اللبنانيون ينتخبون اليوم بهدف تقليص نفوذ حزب الله

اللبنانيون ينتخبون اليوم بهدف تقليص نفوذ حزب الله

بيروت – يختار اللبنانيون اليوم ممثليهم في البرلمان للمرة الأولى منذ نحو عشر سنوات شهدت انقسامات سياسية حادة ناتجة عن تدخل حزب الله في سوريا وانقسام المشهد السياسي اللبناني بين داعم له ومعارض لتوريط لبنان في حرب لا يربح منها شيئا، وعلى العكس يمكن أن تجلب له الكثير من المتاعب بدءا بتسلل مقاتلين متشددين إلى أراضيه، وصولا إلى الملايين من اللاجئين الذين يزاحمون مواطنيه على كل شيء.

وعكست الحملات الانتخابية رغبة، وإن كانت محدودة، في معاقبة حزب الله على المشاركة في الحرب السورية وتداعيات نتائجها على لبنان، خاصة أن هذه المشاركة اختطفت الاهتمام السياسي والإعلامي وهمشت قضايا حقيقية تؤرق اللبنانيين، وعلى رأسها أزمة النفايات.

وبالرغم من أن الانتخابات ستجري وفق قانون جديد يقوم على النظام النسبي، يتوقع أن يبقي هذا النظام على القوى السياسية التقليدية تحت قبة البرلمان مع تغيير محدود على الأرجح في ميزان القوى لصالح التحالفات الجديدة التي تشكلت لمواجهة حزب الله الذي باتت تصريحات قياداته مرتبطة بسوريا وإيران، بشكل يمكن أن يوصف من خلاله بأنه حزب غير لبناني.

ويشير محللون إلى أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لم يلتف للبنان وقضاياه سوى خلال الحملات الانتخابية الأخيرة خوفا من خسارة مواقع الحزب ونفوذه، ما قد يرسل إشارات قوية إلى الخارج بأنه لم يعد قادرا على أن يكون ورقة قوية بيد إيران تستطيع من خلالها أن تقايض دورها الإقليمي وتفرض تسويات معها.

ويقول هؤلاء المحللون إن سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل، رئيس الحكومة الحالي، يحاول من خلال التحالفات التي بناها أن يقلص من نفوذ حزب الله وحلفائه، ولو بشكل محدود، في رسالة هادفة إلى تأكيد أن اللبنانيين يدعمون فعليا سياسة النأي بالنفس عن النزاعات الإقليمية وعن سياسة المحاور في المنطقة، وأن حزب الله يحتاج إلى أن يراجع علاقاته الخارجية لتجنيب لبنان الضربات الإسرائيلية من جهة، ومن جهة أخرى خلق مناخ إيجابي لتصويب علاقات لبنان العربية والدولية ما يسمح بتدفق الدعم المالي والاستثمارات والسياح لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي.

ويقوم حزب الله بحملة دعاية انتخابية شرسة مما يعكس تشككا إزاء النتائج التي سيأتي بها القانون الجديد والذي يعرض مقاعد كانت آمنة ذات يوم للخطر. وحث الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أنصاره مرارا وتكرارا على المشاركة بقوة في عملية التصويت.

ويجري التصويت لاختيار البرلمان المؤلف من 128 مقعدا وفقا لقانون جديد معقد يرتكز على النسبية، أعاد رسم الدوائر الانتخابية وحل محل القانون القديم الذي يحسم فيه النتيجة من يفوز بأغلبية بسيطة. وتتوزع المقاعد في البرلمان بين مجموعات طائفية وفقا لنظام تقاسم السلطة.

وعلى الرغم من التوقعات بأن يخسر الحريري بعضا من مقاعده النيابية البالغة 33 التي فاز بها عام 2009 فإن محللين يعتقدون أنه سيخرج بأكبر كتلة سنية. لكن وضعه باعتباره السني المهيمن في لبنان قد يواجه تحديا في ظل ترشح شخصيات سنية حليفة لحزب الله ورجال أعمال أثرياء كمستقلين.

ويعتبر غرب بيروت واحدا من ساحات المنافسة السنية الرئيسية فهو معقل قديم للحريري. وفي كلمة ألقاها، الخميس، قال الحريري إن القوائم التي تتألف كل منها من ثمانية مرشحين وتنافس تيار المستقبل هناك تصل إلى حد كونها مؤامرة من حزب الله.

ويقول الحريري إنه ينبغي تشكيل الحكومة المقبلة بسرعة للمضي قدما في الإصلاحات الاقتصادية التي طالبت بها الدول والمؤسسات المانحة للإفراج عن مليارات الدولارات التي تعهدت بها في أبريل لدعم الاقتصاد المتعثر.

ويتوجب على لبنان أن يعالج على وجه السرعة واحدا من أعلى مستويات الدين العام في العالم والذي بلغ أكثر من 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي محاولة لكسر الاستقطاب التقليدي، أنشأت مجموعات وشخصيات عدة من المجتمع المدني تحالف “كلنا وطني”، الذي يشارك في المعركة بـ66 مرشحا ومرشحة في تسع دوائر انتخابية. ويقدم نفسه على اعتبار أنه “الخيار البديل وبداية لتحقيق حلم التغيير”.

وتقول الإعلامية بولا يعقوبيان، إحدى المرشحات عن تحالف كلنا وطني في بيروت، “هناك فريق فاسد جدا، وفي المقابل هناك تيار من الشجعان الذين يحاولون أن يقولوا لهم: لسنا راضين”.

ولكن التحديات تبدو كبيرة جدا للحصول على الأصوات. وأوردت إحدى شركات الاستطلاع أن الزيادة في نسبة المشاركة لن تتخطى واحدا في المئة مقارنة مع العام 2009 (أكثر من 50 في المئة).

العرب