بغداد – لفتت مصادر سياسية عراقية مطلعة إلى خطورة تعرض مناطق يفترض أنها حررت من داعش إلى اعتداءات ضد المواطنين محذرة من أن الانتصار على التنظيم ليس كاملا وأن ادّعاء الحكومة العراقية بذلك لن يخفي مواصلة التنظيم هجماته الإرهابية متفاوتة الحجم.
وأضافت المصادر أن تقاعس الدولة العراقية عن حماية أبنائها سيفتح البلاد أمام حملة تسليح ذاتي تروّج لمنطق الميليشيات بشكل مواز لمؤسسات الدولة المركزية الأمنية والعسكرية.
وطالبت قبيلة شمر، الأكبر في العراق، حكومة بغداد بتسليح أبنائها للدفاع عن أنفسهم بعد عمليات قتل وخطف تعرضوا لها من قبل تنظيم داعش خلال الأيام القليلة الماضية في مناطق صحراوية وسط البلاد.
وتخشى قبيلة شمر أن يؤول مصيرها إلى مصير الصحوات التي شكلت من العشائر السنية في زمن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لمقاتلة تنظيم القاعدة وداعش، إلا أن حكومة المالكي سرعان ما تخلت عنهم بعد انتهاء المهمة.
ووجهت شمر رسالة إلى القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي طالبت فيها بإصدار قرار بتشكيل لواء من أبنائها لمواجهة داعش ردا على حادثة الحضر التي قتل فيها 6 من أفرادها بكمين لداعش.
وقالت القبيلة في بيان “ندين الاستهداف الغادر والجبان لميليشيا داعش الإرهابية التي أقدمت قبل يومين على استهداف كوكبة من أبناء شمر المدنيين بعد أن خطفوا وتم قتلهم في بادية الجزيرة وهم عزل، وارتفعت أرواحهم شهداء إلى ربها تشكو ظلم داعش وظلم السلطات التي لم توفر لهم الأمان ولم تفتح لهم باب التطوع ليدافعوا عن أنفسهم”.
وقال عبدالله حميدي عجيل الياور كبير شيوخ القبيلة، التي تمتد بين سوريا والسعودية، في بيان “نحمل القوات الأمنية مسؤولية حماية المدنيين (…) وعجزها عن ذلك يعد تقصيرا في أداء الواجب”.
وقبيلة شمر موالية للحكومة العراقية، وحاربت الجهاديين إلى جانبها على مدى السنوات الثلاث الأخيرة.
ورأت مراجع عراقية مراقبة أن تحول الإرهاب من شكله السابق بعد احتلال الموصل إلى شكله التقليدي المهدّد لأمن المناطق وأبنائها، يعدّ نكسة حقيقية لكل الجهود التي بذلت بمساعدة دولية لإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش.
وأعلن العراق “النصر” على تنظيم داعش في ديسمبر الماضي. وتراجعت معدلات العنف في البلاد بشكل كبير بعد المعارك التي خاضتها القوات العراقية طوال ثلاث سنوات تمكنت خلالها من استعادة المناطق التي سيطر عليها الجهاديون العام 2014.
وبعد خسارتهم الكبيرة، فقد الجهاديون السيطرة على المناطق التي كانت خاضعة لهم، وخصوصا الموصل في شمال البلاد، وانسحبوا إلى المناطق الصحراوية مستغلين الجغرافيا الصعبة لتلك المناطق بغية شن هجمات.
وتعهد الياور في البيان بالتصدي “للظلم والإرهاب والتعدي مهما كان مصدره، بالحكمة والحزم”، مشددا في الوقت نفسه على رفض الإساءة إلى دين الله “وأن يستغل من الجماعات المغالية والمتطرفة والإرهابية لطرد الناس منه”.
وترى بعض الآراء أن لجوء الأهالي إلى التسلّح سيصب في أهداف الإرهابيين لجهة تفكيك الدولة وتهديد اللحمة الاجتماعية الداخلية وتعبيد الطريق نحو حرب أهلية بين من يحملون السلاح بحجة الدفاع عن النفس.
وحذر الياور من أنه “إذا لم تستطع القوات الأمنية السيطرة على هذه المساحات التي يقطنها أبناء شمر وغيرهم من أبناء القبائل والعشائر العربية الأصيلة، فليأمر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي بفتح باب التطوع في سلك الجيش وتشكيل لواء من أبناء المناطق لحماية أنفسهم”.
وتعيد مسألة المطالبة بالتسلّح الذاكرة إلى عهد تشكّل ميليشيات الصحوة أو مجالس الإسناد والإنقاذ وهي تشكيلات عشائرية سنية أقيمت للمساعدة في مواجهة محلية لتنظيم القاعدة.
وقد تم إهمال هذه “الصحوات” بعد القضاء على داعش وقاومت حكومة بغداد مطالب إدماجهم داخل المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية العراقية.
وتعرض أبناء قبيلة شمر لسلسلة استهدافات من قبل عناصر تنظيم داعش كان آخرها اختطاف سائق حافلة صغيرة في قرية وادي الصفاء قرب تلول الباج شمال محافظة صلاح الدين مساء الثلاثاء.
وتشهد المناطق الصحراوية في وسط العراق تزايدا في تحركات التنظيم الجهادي. وعثر مؤخرا على جثث سبعة من رعاة الأغنام من بين ثلاثين شخصا من عشائر شمر كانوا تعرضوا للخطف في منطقة تقع بين الشرقاط والحضر، شمال بغداد.
العرب