دخلت العمليات العسكرية لتحرير محافظة الحديدة غربي اليمن منعطفا حاسما بعد اقتراب قوات الشرعية بقيادة التحالف العربي من أطراف المدينة التي تشكل شريان الحياة للحوثيين، وانتزاعها يفتح الباب أمام الشرعية لتحرير بقية المدن اليمنية وخاصة العاصمة صنعاء.
وحققت قوات الشرعية مؤخرا تقدما نوعيا بعد تحرير مساحات واسعة على امتداد المناطق الساحلية المتصلة من المخا غرب تعز إلى مديرية الدريهمي التي تمثل البوابة الجنوبية لميناء ومدينة الحديدة، ولا تبعد سوى عشرين كيلومترا فقط عن مركز المدينة.
وبالتزامن مع هذا التقدم، كشفت مصادر مقربة من الشرعية مقيمة في الرياض لوسائل إعلام عربية عن ضوء أخضر أميركي للتحالف العربي -الذي تقوده السعودية والإمارات- للسيطرة على ميناء الحديدة الإستراتيجي، مشيرة إلى تحول في المواقف الدولية الداعمة للتحالف في ما يخص استعادة الحديدة.
وقال قائد عمليات جبهة الساحل الغربي أبو زرعه المحرمي للجزيرة نت إن قواتهم متأهبة الآن لدخول مدينة الحديدة في أي لحظة وهي على مسافة بضعة أمتار من المدينة، وأضاف أن “كثافة الألغام التي زرعتها مليشيات الحوثي هي فقط التي تؤخر هذا التقدم نحو المدينة”.
أهمية كبرى
وتعد محافظة الحديدة محور ارتكاز قوة الحوثيين اقتصاديا وعسكريا بما توفّره من عوائد مالية، فضلا عن كونها منفذا لتهريب الأسلحة وتقنيات الصواريخ والخبراء. وسواحلها مثلت على مدار ثلاث سنوات بوابة انطلاق للحوثيين لشن هجماتهم على سفن التحالف في البحر.
وتكتسب المحافظة أهمية استثنائية في العمليات العسكرية للطرفين المتصارعين باعتبارها المدينة الأهم الخاضعة للحوثيين بعد العاصمة صنعاء، وهي واحدة من أهم المعارك للقوات الموالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي لقطع آخر اتصال لهم مع البحر عبر انتزاع الميناء الذي يعد ثاني أكبر الموانئ اليمنية.
ويقول الباحث اليمني المختص في النزاعات المسلحة علي الذهب إنه إذا نجحت الحكومة الشرعية والتحالف في السيطرة الفعلية على الحديدة، فسيعني ذلك تحوّلا جوهريا في موازين القوى على الأرض لصالح الشرعية وتجريد الحوثيين من آخر ورقة ضغط على التحالف لحمله على الرضوخ لشروطهم في أي حل مستقبلي للأزمة.
وصرح للجزيرة نت بأن معركة استعادة الحديدة ستكون منعطفا هاما في مسار الحرب، إذ إن خسارة الحوثيين لها يعني انتقال الثقل الذي تمثله المدينة إلى طرف الصراع الآخر. وهو يرى أن الحديدة كانت تاريخيا بوابة دخول صنعاء، وأنه سينتج عن السيطرة عليها تداعيات عسكرية وسياسية واقتصادية.
أمد المعارك
غير أن بعض المحللين يرون أن الواقع الميداني لمسار معارك الساحل يشير إلى أن معركة الحديدة ستطول، وأن الحوثيين ما زالوا هم من يحدد أسلوب المعارك مع التحالف ويفرض رؤيته عليه عبر السيطرة على الطرق الرئيسية والهامة والإستراتيجية.
وقال أستاذ إدارة الأزمات في جامعة الحديدة نبيل الشرجبي إن عدم تمكن قوات الشرعية من حسم معارك الساحل عبر الطرق الرئيسية والهامة اضطر التحالف لتنفيذ عمليات التفاف أو شق طرق جانبية، وهو أمر مرهق ومكلف يطيل أمد المعارك. وهو أيضا يعني -بحسب الشرجبي- أن التحالف ما زال بحاجة إلى عمليات أخرى كثيرة لحسم معركة الساحل الغربي.
وقال في حديث للجزيرة نت إن معارك الساحل لا تعني بأي حال من الأحوال أنها نقطة تحول عسكري، لكنها قد تكون نقطة تحول اقتصادي لصالح الشرعية إذا استمرت وتيرة تلك المعارك بهذا الدفع نفسه وتم تأمين الحديدة ومينائها.
وبينما أكد على أهمية معركة الحديدة من الناحية الإستراتيجية إذا ما تم تحريرها وتسليمها للشرعية، وتأمين خطوط تهريب الأسلحة بحرا إلى اليمن، وتأمين سلامة الملاحة العالمية في المنطقة، قال الشرجبي إن ذلك لا يشكل منعطفا في معركة تحرير اليمن ككل من سيطرة الحوثيين.
وأضاف أنه لبلوغ ذلك يتعين جعل الطرف الآخر يقدم تنازلا حقيقيا وكاملا والرضوخ للسلام، أو السيطرة على مركز صناعة القرار لذلك الطرف.
المصدر : الجزيرة