بيع الصواريخ الروسية إلى إيران ينطوي على صفقات سرية مع إسرائيل

بيع الصواريخ الروسية إلى إيران ينطوي على صفقات سرية مع إسرائيل

A Proton-M rocket, carrying a Nimiq 6 communication satellite is raised to the launch pad at the Russian leased Kazakhstan's Baikonur cosmodrome, on May 14, 2012. The launch of the Proton-M has been scheduled for May 17, the Russian media reported. AFP PHOTO

عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن خطط لبيع نظام مضاد للصواريخ إلى إيران قبل رفع العقوبات الدولية، في الشهر الماضي، سارعت إسرائيل للانضمام إلى الولايات المتحدة في التعبير عن الصدمة والغضب.

ولكن، وراء هذه الإعلانات العامة شبكة غير معروفة من مفاوضات الأسلحة والدبلوماسية السرية. في السنوات الأخيرة، اشتركت إسرائيل وروسيا في صفقة معقدة، مع بيع إسرائيل لطائرات بدون طيار لروسيا وبقائها محايدة تجاه أوكرانيا وتمني درء التطور العسكري الإيراني. ربما لم تنته هذه الصفقة بعد.

يقول منتقدو هذه الخطوة الروسية إنّها تقوّض الجهود الرامية إلى ممارسة الضغط على إيران من خلال إزالة كتلة واحدة من نظام العقوبات، والتي سيكون من الصعب وضعها معًا مرة أخرى. كما أن هذا من شأنه تعزيز الدفاعات الإيرانية ضد أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي محتمل، كما قال كلا البلدين بأنّهما سوف يستخدمان القوة إذا فشلت الدبلوماسية.

وحذّر مسؤولون إسرائيليون، من بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أنّ الصواريخ، والمعروفة باسم S-300S، من شأنها أن توفر للجمهورية الإسلامية درعًا عسكريًا يشجع على اتخاذ قرارات سياسية سريعة، وأعربوا عن قلقهم أنّه يمكن أن تنتقل هذه الصواريخ إلى أيدي حلفاء إيران مثل حزب الله.

وقال آخرون إنّ الخطوة الروسية لا ينبغي أن تؤخذ على علاتها.

وقال كونستانتين ماكينكو، نائب رئيس مركز موسكو لتحليل الاستراتيجيات والتكنولوجيا، إنّ: “الإعلان العام عن احتمال بيع صواريخ S-300 إلى إيران ليس أكثر من مجرد إشارة سياسية تهدف إلى تحفيز الولايات المتحدة في تقييد عمليات نقل الأسلحة إلى أوكرانيا. وعلى أية حال، فإنّ تسليم صواريخ S-300 لإيران لا يزال ورقة مساومة بين موسكو والولايات المتحدة وإسرائيل في محادثات حول مجموعة واسعة من القضايا“.

أوكرانيا

واحدة من تلك القضايا هي حياد إسرائيل تجاه أوكرانيا؛ حيث شنّ الانفصاليون الذين تدعمهم روسيا الحرب على مدى العام الماضي. وامتنعت إسرائيل عن بيع الأسلحة للحكومة في كييف، والتي تدعمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على أمل إبقاء صواريخ S-300 الروسية بعيدًا عن إيران، ولكنها تعيد النظر في هذا الموقف.

وقالت سارة فاينبيرغ، باحثة في معهد تل أبيب لدراسات الأمن القومي: “تعرضت إسرائيل إلى كثير من الضغط لعدم الانضمام للإجماع الغربي حول الأزمة الأوكرانية. لقد كان قرارًا صعبًا للحكومة الإسرائيلية، التي كانت تشعر بالقلق إزاء احتمال تحركات انتقامية من روسيا في الشرق الأوسط -مثل بيع صواريخ S-300 إلى إيران”.

في 18 من أبريل، حذّر بوتين إسرائيل من بيع الأسلحة إلى أوكرانيا؛ معتبرًا أنّ ذلك “سيؤدي إلى دوامة أخرى من المواجهة، وسقوط المزيد من الضحايا البشرية، والنتيجة ستكون نفسها”.

استيراد الطائرات بدون طيار

هناك أسباب لقلق بوتين بشأن مبيعات الأسلحة الإسرائيلية إلى أوكرانيا، بما في ذلك طائرات بدون طيار. في أكتوبر الماضي، زار وزير الخارجية الأوكراني “بافلو كليمكن” إسرائيل وأخبر الصحفيين المحليين أنّ بلاده مهتمة جدًا باستيراد الطائرات بدون طيار من إسرائيل، وخاصة لمراقبة اتفاقيات وقف إطلاق النار مع الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا.

وبعد شهر واحد فقط، ذكر التليفزيون الإسرائيلي (القناة 2)، أنّ شركة إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء، أكبر منتج في البلاد لطائرات بدون طيار، وافقت على بيع الطائرات بدون طيار لأوكرانيا. وقالت “القناة 2″ إنّ الصفقة تعثرت بسبب المعارضة من داخل الحكومة الإسرائيلية، دون ذكر أي مصادر.

وقال مسؤول إسرائيلي، لم يكن مخولًا لمناقشة هذه المسألة بشكل علني، إنّ صفقة بيع طائرات بدون طيار إلى أوكرانيا أُلغيت بعد أن أجرى بوتين اتصالًا هاتفيًا مع نتنياهو أبدى فيه اعتراضه. ورفض مكتب نتنياهو ووزارة الدفاع الإسرائيلية وشركة إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء التعليق. ولم يرد ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، على الرسائل التي تطالبه بالتعليق.

وفي حين أنّ أوكرانيا لم تحصل على الطائرات بدون طيار من إسرائيل؛ إلّا أنّ روسيا تمتلك هذه الطائرات بالفعل، في صفقة سابقة تقول مصادر بأنّ لها علاقة مباشرة ببيع صواريخ S-300.

جورجيا

أعربت روسيا عن رغبتها في شراء طائرات بدون طيار من إسرائيل بعد الظهور ضدها خلال حرب عام 2008 مع جورجيا. في عام 2010، أبرمت روسيا صفقة لشراء 15 طائرة بدون طيار من شركة إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء، وإقامة مشروع مشترك لإنتاج تكنولوجيا الطائرات بدون طيار.

وقال مسؤول إسرائيلي مُطّلع على هذه المسألة إنّ صفقة الطائرات بدون طيار مع روسيا اشتملت على مقايضة غير مكتوبة في بنود الصفقة: ستتم الصفقة فقط إذا أوقفت الكرملين بيع صواريخ S-300 إلى إيران. والآن، بعد حصول روسيا على التكنولوجيا الإسرائيلية؛ فإنّ ذلك الوعد لم يعد من ضمن العوامل في الاعتبارات الروسية.

وقالت فاينبيرغ: “إرسال طائرات بدون طيار أو أسلحة أخرى إلى أوكرانيا سيكون ردًا إسرائيليًا غير مؤثر وغير منطقي لروسيا التي تبيع صواريخ S-300 لإيران. الأمر الأكثر فعّالية لإسرائيل هو تجنب الحياد السياسي حول النزاع الأوكراني، أو اتخاذ إجراءات في الشرق الأوسط ضد الحلفاء الإقليميين لروسيا مثل نظام بشار الأسد في سوريا”.

50 عميلًا

تقول شركة إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء إنّها تبيع الطائرات بدون طيار إلى 50 عميلًا على مستوى العالم، لكنها لن تقدم أي أرقام حول حجم المبيعات. إسرائيل هي أكبر مُصدّر عالمي لمنتجات وخدمات الطائرات بدون طيار، وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وتُقدّر المجموعة الاستشارية “فروست أند سوليفان” أن الطائرات بدون طيار الإسرائيلية حققت ما لا يقل عن 4.6 مليارات دولار من مبيعات التصدير في الفترة من 2005-2013.

في 23 من أبريل، تراجعت روسيا عن إعلانها السابق ببيع صواريخ S-300 إلى إيران، وقال نائب وزير الخارجية الروسي “سيرجي ريابكوف” لوكالة أنباء إنترفاكس: إنّ عملية التسليم لن تحدث قريبًا، إلا بعد حل القضايا السياسية والقانونية.

وفي 16 من أبريل، أثناء لقائه على التليفزيون الروسي، اعترف بوتين بأنّ الاعتراضات الإسرائيلية قد أحبطت عملية البيع المتحمل لصواريخ S-300 لدول أخرى في الشرق الاوسط، وخاصة سوريا.

يشير المحلل الروسي ماكينكو أنّ ما حدث بشأن بيع صواريخ S-300 كان في جوهره مسرحية سياسية. ومن المرجح أنّه وراء الستار تم الاتفاق على الإعلان عن رفع الحظر على بيع صواريخ S-300 مع إسرائيل. لذلك؛ فالرد الإسرائيلي على هذا القرار الروسي كان مجرد خدعة.

بلومبيرج – التقرير