أزمة المياه في العراق بين الحقيقة والتهويل

أزمة المياه في العراق بين الحقيقة والتهويل

بين تحذير المسؤولين و”التهويل” الإعلامي، يعاني العراق من أخطر أزمة جفاف تهدده من جهتين؛ الأولى في نهر الزاب الصغير الذي قطع من قبل السلطات الإيرانية، والثانية في الفرع الرئيسي من نهر دجلة الذي يغذي وسط وجنوب العراق عبر سد الموصل بسبب بدء تركيا ملء سد إليسو.

فقد حذر مسؤولون وخبراء مياه في العراق من انخفاض منسوب نهري دجلة والزاب الصغير بشكل مفاجئ بسبب بناء السدود في دول المنبع (إيران وتركيا).

واتهمت سلطات مياه محافظة السليمانية إيران بإنشاء سد كولسه في منطقة زردشت، مما أدى إلى انخفاض منسوب المياه في نهر الزاب إلى نحو 80 سنتيمترا مكعبا.

وقال المدير العام للسدود في وزارة الزراعة والموارد المائية في إقليم كردستان أكرم أحمد إن سكان قضاء قلعة دزة استيقظوا على انخفاض كبير في منسوب المياه، بعد إنشاء السلطات الإيرانية لسد كولسه، مما يهدد بأزمة مائية لنحو تسعين ألف نسمة في المنطقة، حسب قوله.

وأضاف -في اتصال هاتفي مع الجزيرة- أن الوضع سيئ جدا، وأوضح أن السكان يجدون صعوبة في الحصول على مياه الشرب، مع تضرر المزارعين، بالإضافة إلى نفوق جزء كبير من الثروة السمكية، واصفا الوضع بأنه كارثة بيئية وإنسانية.

وذكر المسؤول الكردي أنه ليس لديهم مشكلة في أن تبني إيران السدود، ولكن المشكلة في قطع المياه، وأضاف أن الواردات من نهر الزاب قبل المشكلة كانت تصل إلى 140 مترا مكعبا في الثانية، لكنها الآن عند 56 مترا مكعبا بالثانية فقط، في انخفاض يبلغ نحو 70%”.

وأشار أكرم أحمد إلى أن القانون يسمح بتخزين المياه من منتصف أكتوبر/تشرين الأول حتى نهاية يونيو/حزيران، لكن السلطات الإيرانية قطعت المياه في بداية الشهر الجاري، معتبرا ما حصل “انتهاكا للعرف الدولي”.

وأنهى حديثه للجزيرة قائلا “قطع المياه من قبل إيران ليس الأول من نوعه، فقد حصل أيضا العام الماضي”.

مشاكل المياه قديمة
في السياق قال مستشار وزارة المصادر المائية ظافر عبد الله إن المشاكل المائية مع إيران وتركيا ليست وليدة اللحظة، لكن في هذه الفترة الأمر بدأ يتفاعل بسبب الظروف المناخية وقلة تساقط الأمطار، متمنيا ألا تكون الإجراءات الأخير أبعادها ودوافعها سياسية، حسب قوله.

ويحدد البروتوكول العراقي التركي حصة العراق بـ58% ولسوريا 42% من حصة 500 مليار متر مكعب، بعد بناء تركيا سدودا عملاقة على نهر الفرات.

أما إيران، فقد أكد عبد الله للجزيرة عدم وجود خطط بين العراق وإيران في ما يتعلق بالمياه، وأضاف “تتأثر الأهوار بسبب قطع المياه من قبل إيران، فالمياه القادمة من هناك تتجه أحيانا لشط العرب”.

وأكد المستشار المائي وجود تهويل إعلامي من قبل كثير من الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي في انحسار منسوب نهر دجلة، نافيا الأنباء التي تتحدث عن إمكان عبور النهر سيرا على الأقدام.

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد حذر في مؤتمره الصحفي من معلومات وصفها “بالمضللة” بشأن انحسار منسوب نهر دجلة.

وتؤكد مصادر في وزارة الموارد المائية العراقية أن تركيا لم تسيطر على مجرى نهر دجلة إلا في بداية الشهر الحالي، أي قبل عدة أيام، متوقعة أن يقلل ذلك من إيرادات مياه دجلة، مما يؤثر على وضع المياه في العراق.

وحول تبليغ السلطات التركية للجانب العراقي ببناء سدود في الأراضي التركية قبل نحو خمس سنوات، قال عبد الله “نعم تم إبلاغنا، لكن كل الأعراف والقوانين الدولية تثبت وتؤكد أن دول المنبع لا يجب أن تؤثر على دول المصب في إنشاء الهياكل أو التراكيب أو حتى السدود، من دون التشاور مع دول المصب، وهذا ما لم يحصل”.

وأضاف أن التبليغ من قبل السلطات التركية جاء من باب إسقاط الفرض، أي بعد بدء عمليات البناء الذي بدأ قبل نحو ثلاثة أشهر، مشيرا أن ذلك سيؤثر على الزراعة في بعض المناطق في العراق.

ويتوقع خبراء مياه أن يمر العراق في موجة جفاف كبيرة بعد انخفاض منسوب مياه نهري دجلة والفرات لأسباب عدة. وتشير التقديرات الحكومية إلى أن حاجة العراق السنوية تصل إلى نحو 60 مليار متر مكعب من المياه.

ناصر شديد

الجزيرة