ضمن توجيهات ورعاية الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي لجميع الوزارات ومؤسسات الدولة من اجل النهوض بالواقع الاقتصادي وتقلل معدلات الفقر في البلاد، وتوفير فرص عمل للشباب، والعمل لإنشاء القرى الرائدة في الريف العراقي.
تسعى وزارة التخطيط العراقية منذ تولى قيادتها سلمان الجميلي للنهوض بالواقع الاقتصادي بمساهمة الأطراف الفاعلة في عملية التنمية واعادة الاعمار وتشغيل اليد العاملة، وزيادة الايرادات غير النفطية.
ولتحقيق النهوض والتنمية المستدامة تبنت الوزارة خطة التنمية الوطنية 2018-2022 التي وضعها وزير التخطيط سلمان الجميلي ، واقرها مجلس الوزراء؛ للانطلاق الاوسع في اطار رحلة التنمية المستدامة وفقا لرؤية العراق لعام 2030، التي تشدد على الشراكة الفاعلة بين شركاء التنمية: ( القطاع الخاص والمجتمع المدني والاكاديميين، والجهات الدولية ).
وتعني التنمية المستدامة رؤية جديدة للبحث عن بناءات اجتماعية، ونشاطات اقتصادية، وأنماط إنتاجية، واستهلاكية، وتقنيات تعمل على استدامة البيئة، وضمان حياة ملائمة للأجيال القادمة، ضمن خطة العراق للعام 2030 ، لاستكمال مسيرة الأهداف الإنمائية للألفية، وإنجاز ما لم يتحقق في إطارها، وهي خطة طموحة شاملة من حيث النطاق والأهمية، وتضم أهدافاً وغايات وطنية ، وهي متكاملة غير قابلة للتجزئة، وتحقق التوازن بين أبعاد التنمية المستدامة ، وتقوم على إحداث تحول خالٍ من الفقر والجوع والمرض والعوز، بعالم يسود أرجاءه كافة احترامُ حقوق الإنسان، وكرامته، وسيادة القانون، والعدالة، وعدم التمييز؛ وانطلاقاً من أهمية التخطيط في بناء المجتمعات، ووضع حلول واقعية للتحديات؛
ويشدد الجميلي أن العراق يواجه عوائق وتحديات عدة والخطوات بطيئة في تنفيذ متطلبات التنمية المستدامة، وان الوضع الاقتصادية المتدني بحاجة الى رؤية استراتيجية متكاملة تتناول الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ويسهم فيه بفاعلية القطاع الخاص والمجتمع المدني والأكاديميين و ممثلو الوزارات والهيئات الحكومية ذات العلاقة.
ويوضح الجميلي ان الخطة تمهد لبناء دولة المستقبل من خلال معالجة التحديات وتحقيق الأهداف المحددة في رؤية 2030 ، التي تعتمد بالأساس على رأس المال البشري والاجتماعي واقتصاد الناس وتقديم الخدمات باقل الكلف واتاحة فرص جديدة للنمو ولاسيما مع استمرار الدعم الدولي والاقليمي للعراق .
ويؤكد الجميلي انه بُذلت جهود كبيرة وجبارة من قبل فريق الخبراء والمعنيين بأعداد خطة التنمية الخمسية 2018-2022 منذ بدء العمل على اعدادها عام 2016، وتمكن الفريق من وضع خطة تنموية مستجيبة للتحديات وفيها من المرونة ما يجعلها ممكنة التطبيق.
ويشير الى الاستفادة من التجربتين السابقتين المتمثلتين بالخطتين التنمويتين 2010-2014 و٢٠١٣-٢٠١٧ اللتين واجهتا مصاعب وتحديات كبيرة جدا ، مؤكدا ان هذه الخطة اقرب إلى خطة سياسات من كونها خطة برامج .
ويبين الجميلي ان العراق اعتمد بعد تخلصه من الارهاب على فلسفة البناء التنموي المستدام و خلق شراكات متينة مع القطاع الخاص الوطني، والاستفادة من الدعم الدولي ، اقتصاديا وسياسيا ، مع توافر الارادة السياسية الوطنية الموحدة التي من شأنها توفير بيئة اكثر استقرارا لتنفيذ السياسات التنموية التي تتيح تفعيل البدائل الاقتصادية الناجعة وصولا إلى اقتصاد وطني متعدد وليس احادي الجانب .
ومن اولويات الخطة
• النهوض بالواقع الاقتصادي المتدني والبنى المجتمعية وتفعيل الدور الحكومي والمؤسسي، وتشجيع دور القطاع الخاص المحلي في الاستثمار ، بهدف تجاوز قيد التمويل وتوفير بيئة اعمال مناسبة ومحفزة لممارسة الانشطة الاقتصادية المختلفة .
وفي هذا السياق التقى الجميلي ممثلي القطاع الخاص العراقي وبحث معهم سبل توسيع مشاركته في المسيرة التنموية في ضوء خطة التنمية المقبلة والانفتاح الاقتصادي للعراق وعمليات اعادة الاعمار، كون القطاع الخاص يملك الامكانات والمؤهلات التي تعزز مشاركته الفاعلة مع القطاع العام من خلال تتفيد المشاريع الاستثمارية .
ويؤكد الجميلي ان هناك الكثير من المشاريع الاستثمارية التي كانت قيد التنفيذ عند بداية الازمة المالية عام ٢٠١٤ واتخذت الحكومة سلسلة من الاجراءات لمعالجة هذه الاكمال تنفيذها من خلال تحديد الاولويات وعرضها كفرص استثمارية .
ويشير الى التنمية في العراق واجهت تحديات في السنوات الماضية اثرت سلبا على الخطط التنموية ولاسيما خطة التنمية ٢٠١٣-٢٠١٧ بسبب عدم الاستقرار السياسي والامني والفساد وتحديات بيئية .
ويشدد الجميلي على ان تكون خطة التنمية الجديدة ٢٠١٨-٢٠٢٢ خطة ملزمة التنفيذ من قبل جميع الجهات ذات العلاقة ، مشيرا الى ان الوزارة تعوّل كثيرا على دور الحكومات المحلية في التنمية.
• اعتمدت خطة التنمية الوطنية 2018-2022 على تحليل الواقع ورسم مسارات محددة معتمدة على اربعة محاور: (ارساء اسس الحوكمة وما يرتبط بها من ركائز ومقومات ، القطاع الخاص وتطوير بيئة الاعمال والاستثمار ، اعمار المحافظات ، التخفيف من حدة الفقر متعدد الابعاد في جميع المحافظات) .
• اتخذت الخطة منهجية الادارة بالنتائج مسارا لبنائها باطار واقعي يتناغم مع المعلومات المتاحة حول الواقع الحالي ومراجعة ما تحقق في الخطة السابقة .
• اعتمدت الخطة شعارا لها هو ارساء اسس دولة تنموية فاعلة ذات مسؤولية اجتماعية او (خيارات ما بعد التعافي) دولة تتبنى وتمارس ادوارا تنموية موجهة ومنفذة في رسم السياسات ويكون القطاع الخاص شريكا فاعلا في تحديد وتنفيذ الاولويات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بأساليب شراكة متنوعة من خلال بيئة تمكينية جاذبة لرؤوس الاموال والخبرات وعلى وفق مبدأ الكفاءة والمنافسة الحقيقية في ظل حوكمة رشيدة وبما يهيئ لاعتماد نظام اقتصاد السوق الاجتماعي منهجا للادارة الاقتصادية .
• حرصت الخطة على تقليص التباين المكاني بين المحافظات ، وتحسين ادارة الاصول ، معتمدة على فلسفة النموذج التنموي من خلال اعطاء الاولوية للقطاعات ذات العمالة الكثيفة بهدف تقليص البطالة وتحقيق نسب نمو عالية.
• ركزت الخطة على معالجة المشاكل والمعوقات التي تمثلت بتحديات مؤسساتية واقتصادية واجتماعية و بيئية ، من خلال الاهداف الاستراتيجية والمبادئ التي تبنتها ، من بينها ارساء اسس الحوكمة الرشيدة وتحقيق الاصلاح الاقتصادي المالي والنقدي والمصرفي والتجاري والعمل على تعافي المجتمعات المتضررة بسبب ازمة النزوح وفقدان الامن الانساني، فضلا عن توفير متطلبات بيئة تمكينيه للاستثمار بجميع اشكاله .
• تستهدف الخطة تحقيق معدل نمو في الاقتصاد العراقي بحدود 7% من خلال رفع الناتج المحلي الاجمالي إلى (292.5) ترليون دينار في عام 2022 بعد ان كان 182.2 ترليون دينار عام 2015 ، وستبلغ الايرادات المتوقعة خلال سني الخطة نحو 440 ترليون دينار منها 370.2 ترليون دينار من الايرادات النفطية ونحو 70 ترليون دينار من غير النفطية ، فيما سيصل حجم الانتاج النفطي عام 2022 إلى حوالي 5 ملايين برميل يوميا وبمعدل تصدير يصل إلى 4 ملايين برميل يوميا .
الاستثمارات في الخطة
– ستكون الاستثمارات المطلوبة خلال سنوات الخطة الخمسة فستكون (220.6) تريليون دينار منها (132) تريليون استثمارات حكومية تصل نسبتها إلى 60% من الاستثمارات الكلية وهناك (88.6) تريليون دينار تكون من القطاع الخاص وبنسبة 60% من مجموع الاستثمارات الكلية ،
– توزيع الاستثمارات في مجالات التعدين والبناء والتشييد والمال والتأمين والنفط والكهرباء والماء والتجارة والزراعة والصناعة التحويلية والنقل والاتصالات ، ومن المتوقع ان يصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي حوالي 7 ملايين دينار عند نهاية عمر الخطة عام 2022 .
• وضعت الخطة اهدافا وتوجهات رئيسة للسياسات الاقتصادية الكلية في مجال السياسة المالية والنقدية والتجارية ، وكذلك في قطاع الطاقة و الصناعات التحويلية ، ففي مجال قطاع الكهرباء فان الخطة تهدف إلى زيادة الطاقة الانتاجية في المنظومة الكهربائية إلى نحو 21 الف ميغا واط وزيادة حصة الفرد من الطاقة للوصول إلى (4041) كيلو واط / ساعة والعمل على ترشيد استهلاك الطاقة . للاستخدامات المختلفة وخفضها بمعدل 7% وتعزيز دور القطاع الخاص في ادارة قطاعي الانتاج والتوزيع.
• وفي مجال الصناعات التحويلية والاستخراجية عدا النفط فان الخطة تعمل على زيادة نسبة المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي بالأسعار الثابتة للصناعات التحويلية والاستخراجية غير النفطية إلى 1.17% في سنة 2022، والعمل على ايجاد مصادر اخرى لتمويل مشاريع القطاع العام واقتصار تمويل الموازنة الاستثمارية للمشاريع الاستراتيجية فقط ، فضلا عن دعم الصناعات البتروكيمياوية والاسمدة والصناعات التي تعتمد على الخامات المعدنية والاستفادة من وفرة المواد الاولوية لهذه الصناعات .
– وتعمل الخطة في مجال الزراعة والموارد المائية ، على زيادة نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي إلى 5.2% وتحقيق نمو في هذا القطاع يصل إلى 8.4% ، وتأمين الطلب السنوي على المياه للاستخدامات المستدامة في المجالات الزراعية والصناعية والبلدية وبما يحقق التوازن المائي مع امكانية خفض الطلب السنوي على المياه بمقدار 500 مليون متر مكعب سنويا .
– وتسعى الخطة لتحقيق اهداف منطقية في قطاع النقل والاتصالات والخزن والماء والصرف الصحي وقطاع المباني والخدمات، وسيجري العمل في هذا المجال العمل على انجاز المشاريع السكنية قيد التنفيذ او المتوقفة وبضمنها الاستثمارية والتي تقدر بحوالي 700 الف وحدة سكنية في المحافظات كافة عدا اقليم كردستان .
– تأمين 100 الف وحدة سكنية على وفق الطرق والتقنيات الحديثة وانشاء 100 الف وحدة سكنية اخرى مناسبة لمتطلبات تأمين عودة النازحين والعشوائيات والمتجاوزين ، وتوفير 50% من التمويل العقاري من استثمارات القطاع الخاص اللازم لتغطية العجز السكني .
– تعمل الخطة على تحقيق اهدافها في قطاع الثقافة والاثار والسكان والقوى العاملة والتنمية البشرية والاجتماعية والصحة والشباب والمرأة والتنمية الاجتماعية .
وتعد الخطة محصلة لعمل وطني تتضافر و تتكامل فيه جهود و مدخلات جميع الوزارات و الجهات المعنية في الدولة وهي البوصلة التنموية التي تسترشد بها القطاعات الاقتصادية و الاجتماعية، وجاءت فكرة إعداد خطة تنمية وطنية متوسطة المدى بسبب الإخفاقات والمشاكل التي واجهت إعداد البرامج الاستثمارية السنوية وخاصة صعوبة وضع رؤى تنموية شاملة متوسطة وبعيدة المدى، وتحديد أولويات المشاريع وتكاملها على أساس المنهج السنوي للتنمية.
وطمأن الجميلي الشعب العراقي بان الوضع الاقتصادي للبلد في تحسن كون تخصيص الايرادات سيرفد الموازنة التي تتبنى الاعمار والتنمية بعد تحرير الارض العراقية بالكامل من دنس الارهاب.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات والاستراتيجية