب، تفيد بأنه يعدّ العدة لخوض صراع عسكري”.
من المؤكد أن بولتون واقعي فيما يتعلق بإعلانه نهاية حل الدولتين، على الرغم من أن الحل الذي يقترحه للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ليس كذلك. وحلُّه هو تسليم قطع من الضفة الغربية إلى الأردن ومنح قطاع غزة لمصر، على أساس نظرية تقول إن فلسطين هي مجرد “قطع وشذرات” من الإمبراطورية العثمانية السابقة. ولم تقبل مصر ولا الأردن هذا الاقتراح؛ وقال الفلسطينيون بطبيعة الحال إن مثل هذه النتيجة غير واردة مطلقاً.
في كانون الثاني (يناير)، كتب بولتون في الكونغرس كجزء من عملية تقديم الطلب لشغل منصبه الجديد:
“بمجرد أن يتضح أن حل الدولتين قد مات أخيراً، يجب أن يُطلب من الأردن مرة أخرى أن يتولى السيطرة على أجزاء محددة بشكل مناسب من الضفة الغربية، وأن تتم إعادة تأكيد الدور الديني للمملكة في الأماكن المقدسة مثل جبل الهيكل. وسوف يفيد القبول بسيادة الأردن الفلسطينيين فعلاً، وكذلك هو شأن السيادة المصرية على غزة، من خلال ربط هذه المناطق بدول فاعلة وقابلة للحياة، وليس بوهم ‘فلسطين’”.
تقول تقارير فضائية “الجزيرة” المزيد عن وجهات نظر بولتون تجاه إسرائيل وفلسطين. ومن الواضح أنه مؤيد لإسرائيل على طول الخط. ويقول أحد التقارير:
“بعد أن سمح الرئيس السابق باراك أوباما بمرور قرار مجلس الأمن الدولي في كانون الأول (ديسمبر) 2016، الذي أدان المستوطنات الإسرائيلية، قال بولتون إن أوباما ‘طعن إسرائيل في الصدر’، وإن هذا الإجراء ‘يهدف بوضوح إلى الميل بعملية السلام في اتجاه الفلسطينيين’”.
ثم قال إن حل الدولتين انتهى، كما ذكرت قناة الجزيرة:
“قال بولتون لراديو بريتبارت اليميني المتطرف في ذلك الوقت: ‘لقد مات حل الدولتين تماماً، كمسألة واقع تجريبي. وهذا هو الشيء الوحيد الذي اقترب جون كيري من فهمه بشكل صحيح تقريباً’”.
وحسب رأيه، فإن الإصرار على حل الدولتين ليس واقعياً، ببساطة. فمن حيث المبدأ، لا تستطيع إسرائيل أن تقبل بالحدود غير قابلة للدفاع عنها والتي ستكون لديها مع وجود دولة فلسطينية إلى جوارها. وقال:
“بما أن هدف واشنطن الدبلوماسي هو ‘حل الدولتين’ -إسرائيل و‘فلسطين’- فإن التناقض الأساسي بين هذا التطلع والواقع على الأرض سوف يضمن أنه لن يأتي مطلقاً إلى الوجود”.
ومن جانبها، نعَت منظمة “أصوات يهودية من أجل السلام” تعيين بولتون، وقالت: “يشكل تعيين بولتون كارثة كاملة بالنسبة للشرق الأوسط، والولايات المتحدة، والعالم كله”. وفي تغريدة لها على “تويتر”، قالت المجموعة الصهيونية الليبرالية، جيه ستريت:
“إن بولتون هو مدافع متعصب عن الاستخدام غير الناضج وغير الضروري والمتهور للقوة في الشرق الأوسط وفي العالم. إن هذا التعيين ليس غير حكيم فحسب. إنه كارثي”.
وكتب جو سيرينسيون من “صندوق بلوشاريس”، المؤيد لاتفاق إيران النووي، في تغريدة على تويتر: “هذه هي اللحظة التي خرجت فيها الإدارة رسمياً عن السكة”. ومع ذلك، يشير سيرينسون إلى المعارضة الواسعة لبولتون (بما في ذلك من ريتشارد هاس من مجلس العلاقات الخارجية)، ويكتب سيرينسيون:
“لعل الجانب المشجع في هذه اللحظة الخطيرة هو رد الفعل الواسع والقوي. بينما يبني ترامب حكومته الحربية، تظهر المقاومة، وتتوحد”.
ويقول السيناتور جيف ميركلي:
“جون بولتون: أراد الحرب مع كوبا، محتجاً –عن خطأ- بأن لديها أسلحة للدمار الشامل. وأراد الحرب في العراق، مجادلاً -خطأ مرة أخرى- بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل. وهو يعتقد –خطأ أيضاً- بأن قانون الشريعة الإسلامية يستولي على أميركا. وإذا كنتَ دائماً مخطئاً في شؤون الأمن، فإنك ستكون الشخص الخطأ لتولي منصب مستشار الأمن القومي”.
يعيد موقع “لوبيلوغ” نشر مقالة غريغ ثيلمان التي تسرد بالتفصيل دور بولتون باعتباره “محرك رئيسي وراء الفشل الذريع في مسألة أسلحة الدمار الشامل في العراق”. ويلاحظ الموقع أن هذا التعيين هو النقيض الكامل للموقف المناهض للحر الذي كان دونالد ترامب قد أعلنه خلال حملته الانتخابية. ويقول الموقع:
“(يعزز تنصيب بولتون) الاحتمالات المتزايدة باطراد لتورط الولايات المتحدة في نزاع مسلح آخر في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر في العالم. والرئيس المنتخب الذي كان قد انتقد منافسته الديمقراطية وسخر منها مراراً بسبب دعمها غزو العراق، والذي رفض فريقه الانتقالي مؤخرًا تقييم وكالة الاستخبارات المركزية، مشيراً إلى أن “هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين قالوا إن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل”، يفكر -كما يُقال- في تعيين جون بولتون نائباً لوزير الخارجية. وبطبيعة الحال، فإن بولتون هو واحد من “نفس الأشخاص” هؤلاء. وإذا اختار دونالد ترامب تعيين محرّك رئيسي وراء فشل قصة أسلحة الدمار الشامل في العراق في منصب رئيسي في وزارة الخارجية، فإنه سوف يتفوق على نفسه في تحويل المفارقة إلى كوميديا مظلمة”.
ويقول ماثيو واكسمان، أستاذ القانون في جامعة كولومبيا والذي كان قد خدم في البيت الأبيض، إن ما يجعل بولتون “خطيرا” هو مواهبه كلاعب إداري محنك. ويضيف:
“نعم، إن بولتون عدواني متشدد حين يتعلق الأمر بممارسة القوة العسكرية والاقتصادية الأميركية. لكنني رأيتُ فيه أيضاً مُشغِّلاً كان فعالاً في تنفيذ -أو خنق- السياسة، في المدى القصير على الأقل”.
كما أن لبولتون سجلا لا يمكن إنكاره في كراهية الإسلام أيضاً. فهو يرأس “معهداً” قال قبل أيام قليلة فقط إن بريطانيا العظمى أصبحت “مستعمرة إسلامية”، بسبب إخفاقاتها المزعومة في شن حملة ضد الشريعة الإسلامية، وقالت إن الأحياء الأميركية التي تقطنها أغلبيات مسلمة في المدن الكبرى هي أماكن مغلقة أمام غير المسلمين.
ينتقد مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية بدوره تعيين “كاره سيئ السمعة للإسلام، والذي له تاريخ من العلاقات مع المتطرفين المناهضين للمسلمين ومنظماتهم”.
وقال نهاد عوض، المدير التنفيذي في مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية: “إننا نحث الأميركيين عبر كامل الطيف السياسي على الوقوف والتحدث ضد تعيين جون بولتون مستشاراً للأمن القومي في البيت الأبيض، بسبب علاقاته مع المتعصبين المعادين للمسلمين، وترويجه لوجهات نظر متطرفة ستضر بأمتنا حتماً، ويمكن أن تؤدي إلى نزاعات دولية غير ضرورية وتأتي بنتائج عكسية. إن بولتون هو الشخص الأخير الذي يجب أن يعهد إليه بهذا المنصب المهم للغاية، الذي يتطلب حكماً سليماً ونهجاً يستند إلى الحقيقة فيما يتعلق بمسائل الأمن القومي”.
لطالما ارتبط بولتون بالمتطرفَين المناهضَين للمسلمين، روبرت سبنسر وباميلا غيلر. وقد تم تصويره وهو يمرح مع غيلر مؤخراً.
وفي الملف الخاص ببولتون على موقع “رايتويب” Rightweb، تظهر سيرته الذاتية على النحو الآتي:
“جون بولتون هو زميل رفيع في معهد “أميركان إنتربرايز” التابع للمحافظين الجدد، ورئيس مجلس إدارة “معهد جاتسون”، وهو مجموعة نشاط يمينية “مؤيدة لإسرائيل”، والمعهد متهَم بإثارة المشاعر المعادية للمسلمين. وهو عضو قديم في مجال الأمن القومي، وعضو سابق في مجلس إدارة “مشروع القرن الأميركي الجديد” ومستشار سابق للمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي. وهو مساهم دائم في برامج “فوكس نيوز”، وصحف وول ستريت جورنال، والواشنطن تايمز، وويكلي ستاندرد، وغيرها من وسائل الإعلام اليمينية…”.
وثمة المزيد عن مناصرته لإسرائيل في “رايتويب” أيضاً:
“ورد ذكر بولتون في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” في نيسان (أبريل) 2015، والذي بحث في الأسباب التي تجعل الجمهوريين “أكثر تأييداً لإسرائيل الآن من أي وقت مضى”. وقد ربط المقال هذه المشاعر بكونها “تأتي جزئياً نتيجة للأيديولوجيا، وإنما أيضاً نتيجة لطفرة في التبرعات وتمويل الحملات لصالحهم، والتي تقدمها مجموعة صغيرة من المانحين الأثرياء”. وكشفت هذه المقالة كيف يتم تمويل منظمة بولتون، PAC، جزئياً من “المانحين الرئيسيين الموالين لإسرائيل “مثل إيرفينغ موسكوفيتز، وكيف أنها “أنفقت ما لا يقل عن 825.000 دولار “لدعم مسعى توم كوتون (جمهوري عن ألاباما) الناجح لعضوية مجلس الشيوخ في العام 2014…”.
“وفي مقالة افتتاحية له في صحيفة نيويورك تايمز في آذار (مارس) 2015، والتي نشرت مباشرة قبيل توصل إيران ومجموعة (5+1) إلى اتفاق إطار سياسي حول برنامج إيران النووي، دعا بولتون صراحة إلى توجيه ضربات عسكرية ضد إيران. وتحت عنوان “لوقف القنبلة الإيرانية، اقصفوا إيران”، زعم مقال بولتون أن “نهج الرئيس أوباما تجاه إيران جلب وضعاً سيئاً أصلاً إلى حافة الكارثة…”.
كما “انتقد بولتون إدارة أوباما بشدة لسعيها إلى حل يقوم على مبدأ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبدلاً من ذلك، ردد بولتون حجج بعض القوميين الإسرائيليين القائلة بأنه يجب التنازل عن الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة -والتي وصفها بأنها “قطع وشذرات من الإمبراطورية العثمانية المنهارة”- والتي “بلا تاريخ محدد، ولا هوية وطنية أو ترابط اقتصادي”، وتسليمها إلى الأردن ومصر على التوالي بدلاً من ضمها في منطقة فلسطينية مستقلة”.
وقبل غزو العراق في العام 2003، التقى بولتون برئيس وزراء إسرائيل عندما كان وكيلاً لوزارة الخارجية في عهد إدارة بوش، كما يقول موقع “رايتويب”، الذي يضيف:
“قبل شهرين من غزو العراق، التقى بولتون برئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون لمناقشة استراتيجيات “منع انتشار أسلحة الدمار الشامل”، مع التركيز على أهداف إدارة بوش المتعلقة بنزع السلاح في أعقاب الغزو المزمع للعراق. وبعد وقت قصير من الزيارة، قال بولتون إنه بمجرد اكتمال تغيير النظام في العراق، “سيكون من الضروري التعامل مع التهديدات القادمة من سورية وإيران وكوريا الشمالية”.
ثم أصبح بولتون لاحقاً أحد أكثر السفراء في الأمم المتحدة قسوة على الإطلاق. ومع ذلك، منحته نيكي هالي ترشيحاً في مقابل المال. ومرة أخرى، دعونا نلاحظ اتصالاته مع إسرائيل:
“خلال جلسات تأكيد تعيينه الأولى، تعرض سجل بولتون بصفته وكيل وزارة الخارجية لانتقادات حادة، خاصة فيما يتعلق بصلاته مع إسرائيل. ووفقاً لمجلة “فوروارد” ومصادر إخبارية أخرى، فقد التقى بولتون بمسؤولي وكالة الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” من دون أن يسعى أولاً إلى الحصول على “تصريح البلد” اللازم لمثل هذه الحالات من وزارة الخارجية”.
وكتب دونالد جونسون أن تنصيب بولتون يجب أن ينهي أي أوهام حول كون ترامب دمية بيد فلاديمير بوتين، ولو أن جونسون يشير إلى أن المحافظين الجدد لا يشعرون بالتفاؤل إزاء قدرة ترامب على بيع الحرب مع فريق متطرف من هذا القبيل. وقال جونسون:
“لطالما بدا زعم الليبراليين بأن ترامب دمية بيد بوتين دائماً غير متوازن بالنسبة لي، خاصة عندما تنظُرُ إلى من يمارس تأثيراً عليه، وكيف يؤثر ذلك على ما قد يسميه المرء بشكل فضفاض، سياساته. من الواضح أنه يتعاون مع السعوديين واليمين الإسرائيلي المتطرف العنصري، لكن هذا النوع من الديمقراطيين لا يريدون أن يقولوا ذلك لأنك تستطيع قول الشيء نفسه عن الكثير منهم. وعلى سبيل المثال، نال قرار ترامب الأحمق بخصوص القدس بعض التصفيق من بعض الديمقراطيين. ولم يكن بوتين هو الذي أجبر معظم الجمهوريين وبعض الديمقراطيين على مواصلة دعمهم للجرائم التي ترتكبها بعض الأنظمة العربية المتشددة ضد الإنسانية، ولم يكن يلوي ذراع أوباما وراء في 2015-2016. ويتلاءم ولع ترامب الفالت من عقاله بمسألة إيران بطريقة مثالية مع ميول حشد مثيري الحروب الذي يهيمن على معظم الحزب الجمهوري وبعض الديمقراطيين”.
“أما بالنسبة لبولتون، فإن الادعاءات التي تلقي بظلال من الشك على عدائه لروسيا تبدو غير مقنعة. وهو ما كتبته صحيفة “ذا ويكلي ستاندرد” تحت عنوان “بولتون: الصقر في الموضوع الروسي”. وترى الصحيفة أن بولتون قد يخفف من نبرته في موضوع روسيا إذا اعتقد أن ذلك سيجعل رئيسه سعيداً. أو ربما ينال الليبراليون الذين يريدون من ترامب أن يصبح أكثر صرامة رغبتهم”.
يبدو ما يجري الآن أشبه بالمجيء الثاني لولاية “دوبيا” (جورج دبليو بوش) الأولى. وأعتقد أن السبب وراء الكراهية التي يواجهها ترامب من الناس الذين يحبون خطابه المحرض على الحرب هو ببساطة أنهم لا يثقون بأنه سيتمكن حتى من الوصول إلى مستويات بوش من الكفاءة بهذا الخصوص. إنهم يريدون قيصراً، بينما لديهم كاليجولا -أو ربما حتى حصان كاليجولا. وإذا كنت تريد أن تبيع سياسة التدخل الخارجي بلا نهاية بشكل جيد مع معظم الأميركيين، فإن عليك -كما جرت عادة الأمور- أن تلعب دور البطل المتواضع الذي اضطر على مضض للجوء إلى العنف، حتى لو كان الأمر سيئاً كله. ولطالما كان التظاهر بالفضيلة في هذا الشأن ضرورياً. ولكن، مع موافقة ترامب على التعذيب وتعيينه جلادة مارست التعذيب وقول شيء عنصري أو متعصب أو صبياني بشكل لا يصدق عند كل مرة يرسل فيها تغريدة تقريباً، فإن المزاعم بحسن النوايا تصبح صعبة البيع، إلا بالنسبة لأولئك الذين ما يزالون يحبون ترامب”.

فيليب وبس

الغد