بغداد – هدّدت ميليشيا عصائب أهل الحق الشيعية العراقية، الجمعة، الولايات المتحدة الأميركية بسبب إدراجها على لائحة المنظمات الإرهابية.
وقالت الميليشيا التي يتزّعمها قيس الخزعلي أحد صقور الموالاة لإيران في بيان إنّ واشنطن ستدفع ثمن ذلك. وكان مجلس النواب الأميركي (الكونغرس) وضع قبل أيام الفصيل المذكور على لائحة الإرهاب تمهيدا لفرض عقوبات عليه.
وشملت القائمة فصيلين عراقيين آخرين هما حركة النجباء وحزب الله العراقي، وينتظر القرار موافقة مجلس الشيوخ قبل أن يصبح قانونا.
وتشبه قضية تلك الفصائل إلى حدّ كبير قضية حزب الله اللبناني المدرج بدوره على لوائح الإرهاب الأميركية. وتشترك تلك الفصائل العراقية مع الحزب اللبناني في الولاء لإيران وخدمة أجنداتها، كما تشترك معه في الاحتفاظ بسلاح مواز لسلاح الدولة، والانخراط في نفس الوقت في السياسة والمشاركة في إدارة الدولة.
ولن يخلو إدراج العصائب والنجباء وحزب الله العراقي على لوائح الإرهاب من حرج للدولة العراقية، إذ أن عناصر من تلك الحركات مرشّحون بقوّة للمشاركة في الحكومة القادمة باعتبارهم فائزين في الانتخابات النيابية التي جرت أخيرا في العراق.
ولا ينفصل الإجراء الأميركي ضدّ تلك الفصائل عن عملية محاصرة أوسع نطاقا تخوضها الولايات المتحدة للنفوذ الإيراني في المنطقة، إذ أنّ الميليشيات الشيعية في العراق وغيرها ليست سوى أذرع لذلك النفوذ وأدوات لتأمينه.
وتشير مختلف الدلائل إلى أنّ العراق سيكون خلال المرحلة القادمة ساحة رئيسية لتنفيذ الاستراتيجية الأميركية لمحاصرة إيران، نظرا للأهمية الكبيرة لهذا البلد موقعا ومقدّرات، ونظرا أيضا لوضوح تأثير طهران على سياساته من خلال أتباعها الأقوياء هناك والذين يمتلكون سلطة القرار والمال والسلاح، من سياسيين وزعماء ميليشيات نافذين.
في العراق كما في لبنان تمثل مشاركة ميليشيات مسلّحة موالية لإيران في السلطة حرجا للحكومة وعبءا على الدولة
وخلال الحرب على تنظيم داعش اكتسبت الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران المزيد من القوة والتنظيم، وأصبحت بفعل مشاركتها في تلك الحرب قوّة سيطرة فعلية على الأرض تؤمّن لإيران خطّا بريا واصلا بين طهران وبيروت على ضفة البحر المتوسّط مرورا بالأراضي السورية والعراقية.
وتبذل الولايات المتحدة جهودا كبيرة لقطع ذلك الخطّ. وأعلن الجمعة عن مشاركة خبراء عسكريين أميركيين في تأمين جزء من الشريط الحدودي بين سوريا والعراق.
وأعلن الناطق باسم قيادة عمليات نينوى العميد محمد الجبوري أن قوة عراقية ومستشارين عسكريين أميركيين تسلموا الشريط الحدودي بين البلدين.
وقال الجبوري إن “قوة من الجيش العراقي من الفرقة 15 والفرقة 9 ومستشارين أميركيين تسلموا الشريط الحدودي بين العراق وسوريا غرب محافظة نينوى”.
وأضاف أن “القوة العراقية والمستشارين الأميركيين دخلوا قرى أم جريص وأم الذيبان وتل صفوك لتأمين الشريط الحدودي الممتد من صحراء قضاء سنجار إلى صحراء قضاء البعاج غرب الموصل”، موضحا أنه من المؤمل أن تنشئ القوة قاعدة عسكرية ثابتة لها على جبل سنجار.
وذكرت عصائب أهل الحقّ في بيانها أن “قرار الكونغرس يعد تدخلا خارجيا سافرا في الشأن العراقي”. وطالبت الحكومة العراقية بأن “تسجل موقفا واضحا وحازما تجاه هذه التدخلات السافرة”.
كما وجّهت دعوة للخارجية العراقية “باتخاذ إجراءاتها بحق السفارة الأميركية في بغداد باعتبارها الممثل الدبلوماسي للدولة صاحبة التدخل”، دون الإشارة إلى طبيعة تلك الإجراءات.
وورد بالبيان أنّ “قرار الكونغرس يتماشى مع سلسلة القرارات الحمقاء التي اشتهرت بها حكومة ترامب”.
وهددت الميليشيا الولايات المتحدة بالقول إنّ “واشنطن ستدفع ثمن هذه السياسات المتعجرفة وأولى نتائجها فقدان الثقة الدولية”. وأشارت أن “توقيت قرار الكونغرس البائس جاء عقب فوز 15 نائبا تابعا للعصائب بالانتخابات النيابية”.
والفصائل الشيعية المدرجة ضمن اللائحة الأميركية الجديدة للإرهاب، على صلة وثيقة بإيران التي تزودها بالأسلحة والتمويل وتتحكم بنشاطها.
كما أن تلك الفصائل جزء من الحشد الشعبي الذي قاتل إلى جانب القوات العراقية ضد تنظيم داعش على مدى ثلاث سنوات، قبل أن تصبح جزءا من القوات المسلحة العراقية بموجب قانون صدر العام الماضي.
ولدى تلك الفصائل مسلحون يقاتلون أيضا إلى جانب النظام السوري ضد مقاتلي المعارضة السورية.
وتواجه تلك الفصائل اتهامات متكررة في العراق بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين السنة والأكراد في المناطق التي جرى استعادتها من تنظيم داعش شمالي وغربي البلاد.
ومن المتوقع أن تلعب الأذرع السياسية لفصائل الحشد الشعبي دورا أساسيا في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة بعد أن حلت في المرتبة الثانية بالانتخابات البرلمانية الأخيرة من خلال تحالفها الذي يحمل اسم “الفتح” ويقوده زعيم ميليشيا بدر هادي العامري برصيد 47 مقعدا، 15 منها لـعصائب أهل الحق وحدها.
العرب