طهران – وعد الرئيس الإيراني حسن روحاني شعبه، الثلاثاء، بمعالجة الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأميركية الجديدة، وذلك بعد يوم من تجمهر تجار أمام البرلمان احتجاجا على التراجع الحاد في قيمة العملة المحلية.
يأتي هذا فيما يعتقد مراقبون أن روحاني سعى إلى القفز على حالة عميقة من القلق داخل السلطة بطمأنة الإيرانيين بأن الأموال موجودة وأن الأساسيات متوفرة، وأن الهدف التأكيد على أن العقوبات الجديدة الناجمة عن تدخلات طهران في محيطها الإقليمي وتمسكها بدعم الميليشيات لا تأثير لها في ضوء دعوات واسعة لوقف التدخلات الخارجية واستثمار الأموال في حل أزمات المواطن الإيراني.
وذكرت وكالة أنباء فارس أن أجزاء من منطقة البازار في طهران دخلت في إضراب لليوم الثاني وأن المحتجين رددوا شعارات مناهضة للحكومة في الشوارع المحيطة.
ووسط أجواء الاستياء من الوضع الاقتصادي، اندلعت مواجهات محدودة بعد ظهر الاثنين بين العشرات من الشبان وقوات الأمن في وسط العاصمة. وفي شكل مواز، انتشرت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر على ما يبدو مواجهات أخرى بين محتجين وعناصر شرطة في طهران.
وقال روحاني مدافعا عن سجله الاقتصادي في كلمة بثها التلفزيون الرسمي على الهواء مباشرة، إن دخل الحكومة لم يتأثر في الأشهر القليلة الماضية وإن تراجع الريال سببه “دعاية الإعلام الأجنبي”.
وأضاف في كلمة بثها التلفزيون الإيراني على الهواء مباشرة “حتى في أسوأ الأحوال، أعد بتوفير الاحتياجات الأساسية للإيرانيين.. لدينا ما يكفي من السكر والقمح وزيت الطعام. لدينا ما يكفي من العملة الصعبة لضخها في السوق”.
وستبدأ واشنطن خلال أشهر إعادة فرض عقوبات اقتصادية على طهران بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاق بين القوى العالمية وإيران يقضي بتخفيف العقوبات مقابل قيود على البرنامج النووي الإيراني.
وربما تؤثر هذه العقوبات على إيرادات إيران من العملة الصعبة من صادرات النفط مما قد يدفع الإيرانيين إلى التكالب على تحويل مدخراتهم إلى الدولار.
ويشير مراقبون إلى أن تخوف السلطات الإيرانية يعود بالأساس إلى تجدد الاحتجاجات بخلفية اقتصادية اجتماعية، وهو ما يحيل على أن المواطن الإيراني لم يعد يخشى القبضة الأمنية وخطاب التخوين والعمالة للخارج، وهو الخطاب الذي نجحت به طهران في تخويف مواطنيها وإسكات أصواتهم لسنوات طويلة.
وقال هؤلاء إن رفع شعارات تطالب بالانسحاب من العراق وسوريا ووقف تمويل الميليشيات في لبنان واليمن يثير صدمة قوية داخل السلطات لأنه يفيد بوجود تحدّ شعبي لخيار تصدير الثورة الذي بدأه آية الله الخميني ويستمر فيه المرشد الحالي علي خامنئي، ما يدفع المحافظين إلى المزيد من التشدد ضد الشارع الإيراني.
وحذر رئيس السلطة القضائية آية الله صادق لاريجاني، الثلاثاء، من أن عقوبة الإعدام والسجن 20 عاما في انتظار المدانين بالمشاركة في الإخلال بالشؤون الاقتصادية في البلاد.
ونقلت وكالة أنباء فارس عنه قوله “يحاول العدو الآن تخريب اقتصادنا عن طريق عملية نفسية. حاول البعض في الأيام الماضية إغلاق البازار لكن الشرطة أحبطت مؤامرتهم”.
وقال مدعي المحاكم العامة والثورية بطهران عباس جعفري دولت آبادي إنه تم اعتقال بعض مثيري أعمال الشغب التي وقعت في منطقة البازار، الاثنين، وإنه لن يطلق سراحهم إلى حين محاكمتهم.
وكان المحتجون قد أطلقوا في يناير الماضي شعارات ضد ثورة الخميني، وطالبوا بسقوط خامنئي وروحاني، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي يقف وراء تدخل إيران في الأزمات الإقليمية، والذي يتهم على نطاق واسع بأنه المساهم الأول في تبديد أموال الإيرانيين على معارك طائفية.
وتطبق الحكومة الإيرانية خططا جديدة للسيطرة على ارتفاع الأسعار من بينها حظر استيراد أكثر من 1300 منتج حتى تهيئ اقتصادها لمقاومة العقوبات الأميركية.
وقال روحاني إن العقوبات الأميركية الجديدة جزء من “حرب نفسية واقتصادية وسياسية” مضيفا أن واشنطن ستدفع ثمنا أفعالها غاليا.
وأضاف “الانسحاب هو أسوأ قرار كان من الممكن أن يتخذه ترامب. إنه مروع. أضر بسمعة أميركا عالميا”.
وفي ديسمبر امتدت المظاهرات التي بدأت بسبب الصعوبات الاقتصادية لأكثر من 80 مدينة وبلدة إيرانية. ومات ما لا يقل عن 25 شخصا في الاضطرابات الناجمة عن ذلك خلال أكبر تعبير عن الغضب الشعبي منذ نحو عشر سنوات.
العرب