إيران تراهن على مقاومة الأوروبيين للعقوبات الأميركية

إيران تراهن على مقاومة الأوروبيين للعقوبات الأميركية

طهران- أعرب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن أمله في أن تثمر جولته التي بدأت من بكين الأحد، عن التوصل إلى صورة، أكثر وضوحا، عن مستقبل الاتفاق النووي الذي يواجه خطر الانهيار عقب انسحاب واشنطن منه في مستهل حراك دبلوماسي لإنقاذه، فيما يدفع التيار المحافظ داخل إيران إلى الانسحاب من الاتفاق، مقرّا بأن أوروبا أصبحت غير قادرة على مواجهة القرار الأميركي.

وقال ظريف خلال لقاء في بكين مع نظيره الصيني وانغ يي “نأمل خلال هذه الرحلات الحصول على صورة أكثر وضوحا عن مستقبل الاتفاق النووي”، مضيفا أن “طهران مستعدة لجميع الخيارات، إذا كان الاتفاق سيستمر، يجب العمل على ضمان مصالحنا”.

وأشاد ظريف بالشراكة “الاستراتيجية الشاملة” بين الصين وإيران، فيما قال وانغ “آمل وأؤمن بأن تساهم زياراتكم هذه إلى عدة دول في حماية مصالح إيران الوطنية والمشروعة والسلام والاستقرار في المنطقة”.

يرى محللون أن النظام الإيراني لا يمتلك أي ورقة ضغط لمواجهة العقوبات الأميركية التي سيعاد فرضها بموجب الانسحاب من الاتفاق، سوى مواصلة الرهان على استبسال حلفاء واشنطن الأوروبيين في الدفاع عنه، رغم إقرار التيار المحافظ داخل إيران بأن أوروبا عاجزة عن التصدي للعقوبات الأميركية

وكانت الصين بين الدول الست الكبرى إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا التي وقعت على الاتفاق التاريخي الذي تم رفع العقوبات بموجبه مقابل التزام طهران بعدم حيازة أسلحة نووية.

وقبل مغادرته بكين متجها نحو موسكو ومنها إلى بروكسل، أصدر ظريف بيانا عبر تويتر ينتقد “الإدارة المتطرفة” للرئيس ترامب، ونبه إلى أن إيران مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم “على المستوى الصناعي من دون أي قيود” إلا إذا قدمت القوى الأوروبية ضمانات ملموسة لاستمرار العلاقات التجارية رغم إعادة العقوبات الأميركية.

ودافع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قراره بالانسحاب من الاتفاق النووي قائلا السبت، إن “موازنة إيران العسكرية ارتفعت بنسبة 40 بالمئة منذ التوصل إلى الاتفاق النووي الذي تم التفاوض عليه من قبل الرئيس السابق باراك أوباما في مؤشر آخر على أن كل شيء كان كذبة كبيرة”.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني الأحد خلال اجتماع مع رئيس سريلانكا مايثريبالا سيريسينا الذي يزور طهران “إذا التزمت الدول الخمس المتبقية بالاتفاق فإن إيران ستبقى فيه رغم أنف أميركا”.

وأضاف روحاني، أن بلاده ستظل ملتزمة بالاتفاق، الذي وقعت عليه أيضا بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا، إذا ضمنت القوى التي ما زالت تدعم الاتفاق حماية طهران من العقوبات على قطاعات رئيسية مثل قطاع النفط.

وتأتي تصريحات الرئيس الإيراني في وقت تتحرك فيه التيارات المتشددة التي لطالما عارضت خطوات الرئيس روحاني لتحسين العلاقات مع الغرب ضد جهود إنقاذ الاتفاق النووي.

ونقلت وكالة أنباء “فارس” المرتبطة بالمحافظين عن قائد الحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري قوله إن “الأوروبيين أعلنوا مرارا أنه لا يمكنهم الوقوف أمام إجراءات الحظر الأميركية، لقد منحنا الأوروبيين الفرصة ولكن عليهم أن يعطونا الضمانات، لكنني أستبعد أن يفعلوا ذلك”.

وأضاف جعفري “لذا، ينبغي علينا متابعة مسار الاكتفاء الذاتي الوطني والصناعة النووية بالاعتماد على الطاقات الداخلية”. وكان المرشد الإيراني علي خامنئي شكك، الأسبوع الماضي، في إمكانية منح الأوروبيين الضمانات التي تحتاجها إيران للبقاء في الاتفاق النووي، لكن محللين أشاروا إلى أن إيران تبدو عازمة على عدم فقدان ماء الوجه في الأسابيع المقبلة.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأحد، أن واشنطن لا تزال راغبة في العمل مع شركائها الأوروبيين بشكل “وثيق” للتوصل إلى اتفاق جديد لمواجهة “سلوك إيران المؤذي”، بعد انسحاب البيت الأبيض من الاتفاق النووي الحالي.

وصرح بومبيو لتلفزيون فوكس نيوز “آمل أن نستطيع في الأيام والأسابيع المقبلة التوصل إلى اتفاق ناجح فعلا يحمي العالم من سلوك إيران المؤذي ليس فقط بشأن برنامجهم النووي ولكن كذلك بشأن صواريخهم وسلوكهم السيء”، مضيفا “وسأعمل بشكل وثيق مع الأوروبيين لمحاولة تحقيق ذلك”.

ولم يستبعد جون بولتون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، فرض عقوبات أميركية على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران، ما يجعل أوراق الضغط الأوروبية لإنقاذ الاتفاق ومواصلة العمل به دون الولايات المتحدة صعبا.

وقال بولتون”إن فرض عقوبات أميركية على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي محتمل”، مضيفا أن “هذا أمر محتمل، يتوقف على سلوك الحكومات الأخرى”.

وفشلت محاولات أوروبية جرت خلال عامي 2016 و2017 للبحث عن طريقة ما يتم من خلالها فصل الشركات الأوروبية العاملة في إيران عن العقوبات الأميركية، وهو ما دفع طهران إلى الشكوى مرارا خلال الثلاثة أعوام الماضية من رفع معدلات الاستثمار الأجنبي في البلاد، وفقا للاتفاق النووي، لم يترجم على أرض الواقع.

وإلى جانب صادرات إيران النفطية، التي تحاول الولايات المتحدة تقليصها قدر الإمكان وفقا لبرنامج العقوبات الجديد، يبدو ترامب أكثر استعدادا من رؤساء أميركيين سابقين لاستهداف الشركات الأوروبية بإجراءات قاسية. وكان وزير المالية الفرنسي برونو لومير قد صرح الجمعة، أن فرنسا وحلفائها الأوروبيين يعتزمون تقديم مقترحات للمفوضية الأوروبية تهدف إلى تعزيز قدرة أوروبا على الدفاع عن مصالحها الاقتصادية.

وقال لومير للصحافيين في ما يتعلق برد فعل أوروبا على العقوبات الأميركية على إيران “هناك إدراك بين كل الدول الأوروبية بأننا لا نستطيع المواصلة في الاتجاه الذي نسير فيه اليوم والذي نخضع فيه للقرارات الأميركية”

العرب