ماذا يفعل وزير دفاع الأسد في طهران

ماذا يفعل وزير دفاع الأسد في طهران

ليس بالسلاح وحده تشرعن السلطة، ويصبح المغتصب بطلا، ولن تغني الأسلحة ولا الصواريخ عن الحاضنة الشعبية التي تعتبر من أشد الأسلحة فعالية في حكم البلاد وإدارة شؤونها، واحترام المرؤوسين لرئيسهم، إلا أن النظام السوري الذي وصل للسلطة عبر انقلاب عسكري، معتمدا بذلك على الطائفة بهدف ترسيخ أوصال الحكم، ومن ثم الانتقال من الحاضنة الطائفية إلى المشروع المذهبي للحيلولة دون إسقاط نظام الأسدين في البلاد، حيث تكشفت معالم الطائفية التي تسيطر على البلاد بشكل جلي منذُ الأشهر الأولى للثورة السورية.

كما إن ما ذكره الأسد الابن عن المعارضين لنظام حكمه على أنهم فقط مجرد ثلة من “التكفيريين، الإرهابيين” وصولا إلى ما قال “بشار الأسد” عن وجود عشرات الآلاف من الإرهابيين السوريين في البلاد، لتقف مندهشا حول تصريحه، فإن كانوا إرهابيين حقا فلماذا لم يحاربهم قبل أن يتظاهروا ضد آلة القتل التي انتهجتها أفرع النظام الاستخباراتية، وإن لم يكونوا إرهابيين فالأسد الابن مدان بشكل أو بآخر بتحويلهم إلى ذلك، حيث إن السوريين عايشوا أساليب من الموت ربما تعد الأفظع في تاريخ البشرية قاطبة.

ها هو وزير دفاع النظام السوري العماد “فهد جاسم الفريج” في طهران، في زيارة مفاجئة جاءت عقب ترهل النظام السوري بالمطلق في ريف إدلب، وإدلب المدينة، ووصول المعارضة السورية إلى مشارف مسقط رأس الأسدين في القرداحة، زيارة قالت عنها وكالة الأنباء السورية “سانا” إنّ زيارة العماد-الفريج إلى طهران، تهدف إلى استعرض العماد الفريج آخر التطورات الميدانية على الساحة السورية والإنجازات التي يحققها “أبطال الجيش العربي السوري في دحر الإرهاب على امتداد الأراضي السورية“. إذن العماد الفريج حضر إلى طهران لإطلاعهم عن منجزات الجيش السوري النظامي الذي دحرته المعارضة السورية من مسافات شاسعة في إدلب وريفها خلال أيام معدودات، والمؤكد أنّ زيارة الفريج جاءت طلبا للدعم العسكري اللوجيستي، مع اقتراب المعارضة من عرش الأسد ومسقط رأسه في القرداحة.

الموالون لنظام الأسد عطشى جدا، فهم ما عادوا يصدقوا إلا ما تراه أعينهم من انسحابات وإعادة تموضع لقواتهم النظامية، إضافة إلى توابيت تنقل ما يستطيعون إخراجه من قتلاهم الصرعى في ساحات المواجهات، فما أن خرج خبر وصول الفريج إلى طهران، وتوالت عشرات النداءات من المؤيدين للأسد ومن بينهم العشرات من جنده النظاميين والمتطوعين في ميليشيات مسلحة للاستنجاد بطهران وحرسها الثوري للتدخل ومنع سقوط أهم معقل لهم في سوريا “الساحل السوري”.

فيخرج أحدهم عن صمته ويقول نرجو ونرجو من العماد “الفريج” أن لا يدخل طائرته والعودة إلى دمشق إلا بشحنات من صواريخ إس-300 الروسية المتطورة، بينما الأخر يشد أزر الأول قائلا: “نرجو من سيادة العماد الفريج أن يطلب شحنات جديدة من صواريخ أو بطاريات صواريخ “السكود”، فهي الوحيدة لإبادة أبناء أمية، وإلا سيكون مصيرنا قاب قوسين أو أدنى”.

ولكنّ مؤيدًا آخر كان له حديث معاكس تماما عن الاثنين السابقين، فهو رأى أن الحقيقة بدأت تتجلى، وأن طهران عقدت صفقة من الولايات المتحدة حول برنامجها النووي، وأنه على ما يبدو سنكون نحن “العلويين” وقودا لتلك الصفقة، وأن طهران على ما يبدوا أنها قررت التغريد خارج أسوار دمشق بعيدا عنا، ولكن بعد متى، بعد أن انتهت مصالحهم لدينا، وبتنا نحن الخاسر الأكبر والأوحد.

هذه الصيحات أجبرت وسائل الإعلام السورية الرسمية الخروج عن صمتها، فسارعت إلى نشر ما دار بين وزير الدفاع السوري العماد الفريج ونظيره الإيراني العميد “حسين دهقان” متحدثةً أن قيادتي البلدين عازمتان على مواصلته في مختلف المجالات بما يحقق آمال ومصالح الشعبين والبلدين الصديقين، وبما يخدم المنطقة واستقرارها، مشيرين إلى أنّه لن يسمح لأي طرف كان بالمساس بمحور المقاومة الذي يدافع عن عزة وحقوق شعوب المنطقة، حسب ما أوردته وكالة سانا الرسمية.

وقال مصدر النظام السوري إنّ وزير الدفاع الايراني أكد أنّ بلاده قيادة وحكومة وشعبا مستمرة في دعمها اللا محدود لسورية وعلاقاتها الاستراتيجية معها، ولن تسمح لأحد بالمساس بأمن واستقرار ووحدة الاراضي السورية، مشددا على دعم بلاده لجهود الحكومة السورية في محاربة الإرهاب وإجراء الحوار الوطني السوري السوري بعيدا عن كل التدخلات الأجنبية”، لتبقى سياسة التخدير هي السائدة والمسيطرة على الموالين للأسد بانتظار غدٍ لن يكون مشرقا كاليوم على أقل تقدير، في حال استمرارهم في مواجهة الشعب مقابل عائلة، والتي من الأكيد هي مقايضة إن لم تكن خاسرة فهي بالتأكيد غير مربحة.

كما إن الأسد الابن لم يتراجع عن خطابه الطائفي حول ما يصفه بمواجهة الإرهابيين الوهابيين في البلاد، رغم آلاف المقاطع التي توثق أن الأسد الابن قتل مئات الآلاف المدنيين دون رحمة، ولم يبقِ في خزينته العسكرية نوعا واحدا من الأسلحة إلا واستخدمها لسحق الثورة السورية التي انتفضت في مطلع عام 2011 ضد حكم الأسد الابن، ولكن مع توالي الأحداث وتكشفها في البلاد بشكل أكبر، ظهرت معالم الطائفية لدى أروقة النظام السوري، فمن يدعي القومية العربية لم يجد لنفسه سندا من أي دولها رغم وجود أكثرين من عشرين دولة عربية، والتجأ في نهاية المطاف إلى المحور الذي جعله في سدة الحكم ليومنا هذا، وهو الهلال الشيعي الذي أنقذ الأسد من سقوطه مرات متتالية، كما أن التوافق الإيراني والأسدي أجبر الأخير على نزع عباءة النضال العربي، والشعارات الرنانة، واستبدالها بحقيقته التي غيبها لعقود من الزمن، والتي جعلت السوريين يشاهدون اللطميات في عقر دار الخلافة الأموية، وفي أعرق المدن السورية تاريخيا واقتصاديا وعلميا.

التقرير