سنجار والاهداف التركية

سنجار والاهداف التركية

بدأت ملامح السياسة التركية في العراق وسوريا تأخذ أبعادا استراتيجية مهمة تمثل الرؤية الميدانية والمستقبلية لطبيعة التعامل التركي مع القضايا الاقليمية في منطقتنا العربية ومنطقة الشرق الاوسط وأصبحت المؤسسات العسكرية والامنية التركية أكثر بعدا في ايصال رسائلها الى حلفائها وأعدائها في المنطقة بما يخدم مصالحها ومستقبل أمنها الوطني والقومي وتوضيح السبل والطرق والوسائل والاساليب التي تتبعها في تحقيق أهدافها الميدانية وما تصبو اليه من أهداف تعبوية واستراتيجية .
ان الاحداث في سوريا أخذت أبعادا جديدة خاصة بعد التدخل التركي الذي أدى الى سيطرة القوات العسكرية التركية على منطقة (عفرين) بالتعاون مع مقاتلي الجيش الحر السوري وأصبحت هذه المنطقة مسيطرا عليها بعد مواجهات مستمرة مع عناصر ومقاتلي قوات الوحدات الكردية ومسمياتها الاخرى ،وهي سياسة اتبعتها الحكومة التركية في تعاملها مع الحدث السوري بما يخدم مصالحها بعد أن ايقنت حقيقة المشروع الامريكي الذي يسعى الى ايجاد مساحة ميدانية لتواجد القوى والاحزاب الكردية المتعاونة مع الولايات المتحدة الامريكية وتتلقى الدعم العسكري والمالي منها وتحديدا (قوات سوريا الديمقراطية ) التي بدأت تتقدم بشكل سريع وتتخذ لها أماكن ومواقع استراتيجية في الشمال السوري في محاولة منها لتحقيق أهدافها في ايجاد اقليم كردي سوري على غرار اقليم كردستان العراق بالقرب من الحدود التركية-السورية المشتركة وهو ما يتعارض والسياسة التركية في المنطقة ويهدد مصالحها ونظرتها الميدانية في الحفاظ على أمنها الوطني والقومي ومواجهتها للقوى والاحزاب الكردية التي تتخذ من الاراضي السورية منطلقا لها للقيام بهجمات عسكرية ضد القوات والاجهزة الامنية التركية في جنوب شرقي تركيا وداخل المدن الرئيسة المهمة وتحديدا (حزب العمال التركي والمسميات العاملة معه ) .
هذا الامر انعكس بصورة واضحة على المشهد السياسي العراقي وبعد اعلان الحكومة العراقية تمكنها من مواجهة الارهاب داخل العراق وطرد مقاتلي داعش وقياداته من مراكز المحافظات والمدن التي سيطرت عليها طيلة السنوات الثلاث الماضية وعودتها لسيطرة ونفوذ القوات العسكرية والامنية العراقية .
فجاء الرد التركي باستكمال العمليات العسكرية للقوات التركية داخل العمق العراقي ومتابعة حركة عناصر حزب العمال ووجودها في قضاء سنجار الواقع شمال محافظة نينوى والذي أصبح ملاذا أمنا لمقرات حزب العمال ومقاتليه التي استغلت الظروف التي أحاطت بهذه المنطقة الاستراتيجية في أثناء المعارك التي جرت مع الارهاب والقوات العراقية ومقاتلي القوات الكردية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق .
بدأت عناصر حزب العمال التركي باستكمال أهدافها في السيطرة الميدانية على مركز قضاء سنجار والقرى المحيطة به بعد انسحاب القوات العسكرية الكردية التابعة لإقليم كردستان العراق بعد الاحداث التي تلت السيطرة على محافظة كركوك في 16 تشرين الاول 2017 وبالتعاون مع الحشد اليزيدي التابع لقيادات الحشد الشعبي والمرتبط مباشرة بقيادة أبو مهدي المهندس ، وكانت هذه التطورات محل أهتمام ومتابعة الاجهزة الامنية والاستخباراتية التركية وترى فيها تهديدا مباشرة لسياستها الامنية في المنطقة وترى انها أصبحت تشكل عمقا استراتيجيا لقوى كردية تركية تعادي السياسة التركية وتعمل على التعامل مع وجودها في قضاء سنجار بما يقوض الوضع الامني التركي على الحدود والعمل على تنفيذ عمليات عسكرية داخل الاراضي التركية تهدد أمن وسلامة المؤسسات التركية بكل صنوفها بعد أن عملت هذه القوى الكردية التركية وتحديدا (حزب العمال التركي) على ايجاد معسكرات تدريبة وقتالية لعناصرها في محيط قضاء سنجار .
من هنا أصبحت ملامح السياسية التركية في شمال العراق تحددها الاهداف التالية :
1.استمرار النهج التركي في متابعة حركة عناصر حزب العمال التركي ووجودهم والتصدي لهم وايقاع الخسائر بهم ومنعهم من القيام بعمليات تستهدف زعزعة الامن القومي والوطني التركي .
2.السعي لايجاد سياسة واقعية في منطقة الشرق الاوسط وتحديدا في العراق وسوريا تكون للادارة التركية دورها الميداني في الصراع السياسي والعسكري القائم في هذين البلدين بما يخدم مصالحها وأهدافها .
3.بناء منظومة أمنية مشتركة من جميع الدول الاقليمية والغربية تحدد نظامها الهدف المشترك لهذه الدول والجهات المسؤولة عن طبيعة الصراع الدائر حاليا في سوريا وبالقرب من الحدود السورية -التركية-العراقية المشتركة .
4.ايصال رسائل سياسية واضحة للحكومة العراقية بالعمل على اخراج حزب العمال التركي من داخل الاراضي العراقية واتباع الطرائق الكفيلة التي تؤدي لتحقيق هذا الهدف والا فان الحكومة التركية ماضية في سياستها بملاحقة مقاتلي حزب العمال التركي وان كانوا داخل العراق والقيام بعمليات عسكرية ضدهم .
5.تحديد الشريط الحدودي المشترك بين سوريا وتركيا وامتداداته للعراق واعتباره منطقة عازلة بيد القوات التركية لمنع عناصر حزب العمال من القيام بهجمات وفعاليات قتالية تهدد أمن الاراضي التركية وسلامتها واجراءات الاجهزة الامنية والاستخباراتية التركية .
6.تحاول السلطات التركية بسط نفوذها العسكري والامني في عدة مناطق تعدها تشكل حالة توتر بالنسبة لسياستها في شمال العراق وبالتالي فهي تسعى لمعرفة حقيقة الرد العراقي ومدى جدية الحكومة العراقية في التعامل مع حزب العمال .

 

وحدة الدراسات العراقية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية