ملاحظات حول الانتخابات البريطانية

ملاحظات حول الانتخابات البريطانية

تشير استطلاعات الرأي إلى أنّ حزب المحافظين الحاكم ربما يتقدم على حزب العمّال المعارض. ولكن، من غير المحتمل أن يحصل أي من الحزبين على الأغلبية البرلمانية. ويستعد القوميون في إسكتلندا إلى فوز ساحق على حزب العمّال (شمال الحدود)، بينما سيحصل حزب الاستقلال المعادي للاتحاد الأوروبي، رغم حملته المضطربة، على الكثير من أصوات المحافظين في إنجلترا.

لا أهتم بمثل هذه التنبؤات. ولكن، أريد أن أذكر بعض الملاحظات:

1- في ظل قوة الانتعاش الاقتصادي، يشير التاريخ السياسي إلى أنّ: “عامل مدة تولي المنصب” سيكون مؤثرًا بالنسبة للمحافظين عندما يذهب الشعب إلى صناديق الاقتراع. وإذا كان كذلك؛ فإنهم قد يتمكنون من الحُكم مرة أخرى مع حزب الديمقراطيين الأحرار.

2- يمتلك حزب العمّال خيارات شراكة أفضل من حزب المحافظين -يمكن أن يحصل الحزب الوطني الإسكتلندي على 50 مقعدًا أو أكثر، في حين يحصل حزب الديمقراطيين الأحرار على 30 مقعدًا لو حالفه الحظ- لذلك؛ يمكنه تشكيل حكومة حتى لو فاز حزب المحافظين بأغلبية المقاعد.

3- اتجاه حزب المحافظين بأن هذا من شأنه أن يسفر عن حكومة من حزب العمال مجبرة على الاستجابة لمطالب اليساريين الانفصاليين في إسكتلندا، هو أمر مشكوك فيه. الشيء الوحيد الذي من شأنه أن يدمر مكانة الحزب الوطني في إسكتلندا هو سحب إدارة حزب العمال والسماح للمحافظين بالعودة مرة أخرى. وسيكون ذلك حافزًا قويًا للتصويت لصالح حزب العمال بشأن الميزانيات والقوانين الأساسية الأخرى المتعلقة بالحزب. وهذا قد يكون السبب في شعور “إد ميليباند” بالقدرة على استبعاد أي نوع من التحالف الرسمي مع الحزب الوطني الإسكتلندي.

4- تذكّر التصويت لصالح حزب الاستقلال في إسكتلندا في العام الماضي. وربما يكون هناك استطلاعات تشير إلى تفوق حزب أو آخر في الأيام الأخيرة. وحتى يتغيّر الاستطلاع المجمّع لكل الاستطلاعات الأخرى، كن حذرًا من تحميل هذه الاستطلاعات أي دلالات أخرى. لم يُحسم الأمر بعد.

5- أيًا كان الصخب والإثارة في الأيام القليلة الأخيرة من الحملة الانتخابية، فمن غير المرجح أن يُحدث ذلك فرقًا كبيرًا. قد يتغير المشهد السياسي من قِبل الوافدين الجدد مثل حزب الاستقلال، ولكنّ التصورات العامة الراسخة لا تميل إلى التحول للإعلان السياسي الأخير. في الواقع، فإن الغالبية العظمى من السكّان تتجنب مشاهدة الحملة الانتخابية. وصول الطفل الملكي الجديد قد يزيد من التغطية على الحملة الانتخابية الأخيرة.

6- الوعود الانتخابية سرعان ما تنتهي من خلال تعامل الحزب الحاكم مع الآخرين للحصول على الدعم فقط. تعهد حزب المحافظين بسنّ قانون ضد أي ارتفاع في الضرائب الشخصية للسنوات الخمس المقبلة من المرجح أن يكون مجرد وعد لن يتحقق عند قيادة الحكومة المقبلة.

7- اتجاهات استطلاع الرأي الرئيسة لم تتغير على مدى الشهرين الماضيين. ما تغيّر بصورة ملحوظة هو معدلات التقييم الشخصية لــ ميليباند وسترجون (تقييمات مرتفعة). هل يكون ذلك حاسمًا؟ من يدري!

8- يبقى تقدم حزب المحافظين من حيث الكفاءة الاقتصادية، وهذا سيؤخذ بعين الاعتبار. لكنّ الحملات السلبية -“الكفاءة لا الفوضى”، وغيرها- قد تكون غيّرت ذلك من خلال الفشل في الاعتماد على رسالة إيجابية قوية للتصويت لصالحهم. وكان هناك استطلاع للرأي أجراه اللورد أشكروفت، في هذا الأسبوع، وقال: “يبدو لي أنّه إذا كانت إحدى مشاكلك كحزب أن بعض الناخبين الذين تحتاج إليهم يعتقدون أنك حزب ( سيئ)”، إذن؛ شنُّ هجمات شخصية ضد خصمك ليس أفضل وسيلة للحصول على الأصوات“.

9- إذا لم يحصل حزب المحافظين على أعلى نسبة من الأصوات، فإنّ كاميرون سيكون موضع ثناء كبير. وبعد إدارة حملة انتخابية أفضل مما كان متوقعًا، فإنّ ميليباند هو الآخر قدّم أداءً مرضيًا.

10- وتأتي الغالبية العظمى من وسائل الإعلام المطبوعة في صالح حزب المحافظين أو تكرار لتحالفهم مع حزب الديمقراطيين الأحرار. لكنها لا تمتلك قوة الصحافة في التأثير على الأصوات الأقل فعّالية. تعرض ميليباند لانتقاد شديد بسبب الموافقة على مقابلة مع الممثل الكوميدي راسل براند. ولكن، لديه ما يقرب من 10 ملايين متابع على موقع تويتر.

11- إذا لم يتمكن أي حزب من الحصول على تأييد كافٍ لاجتياز اللائحة التشريعية في “خطاب الملكة” في يونيو أو يوليو القادمين، يمكننا إذن مشاهدة انتخابات أخرى لن يحصل فيها حزب المحافظين على أي تمويل حقيقي للقتال من أجله.

12- المبرر الرئيس لنظام الحزب السياسي الفائز بأعلى نسبة أصوات في بريطانيا لا يعكس التصويت من حيث المقاعد البرلمانية، ويقدم حكومة مستقرة يديرها حزب واحد. والآن، لا يقدم هذا الاستقرار؛ فهل يمكن إثارة النقاش مرة أخرى حول إصلاح النظام الانتخابي؟ لا يوجد أي دليل على ذلك حتى الآن؛ لأن الأحزاب الكبيرة تعرف أنّها ستحصل على مقاعد أقل.

13- هل ستكون حكومة الأقلية سيئة للغاية؟ الإدارات ذات الأغلبية الكبيرة تسن قوانين بشراسة؛ لأنها تستطيع ذلك، وتتدخل في كل ركن من أركان الحياة. هل ستكون قلة عدد القوانين، نظرًا أنّه سيتم الاتفاق عليها مع الآخرين، سيئة إلى هذا الحد؟ جزءٌ كبيرٌ من أوروبا معتاد على حكومة ائتلافية من دون كوارث. والطبيعة المترابطة للاقتصاد العالمي، وقوة الأسواق المالية؛ تضمنان ألا يقوم أي شخص بحماقة أخرى.

التقرير