(أجل.. لم يكن العراق مسلما ولا الكويت مسلما ولا الحجاز مسلما..)
تلك العبارة بين القوسين مقطع ورد في خطبة الدكتور الايراني محمد مهدي كما أذاعه صوت الثورة الإسلامية بتاريخ 17\3\1979 من عبادان .. وعبادان مدينة تقع في محافظة خوزستان حسب تسمية الشاه رضا بهلوي لمنطقة (عربستان ) وهي إحدى محافظات ايران الاحدى والثلاثين ومركزها مدينة الأحواز المُحتلّة من قبل أحفاد اسماعيل الصفوي ووارثي حقد وغدر جدّه ابن العلقمي..وللأحواز وأهلها حكاية.. بل حكايات سنرويها في القادم من المقالات ..
*اذاً بلادنا عند مُنظّري الشيعة وأكاديمييهم كما بعض عوامّهم ليست بلادا اسلامية وبالتالي (فاحتلال ايران لبلادنا أمر مُستحقّ ومُبرّر بهدف تطهيرها منّا نحن (نحن السُنّة)) .. وهي ما تضمنّته العبارة التي كُتبت على سور المدرسة..
*عن أي مدرسة تتحدثين ؟
بعض الجواب هنا:
الخبر يقول:
ذكرت صحيفة الوطن الكويتية أن عمليات الداخلية تلقت بلاغا عن وجود عبارة مكتوبة على سور مدرسة الوليد بن عبدالملك في منطقة الفردوس تقول:
(إيران سوف تغزو الكويت(….
وتضيف الصحيفة:
(على الفور توجه عناصر جهاز أمن الدولة والنجدة والأمن العام إلى المكان وفرضوا طوقا أمنيا حول مبنى المدرسة وتم استدعاء الأدلة الجنائية ورفع البصمات للتوصل من خلالها للفاعل(....
ولفتت الصحيفة إلى أن العبارة قد أُزيلت من على سور المدرسة بهدف “عدم تعقيد الموقف واتُّخذت الإجراءات حيال الواقعة”.
*نُشر هذا الخبر بتاريخ 15/5/2010م، والذي جذب انتباهي له، ذلك التحرّك الأمني الجاد السريع من أجل عبارة كُتبت على سور إحدى المدارس.
*يا أهلنا في الكويت، هنالك ما هو أهم من الكتابة على جدران المدارس..
إيران وأذنابها كتبوا عباراتهم في كل بُقعة وفي كل مؤسسة، وفي كل حيّ ، وفي كل (فريج) ، وبات نفوذهم ينذر بكارثة في الكويت والمنطقة بأسرها، إذا لم يتم وقف التمدد الصفوي بمعونة الطابور الخامس الذي يرتع في بلادٍ ليس له أدنى حدّ من الانتماء لها، فولاؤه لمرجعيات “قم”.
*وحُق لنا في تتمة سلسلة المشروع الإيراني في الكويت أن نتساءل:
لماذا نجحت إيران والموالون لها في الكويت في الوصول إلى هذا الحجم من التمدد؟
يمكننا حصر هذه الأسباب في النقاط التالية:
أولًا: تهاون الحكومات في منح الجنسية الكويتية، وتقريب الرموز الشيعية:
وهو أمر ليس وليد المرحلة الراهنة، وله جذوره في الثمانينيات وقبلها، ويكفي في سياق التأكيد على هذه النقطة، أن الشيخ أحمد بن جابر الصباح، قد عهد إلى الشيعي (عزة جعفر) بتعليم أبنائه، وأنشأ علاقات حميمة بأعيان الشيعة ومنحهم الجنسية الكويتية.
وذكر صاحب كتاب “أأيقاظ قومي أم نيام” أن الوزراء الذين عيّنهم جابر الأحمد، فعلوا ثلاثة أمور:
أولها طبع الوزارات بالطابع الشيعي من الوزير إلى الخدم والمراسلين.
ثانيها أنهم كانوا في صف إيران إبّان حربها مع العراق مخالفين بذلك توجه الحكومة الكويتية.
وثالثها أن السلطات العراقية ضبطت نجل الوزير الكويتي عبد المطلب الكاظمي، وهو يوزع منشورات سرية في أوساط الشيعة بالبصرة تدعوهم للثورة على النظام العراقي وأنظمة الخليج.
وفي الوقت الذي كان عبد العزيز بوشهري يتولى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، كان ابنه يقاتل في صفوف الحرس الثوري الإيراني وقُتل في معركة “ديزفول”.
ولا يكاد يخفى على متابعي الشأن الكويتي أن رئيس الوزراء السابق الذي أطلق عليه البعض “ظل إيران في الكويت” تم التمسك به في تشكيل ثمان وزارت، الأمر الذي يدل على قوة النفوذ الإيراني في الكويت.
*وقد سبق لـ 18 نائبا في مجلس الأمة، أن صوّتوا لصالح عدم التعاون مع رئيس الوزراء ناصر المحمد الصباح على خلفية اتّهامه بالانحياز لإيران، ومن المعلوم أن طلب عدم التعاون يوازي حجب الثقة.
ثانيا: الرؤية الكويتية في الحاجة لعلاقات اقتصادية مع إيران:
ترتبط الحكومة الكويتية، أو ربطت نفسها بعلاقات تجارية قوية مع إيران، وتعود العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى بداية السبعينيات، حيث وقّعت الدولتان عام 1971 مجموعة اتفاقيات ومعاهدات اقتصادية أهمها اتفاقية الترانزيت والتجارة.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2012م إلى 187مليون دينار كويتي أي ما يعادل (635.5) مليون دولار.
وفي يونيو الماضي صرح وزير النفط الكويتي علي صالح العمير، بأن بلاده تتطلع إلى توقيع اتفاق مع إيران للحصول على إمدادات الغاز الطبيعي الذي تشتد الحاجة إليه.
*في نوڤمبر 2014، قام وفد الصداقة الإيرانية الكويتية بزيارة طهران ووضع برنامج عمل للسنوات المقبلة يتضمن جميع أشكال التعاون والأنشطة والفعاليات الاجتماعية والثقافية وآلية عمل لذلك من خلال إنشاء اللجان الخمس؛ الاجتماعية والقانونية والثقافية والاعلامية والاقتصادية.
وفي نفس العام وتعليقا على زيارة أمير الكويت لطهران، رأى سفير الكويت لدى إيران مجدي الظفيري أن الزيارة تكتسب أهمية سياسية نظرا للظروف والتطورات في المنطقة، معتبرا أنها ذات استحقاق سياسي، وأنها نتاج عمل سياسي في العلاقات بين البلدين والتي مرت بعدة محطات من هامش الثقة والمنظور والعمل السياسي المشترك بينهما في قضايا ثنائية وإقليمية بشكل خاص.
وأكد الظفيري أن الكويت تنطلق في منظورها تجاه إيران من شعورها بالمسؤولية المشتركة في حفظ واستقرار منطقة الخليج، لذلك تتعامل الكويت في علاقتها بإيران من الإيمان بأن طهران شريك وقدر وجار وجزء من المسؤولية الجماعية لتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
فالكويت تقيم علاقات اقتصادية قوية مع إيران بدافع أمني، نظرا لموقع ونفوذ إيران في المنطقة، وهو ما فتح الطريق لتمدد إيران وأشياعها داخل الأراضي الكويتية.
ثالثا: المظلة السياسية التي يستفيد منها شيعة الكويت:
يرى المفكر الإسلامي الدكتور عبد الله النفيسي أن الصيغة السياسية المُتّبعة في الكويت تختلف عن غيرها من دول الخليج، من جهة أن الكويت بها دستور دائم منذ 1963م، وهنالك برلمان منتخب، وصحافة شبه حرة، وبالتالي هناك ملاءة سياسية يحتمي بها الصفويون بالكويت، يتكؤون على ذلك في التصعيد الدائم ضد أي إجراء لا يتفق مع مصالحهم، والصراخ بشعارات حقوق الإنسان والمواطنة والقانون وغير ذلك.
وليس المطلوب قطعا هو اتباع نهج القمع والتعسف السياسي مع شيعة الكويت، ولكن لا ينبغي التهاون مع من يثبت تورطه في العمل ضد الكويت، إلا أن الملاحظ هو أن التعسف السياسي لا يطال إلا أهل السنة وحدهم.
رابعا: رغبة الحكومة الكويتية في تحقيق الاستقرار:
فالشيعة مكوّن قوي ومُتنفّذ في الكويت، ويزيد من نفوذهم ذلك الانتماء والولاء الديني لمعظم الشيعة تجاه إيران.
فلذلك يسعى النظام الكويتي إلى تجنّب الصدام مع الشيعة ومَن وراءهم، فيمنحهم مزيدا من الحريات، ويتغاضى عن كثير من مواقفهم التي تضرّ بأمن الدولة وسلامة المجتمع.
العلاقة الكويتية الإيرانية في ظل الأحداث الجارية:
تحاول الكويت بقدر المستطاع إمساك العصا من المنتصف، ففي الوقت الذي تشارك فيه في العمليات العسكرية التي تقودها السعودية على الانقلاب الحوثي المدعوم من قِبَل إيران، باعتبارها جزءًا من نسيج مجلس التعاون الخليجي، تقوم في الوقت نفسه بالحفاظ على الُمناخ الهادئ في علاقتها بإيران، كان آخر مظاهره:
ذلك اللقاء الذي سُمّي بالأخوي خلال حفل العشاء الذي أقامه السفير الإيراني لدى الكويت علي رضا عنايتي السبت الماضي على شرف أعضاء رابطة الصداقة الكويتية الإيرانية والتي باركتها حكومة البلاد.
*وكانت السلطات الكويتية قد اعتقلت منذ أيام النائب المعارض وليد الطبطبائي لاتهامه إيران بممارسة ضغوط على دولته، لتنحية ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح والدفع محله بشخص له علاقات قوية مع إيران.
*وفي نفس الوقت بدت الكويت في أنها ترغب في إقامة علاقات طيبة مع تركيا، وهو ما لا ترغب فيه إيران، حيث قام أردوغان بزيارة الكويت أواخر الشهر الماضي، بما يبدو أنها محاولة تركية للتقارب مع بقية دول الخليج، سعيا منها لإيجاد رؤية موحدة تجاه الأزمة اليمنية والسورية أيضا.
مفاتيح الأمان للكويت تجاه المشروع الإيراني:
للأسف… لن يتحقّق الأمن والاستقرار الكويتي من خلال تلك السياسة الواهنة تجاه إيران..
ولن يتحققا إلا في ظل الانصهار الخليجي، فإلى الآن ورغم الأداء الطيب لدول المجلس تجاه الأزمة اليمنية، إلا أن المسافات بين دول الخليج ببعضها ما زالت قائمة، ولم تأخذ العلاقات بين الدول الأعضاء بعد شكل الاتحاد.
*إن الكويت وأي دولة من دول الخليج لن تحقق أمنها واستقرارها بمعزل عن ذلك الكيان، شرط التعاضد والاتحاد في كافة المجالات العسكرية والاقتصادية والرؤى السياسية…
*وعلى النظام الكويتي أن يدرك قيمة التيارات السُنية، فهي صمّام أمانٍ ضد توغل الفكر الشيعي، وهو ما أدركه النظام السعودي الجديد، الذي فتح ملفا جديدا للتعامل مع الجماعات الإسلامية، وأبطل قرار إدراج الإخوان في قائمة الإرهاب، فالتيار الإسلامي ورقة رابحة تحتاجها المملكة العربية السعودية في مواجهتها للمشروع الإيراني.
احسان الفقيه
صحيفة “شؤون خليجية”